بسام غنوم

يطغى المشهد الانتخابي على ما عداه من الملفات السياسية والاقتصادية بعد السخونة الإقليمية التي أثارها إسقاط الدفاعات الجوية السورية للطائرة الإسرائيلية الأسبوع ما قبل الماضي، وما تلاها من غارات إسرائيلية على مواقع للنظام السوري وحلفائه، حيث بدت المنطقة وكأنها على شفير حرب جديدة. لكن بفعل التدخلات الروسية والأميركية والأوروبية مع مختلف الأطراف، ولا سيما إيران والعدوّ الصهيوني، عادت المنطقة الى أجواء الهدوء الحذر التي سبقت المواجهة الإيرانية - الإسرائيلية في سورية.
وفي السياق الانتخابي المرتبط بالانتخابات النيابية، برز خلال هذا الأسبوع إعلان مرشحي الحزب التقدمي الاشتراكي «واللقاء الديمقراطي» في دائرة الشوف وعاليه، وأما الأبرز فكان إعلان الثنائي الشيعي «حزب الله» وحركة أمل مرشحيهما في كل الدوائر الانتخابية، وخصوصاً في الدائرة الثانية في بيروت، حيث أعلن الرئيس بري ترشيح محمد خواجة، وأعلن السيد نصر الله ترشيح النائب السابق أمين شري.
وتكمن أهمية إعلان الثنائي الشيعي لمرشحيه في بيروت بالمواجهة الانتخابية المتوقعة مع تيار المستقبل في دائرة بيروت الثانية، خصوصاً بعد إعلان الرئيس الحريري عدم تحالفه مع «حزب الله» في كل لبنان، وردّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله عليه بالقول: «في كل مناسبة يقولون سنتحالف إلا مع حزب الله. يا شباب مين طالب منكم التحالف؟ هذا الأمر ليس مطروحاً، وندعو المستقبل الى اراحة نفسه، ونحن ليس لدينا معركة مع أحد».
والسؤال الذي يطرح نفسه: كيف ستكون المعركة الانتخابية في دائرة بيروت الثانية في ظل المواجهة المتوقعة بين الثنائي الشيعي وحلفائه مع تيار المستقبل، دون أن ننسى القوى والشخصيات السياسية الأخرى؟
البداية أولاً من الصورة الانتخابية في دائرة بيروت الثانية التي تضم مناطق: الباشورة، عين المريسة، رأس بيروت، زقاق البلاط، المزرعة، المصيطبة، وميناء الحصن، ويبلغ عدد الناخبين فيها 380 ألف ناخب، والناخبون السنة في هذه الدائرة يبلغ عددهم 215 ألف ناخب، وأما الناخبون الشيعة فيبلغ عددهم 72 ألف ناخب، ويبلغ عدد الناخبين المسيحيين 50 ألف ناخب، بينما لا يتجاوز الناخبون الدروز خمسة آلاف ناخب.
وبالنسبة إلى عدد النواب في هذه الدائرة فهو 11 نائباً يتوزعون على النحو الآتي: 6 سنة -2 شيعة -1 روم ارثوذكس- 1 انجيلي- 1 درزي.
ومع أن صورة التحالفات الانتخابية في دائرة بيروت الثانية لم يجرِ تظهيرها بعد، فإن إعلان حركة أمل و«حزب الله» ترشيح اثنين من مرشحيهما للمقعدين الشيعيين في هذه الدائرة يعني ان المواجهة ستكون مع تيار المستقبل وحلفائه، وهو ما يدعو الى السؤال عن هذه المواجهة ونتائجها على الصعيد الانتخابي العام، وعلى صعيد زعامة الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل بوجه خاص.
وإذا كان «حزب الله» قد أعلن على لسان السيد نصر الله انه «ليس لدينا معركة مع أحد»، وطلب من تيار المستقبل ان يريح نفسه، فإن «المستقبل» يجد نفسه في مواجهة الثنائي الشيعي وحلفائه بعد إعلان ترشيحات «حزب الله» وحركة أمل في بيروت.
في هذا الإطار، من المهم الحديث عن نسبة الناخبين المتوقعة في الانتخابات القادمة في 6 أيار القادم.
في انتخابات عام 2009 التي جرت بعد حوادث 7 أيار 2008، وصلت نسبة الناخبين في دائرة بيروت الثالثة التي كانت تضم رأس بيروت وعين المريسة والمزرعة والمصيطبة الى 40،1 بالمئة وحصل مرشحو تيار المستقبل على نسبة 75 في المئة من اصوات الناخبين، وأما في دائرة بيروت الثانية التي ترشح فيها الوزير نهاد المشنوق بالتوافق مع حركة أمل و«حزب الله»، فقد بلغت نسبة التصويت فيها 27 في المئة، وحصل المشنوق على 16٪ من أصوات الناخبين، وتحديداً 16583 صوتاً، فيما حصل النائب الراحل عدنان عرقجي على 8071 صوتاً.
ماذا تقول هذه الأرقام في الدائرة الثالثة حيث الأكثرية السنية، وفي ظل ما جرى في 7 أيار 2008 من حوادث كانت نسبة الاقتراع 40.1 في المئة ونال مرشحو فريق 8 آذار 21 في المئة من أصوات الناخبين، وأما في الدائرة الثانية وبعد التوافق بين تيار المستقبل وحركة أمل وحزب الله فقد انخفضت نسبة الناخبين الى 27 في المئة ونال الوزير المشنوق ما يقارب 16 في المئة من أصوات الناخبين.
وهذا يعني ان التوافق الانتخابي يقلص أعداد الناخبين، فيما تزيد نسبة الناخبين إذا كانت المواجهة محتدمة.
لكن هل ستكون المواجهة المحتدمة ومحاولات شد العصب الانتخابي عبر بعض المواقف والشعارات فعالة في ظل النظام النسبي الجديد للانتخابات؟ 
الواقع يقول انه في ضوء التوزيع الطائفي للناخبين، وفي ظل التحالفات التي يحكى عنها بين الثنائي الشيعي وجماعة الأحباش وغيرهم، وفي ظل تردد تيار المستقبل في حسم تحالفاته الانتخابية، وبوجود لوائح وقوى أخرى على الساحة البيروتية، سيكون تيار المستقبل الخاسر الأكبر في الانتخابات، لأنه قد يخسر ما يقارب أربعين بالمئة من نوابه في بيروت لمصلحة تحالف الثنائي الشيعي وفريق 8 آذار واللوائح الأخرى، وهذا ما قد يشكل ضربة قاسية جداً لزعامة الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل في بيروت وعلى مستوى لبنان ككل.
باختصار، الانتخابات النيابية القادمة ستشكل امتحاناً قاسياً لكل القوى السياسية، ولا سيما الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل، فهل يُجري الرئيس الحريري دراسة واقعية لتحالفاته حتى لا يشرب الكأس المرة في الانتخابات؟}