العدد 1370 / 17-7-2019
بسام غنوم

تفاعلت بشكل سلبي الحملة التي تقوم بها وزارة العمل لمكافحة اليد العاملة غير الشرعية , خصوصاﹰ انها طالت الاخوة اللاجئين الفلسطينين في لبنان , الذين اعتبروا ان اقفال مؤسساتهم التجارية والصناعية وكذلك فرض اجازة عمل على العمال الفلسطينين انما يصب في خدمة مشروع "صفقة القرن" الذي يستهدف تصفية القضية الفلسطينية , التي رفضها الفلسطيون في فلسطين المحتلة والشتات , وأكدوا على تمسكهم بحق العودة ورفضهم للتوطين , سواء في لبنان او في دول الجوار التي تستضيف اللاجئين الفلسطينيين .

وق ادت حملة وزارة العمل الى ردود فعل سلبية على الصعيد الشعبي وكذلك على صعيد الفصائل الفلسطينية , حيث قام الفلسطنيون في مخيمات صيدا والجنوب وفي باقي المخيمات الفلسطينية في لبنان بقطع الطرقات المؤدية الى المخيمات , في خطوة احتجاجية على قرار وزارة العمل , وكذلك للدلالة على ان سكان هذه المخيمات جزء اساسي ومهم من الاقتصاد اللبناني , وانهم يمارسون دوراﹰ ايجابياﹰ وهاماﹰ في تعزيز الاقتصاد اللبناني وليسوا عالة على أحد .

اما على صعيد التحركات التي قامت بها مختلف الفصائيل الفلسطينية وكذلك ممثلو الهيئات الاقتصادية الفلسطينية فقد كان ابرزها الاجتماع الذي عقد في وزارة العدل مع وزير العمل كميل أبو سليمان , الذي قال بعد الاجتماع انه :"استمع الى الهواجس لدى الاخوة الفلسطينيين فيما يتعلق بتطبيق الخطة (خطة وزارة العمل) , وأكد تفهم لبنان للوضع الصعب لهم , وفي نفس الوقت ضرورة تطبيق القانون على الجميع , مع الأخذ في الاعتبار هواجهم".

ورغم هذا الموقف الايجابي نسبياﹰ من وزير العمل كمال ابو سليمان , الا ان ذلك لم يهدئ مخاوف الفلسطينين في لبنان , واستمرت التحركات على مختلف الصعد من أجل العودة عن قرارات وزارة العمل أولاﹰ , والوصول الى صيغة قانونية لهذه المعضلة الانسانية التي تطال الاخوة اللاجئين الفلسطينين بين فترة واخرى ثانياﹰ , وهو ما عبر عنه رئيس "لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني" , الوزير السابق حسن منيمنة بالقول بعد اللقاء مع وزير العمل :"اجتمعنا مع وزير العمل لفهم الخطوات المتخذة , وق اعرب عن استعداد كامل للوصول الى حلول , وابدى نوايا اجابية بهذا الصدد" , وأضاف "اقترحنا ان تصدر مراسيم عبر مجلس الوزراء تكون ملزمة للجميع انطلاقاﹰ من تعديل القانون الذي صدر عام 2010 , ونأمل ان يأخذ هذا الامر مجراه لأنه الطريق الوحيد لايجاد حل نهائي لهذه الاشكالات" .

والسؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا تثار قضية العمال الفلسطينيين في لبنان بين فترة واخرى , وهل هناك اهداف سياسية وراء ذلك ؟

في البداية لا بدّ من القول ان قضية الوجود الفلسطيني في لبنان ليست مجرد امر قانوني , بحيث يتم اختصاره بموضوع السماح او المنع بالعمل بموجب قانون العمل اللبناني , لأن الوجود الفلسطيني في لبنان منذ عام 1948 نرتبط بالصراع العربي مع العدو الصهيوني , وبالتالي فان مقاربة قضية الوجود الفلسطيني في لبنان بكل مندرجاتها يجب ان تتم تحت هذا العنوان الكبير, وعند ذلك تنتفي الكثير من المشكلات القانونية والسياسية , وتصبح الامور التي تتعارض مع بعض مواد القانون اللبناني فيما يخص الفلسطينيين محل قبول واجماع من قبل جميع الأطراف . وأما اذا تم اعتماد النصوص القانونية بخصوص قانون العمل وغيره مجرداﹰ من الخلفيات الوطنية والقومية والسياسية للاخوة الفلسطينين في لبنان , فعند ذلك تصبح الامور مفتوحة على اشكالات كثيرة , ولنا في التاريخ القريب عبرة , حيث ان قضية الوجود الفلسطيني في لبنان كانت أحد أبرز أسباب الخلاف بين اللبنانين , وهو ما ادى الى اندلاع الحرب الأهلية في لبنان في العام 1975 .

ولذلك , حتى لا يقال ان البعض يحاول استثارة العصبيات الطائفية عبر استهداف الفلسطينيين من اجل تحقيق مكاسب سياسية في الوسط المسيحي على وجه الخصوص , يجب الوصول الى حل نهائي وقانوني لموضوع حق العمل الفلسطيني في لبنان , لأنه لا احد من كل اللبنانين يريد العودة الى الحرب الأهلية البغيضة وذكرياتها المؤلمة , التي كانت مدملرة للبنان , ولو كان ذلك عبر تطبيق قانون اللبناني .

فهل تبادر الحكومة ورئيسها الى احتواء هذه الازمة الانسانية , ام تتغلب المصالح السياسية على الحقوق الانسانية والقومية للفلسطينيين في لبنان ؟

بسام غنوم