العدد 1565 /31-5-2023
قاسم قصير

اعلن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط استقالته من رئاسة الحزب ودعا أمانة السر العام في الحزب للتحضير لعقد مؤتمر عام لحزب في الاسبوع الاخير من شهر حزيران الحالي لانتخاب رئيس جديد للحزب.

وهذه الاستقالة لم تكن مفاجئة كثيرا لانه منذ عدة سنوات والاستاذ وليد جنبلاط يسعى للابتعاد عن العمل السياسي المباشر وتسليم الراية لنجله تيمور جنبلاط ، وقد تخلى سابقا عن موقعه النيابي وسلمّه لتيمور الذي تولى رئاسة اللقاء الديمقراطي ، لكن بقي جنبلاط الاب موجها ومرشدا خلال السنوات الاخيرة.

لكن توقيت الاستقالة اليوم اثار الكثير من الاسئلة في ظل الخلاف الداخلي حول الانتخابات الرئاسية وبعد عودة العلاقات السعودية مع ايران وسوريا وعودة سوريا الى جامعة الدول العربية .

فما هي اسباب استقالة الاستاذ وليد جنبلاط من رئاسة الحزب ؟ وما هو مستقبل ومصير الحزب في حال تم انتخاب تيمور جبلاط لرئاسته ؟

اسباب ودلالات الاستقالة

بداية ما هي الاسباب المباشرة لاستقالة الاستاذ وليد جنبلاط من رئاسة الحزب التقدمي الاشتراكي في هذه المرحلة الدقيقة؟ وما هي ابعاد ودلالات هذه الاستقالة؟

اثيرت الكثير من علامات الاستفهام والدلالات حول اسباب استقالة الاستاذ وليد جنبلاط من رئاسة الحزب وتوقيت الاستقالة في هذه المرحلة ولا سيما في ظل الخلاف الداخلي على الانتخابات الرئاسية وبعد التطورات الاقليمية المهمة ومنها الاتفاق السعودي- الايراني على اعادة العلاقات بين الدولتين وعودة سوريا الى جامعة الدول العربية وعودة العلاقات السعودية – السورية .

وقد طرحت في بعض الاوساط السياسية والاعلامية اللبنانية عدة اسباب وراء قرار الاستاذ وليد جنبلاط ومنها :

اولا : ان الاستقالة اتت في ظل وجود خلاف في الموقف بين وليد جنبلاط ونجله تيمور بشأن الموقف من الانتخابات الرئاسية وان جنبلاط الاب لا يريد اتخاذ موقف يتعارض مع موقف تيمور ، خصوصا في ظل تقدم حظوظ رئيس تيار المردة سليمان فرنجية ودعم حركة امل وحزب الله له ، وعدم رغبة جنبلاط الاب في مواجهة الرئيس نبيه بري وفي الوقت نفسه عدم تبني خيارا يتعارض مع الموقف المسيحي العام ، لذلك فضّل جنبلاط الاستقالة وترك القرار لنجله تيمور منعا للاحراج .

ثانيا : ان هناك مرحلة جديدة في المنطقة بعد التقارب السعودي – الايراني وعودة العلاقات السعودية – السورية وعودة سوريا الى جامعة الدول العربية ، وان جنبلاط الاب يشعر بالحرج من اعادة تبني المواقف السعودية الجديدة ولذلك يفضل الابتعاد عن العمل السياسي كي يحتفظ بخصوصيته ويترك للجيل الجديد في الحزب اتخاذ الموقف المناسب .

ثالثا : ان وليد جنبلاط يرغب باعطاء نجله تيمور مساحة واسعة من سلطة القرار السياسي بعد ان تولى العمل النيابي لعدة سنوات واصبح قادرا على ادارة الامور السياسية وهو يفضل ان يبقى بعيدا عن تفاصيل العمل السياسي دون ان يتخلى عن متابعة الامور من موقع المرشد والناصح ، وفي حال تم انتقال رئاسة الحزب الى نجله خلال حياته فبذلك يضمن الانتقال السلس للقرار بدون اية مشكلات كبرى.

هذه ابرز الاجواء التي نشرت حول اسباب الاستقالة ودلالاتها اليوم ، والمصادر القيادية في الحزب التقدمي الاشتراكي رفضت التعليق على كل هذه الاجواء وان كانت اعتبرت ان هناك مبالغة في التحليلات التي تكتب ، وان قرار الاستقالة ليس جديدا وهو تطور طبيعي في مسيرة الحزب وان الهدف الاساسي ترتيب الوضع الداخلي للحزب وهو المهمة الاولوية اليوم .

مصير الحزب التقدمي بعد الاستقالة

ويبقى السؤال الاهم : اي دور واي مصير للحزب التقدمي الاشتراكي بعد استقالة رئيسه وليد جنبلاط؟ وهل سيكون الاستاذ تيمور جنبلاط قادرا على تولي هذه المهمة اليوم؟

من المعروف تاريخيا ان دور الحزب التقدمي الاشتراكي ارتبط بشكل وثيق بزعامة ال جنبلاط التاريخية ، رغم ان مؤسسه كمال جنبلاط حرص عند التأسيس ان لا يعطيه بعدا عائليا او طائفيا ، وضم الحزب قيادات من مختلف الطوائف وكان له دور وطني وقومي وعالمي .

ولكن بعد اغتيال كمال جنبلاط وبسبب الحرب الاهلية اتخذ الحزب منحا طائفيا واصبح مرتبطا بشكل كبير بزعامة ال جنبلاط ، ونظرا لبقاء وليد جنبلاط في رئاسته لمدة حوالي 46 سنة اصبحت هناك علاقة وثيقة بين الزعامة الجنبلاطية والحزب ، وكان لكمال جنبلاط اولا ومن بعده لنجله وليد دورا فاعلا ومؤثرا طيلة السنوات الماضية منذ تاسيس الحزب الى اليوم.

فهل سينجح تيمور جنبلاط في الحفاظ على دور موقع الحزب في حال تم انتخابه لرئاسته في المؤتمر الانتخابي العام؟

طبعا لا يمكن مقارنة تيمور بجده كمال جنبلاط ولا بوالده وليد جنبلاط لاسباب عديدة وهو لم يكن يرغب بخوض غمار العمل السياسي والشعبي وان كان نجح خلال السنوات الخمس الاخيرة في توطيد دوره السياسي والنيابي والشعبي ، مع انه يفتقد الكاريزما الشعبية والحضور الاعلامي المؤثر .

وسيكون الحزب التقدمي الاشتراكي امام تحديات عديدة داخليا وخارجيا بعد خروج وليد جنبلاط من رئاسته ، مع انه لن يبقى بعيدا عن الضوء او عن اجواء القرار السياسي ، وبانتظار انعقاد المؤتمر العام للحزب ستتضح اكثر صورة ودور وموقع الحزب في المرحلة المقبلة.

قاسم قصير