العدد 1424 / 12-8-2020
قاسم قصير

شكّلت إستقالة حكومة الرئيس الدكتور حسان دياب النتيجة السياسية الاولى للزلزل الكبير الذي اصاب بيروت في الرابع من اب ، لكن ماذا عن المطلب الثاني وهو اجراء انتخابات نيابية مبكرة ، فهل تتوافق القوى السياسية اللبنانية على هذا المطلب؟ وعلى أساس اي قانون يمكن ان تجري هذه الانتخابات ؟ وما هي النتائج المتوقعة على الصعد السياسية والشعبية؟ وهل ستكون هذه الانتخابات من ضمن التسوية الشاملة التي يتم العمل للتوصل اليها برعاية فرنسية؟

لماذا الانتخابات النيابية المبكرة؟

بداية لماذا تطرح بعض القوى السياسية والحزبية مطلب الانتخابات النيابية المبكرة ؟ وما هو المطلوب من وراء هذا الشعار؟

شكّل مطلب إجراء الانتخابات النيابية المبكرة احد أهم المطالب السياسية والشعبية التي طرحت بعد الحراك الشعبي في السابع عشر من تشرين الاول الماضي ، وقد تزايدت الضغوطات لتحقيق هذا المطلب بعد الزلزل الذي اصاب بيروت من جراء الانفجار الكبير في الرابع من اب ، والهدف من ذلك هو اعادة تشكيل السلطة السياسية وسحب الاكثرية النيابية من تحالف قوى الثامن من آذار التي تضم حزب الله وحركة امل والتيار الوطني الحر وتيار المردة واللقاء التشاوري، كما ان المجلس النيابي الجديد هو الذي سينتخب رئيس الجمهورية المقبل سواء أكمل الرئيس ميشال عون ولايته او اضطرته الظروف الصحية والسياسية لترك هذا الموقع.

ومن اهم القوى السياسية التي تطالب بإجراء هذه الانتخابات : الحزب التقدمي الاشتراكي وحزب الكتائب والقوى اليسارية والجماعة الاسلامية وحزب الكتلة الوطنية ومجموعات الحراك الشعبي وعدد كبير من الشخصيات المستقلة، لكن هناك خلاف كبير بين هذه القوى ، فهناك من يطالب بإجراء الانتخابات وفقا لقانون الانتخابات الحالي وبأسرع وقت ممكن ، في حين أن هناك قوى اخرى ترفضهذا الطرح وتدعو لوضع قانون انتخابات جديد وتشكيل حكومة مستقلة ، ومن ثم اجراء الانتخابات ، لان اي اجراء للانتخابات وفقا للقانون الحالي لن يغير كثيرا من المشهد السياسي القائم ، بل قد تكون له نتائج سلبية على بعض القوى التي تطالب بإجراء هذه الانتخابات.

فهل ستتجه الامور لاجراء هذه الانتخابات النيابية المبكرة؟ وما هي النتائج المتوقعة لمثل هذه الانتخابات في حال اجرائها ووفقا لاي قانون؟

موضوع الانتخابات النيابية المبكرة سيبقى مؤجلا الى ما بعد الاتفاق على تشكيل الحكومة الجديدة، لانه لا يمكن اجراء هذه الانتخابات قبل الاتفاق على الحكومة الجديدة وفي ظل حكومة تصريف الاعمال ، كما ان المطلب الاهم لبعض القوى السياسية والحزبية وخصوصا الحزب التقدمي الاشتراكي وضع قانون انتخابات نيابي جديد قبل اجرائها ، اضافة الى ان الظروف السياسية والاقتصادية والصحية قد يؤجل الاتفاق على اجراء هذه الانتخابات في المرحلة الحالية.

لكن ما هي النتائج المتوقعة لهذه الانتخابات على الصعد السياسية والشعبية والحزبية؟ وهل ستغير في المشهد السياسي القائم؟

من المعروف انه لتحديد النتائج المتوقعة لاجراء الانتخابات النيابية، لا بد من معرفة على اساس اي قانون ستجري هذه الانتخابات، ففي حال اجريت الانتخابات وفقا للقانون الحالي ، فان الخبراء الانتخابيين لا يتوقعون حصول تغيير كبير في المشهد السياسي الحالي ، بل ان بعض القوى المعارضة اليوم كتيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي قد تخسر عددا كبيرا من مقاعدها ، واما القوات اللبنانية فقد يزيد عدد نوابها وكذلك حزب الكتائب، في حين ان الخاسر الاكبر من الانتخابات قد يكون التيار الوطني الحر، واما حركة امل وحزب الله وحلفاؤهما فقد يزيدون من عدد مقاعدهم ، وقد تدخل الى المجلس النيابي قوى وشخصيات جديدة من الحراك الشعبي وتيار بهاء الحريري والتيارات الاسلامية وبعض القوى اليسارية والمستقلة.

اما في حال تم اعتماد قانون انتخابي جديد على اساس غير طائفي، فان الخريطة السياسية والحزبية ستتغير بشكل كبير وسنكون امام مشهد مختلف في الواقع السياسي اللبناني، لكن اعتماد هذا القانون لن يكون سهلا في ظل وجود معارضة شديدة له من العديد من القوى وهو يتطلب ايضا تشكيل مجلس الشيوخ حسب اتفاق الطائف والدستور الحالي.

اذن فان اجراء انتخابات نيابية مبكرة لن يكون خطوة سهلة وهو يتطب المزيد من الاتصالات والتحضيرات ، وان كان يمكن ان يكون ضمن التسوية الشاملة التي تعمل فرنسا لتسويقها ومن ضمنها الذهاب الى نظام سياسي جديد وفقا لما اعلنه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون خلال زيارته للبنان ، ولا يمكن اجراء هذه الانتخابات الا بعد تشكيل الحكومة الجديدة والاتفاق على اساس اي قانون ستجري ، ولذا على اللبنانيين الانتظار بعض الوقت قبل الذهاب الى مثل هذه الانتخابات.