العدد 1354 / 20-3-2019
قاسم قصير

تصاعد الاهتمام اللبناني الرسمي والحزبي في المرحلة الاخيرة بملف النازحين السوريين في لبنان ، وبموازة انعقاد المؤتمر الدولي حول النازحين السوريين في بروكسل ، شهد لبنان سلسلة ورش وندوات ومؤتمرات لبحث ملف النازحين وكيفية التعاطي مع قضيتهم ، كما تصاعدت الخلافات بين الاطراف السياسية والحزبية اللبنانية حول مقاربة هذا الملف.

ومن اهم الندوات والانشطة التي أقيمت في لبنان خلال الايام القليلة الماضية : المؤتمر الذي عقده الحزب التقدمي الاشتراكي بعنوان : لبنان والنازحون من سوريا ، ورشة العمل التي اقامها بيت المستقبل الذي يشرف عليه الرئيس امين الجميل وتمت بالتعاون مع مؤسسة كونراد الالمانية , وتناولت السيناريوهات المتوقعة بشأن التعاطي مع ملف النازحين ، الحلقة الحوارية لمؤسسة الاستشارية للدراسات وجمعية افروديت حول مواقف القوى السياسية والحزبية بشأن ملف النازحين السوريين والعلاقة مع سوريا.

فماهي ابرز المواقف والمعطيات التي برزت في هذه الانشطة والندوات؟ وما هو مستقبل ملف النازحين السوريين في لبنان في ظل الخلافات الداخلية والخلاف مع المجتمع الدولي حول مقاربة هذا الملف؟.

ابرز المواقف والمعطيات

من خلال مواكبة معظم الانشطة والمؤتمرات والورش التي عقدت والمواقف المعلنة حول هذا الملف ، يمكن تسجيل ابرز المعطيات والمواقف اللبنانية :

أولاﹰ : ليس هناك موقف لبناني موحد بشأن ملف النازحين السوريين في ظل الخلافات بين كافة الاطراف اللبنانية حول كيفية حل هذه الازمة والموقف من النظام السوري , والنظرة للموقف من اداء المجتمع الدولي بشأن ملف النازحين.

ثانياﹰ : لا تملك الحكومة اللبنانية حاليا خطة موحدة بشأن معالجة هذا الملف , باستثناء ما ورد في البيان الحكومي بضرورة العودة الامنة ، ولكن لا توجد خطة عملية حول تطبيق اليات العودة باستثناء ما يقوم به الامن العام اللبناني بالتعاون مع عدد من الاحزاب اللبنانية لترتيب عودة عشرات الالاف من النازحين.

ثالثا : يوجد خلاف واضح بين الموقف اللبناني الرسمي ومواقف الجهات الدولية حول هذا الملف ، ففي حين يصر لبنان على العودة الامنة فان معظم القوى الدولية تربط العودة بالحل السياسي في سوريا وترفض القيام بأي خطوات لتحقيق العودة وهي تركز على تقديم الدعم للنازحين في البلاد التي يقيمون بها.

رابعاﹰ : تجمع الاطراف اللبنانية على خطورة هذا الملف وانعكاساته على الاوضاع اللبنانية السياسية والاقتصادية والامنية والاجتماعية ، ولكن لكل فريق رؤيته وموقفه حول العلاقة مع سوريا وكيفية المعالجة.

خامساﹰ : تتداخل الحسابات السياسية والحزبية والطائفية في كيفية معالجة هذا الملف , مما يقف عائقا امام توحيد الموقف اللبناني وكيفية مقاربته عملياﹰ , وكذلك بشأن موقف الحكومة السورية منه.

السيناريوهات المتوقعة

في ظل هذه الخلافات اللبنانية وعدم وجود رؤية موحدة لملف النازحين ورفض بعض الاطراف اللبنانية اي تنسيق مع الحكومة السورية والخلاف مع المجتمع الدولي بشأن مقاربته ، ماهي السيناريوهات المتوقعة في المرحلة المقبلة؟

السيناريو الاول وهو الاسوأ : استمرار الخلافات اللبنانية وعدم التوصل لرؤية لبنانية موحدة واستمرار الخلاف مع المجتمع الدولي وعدم التوصل لحل سياسي في سوريا ، وكل ذلك سيفاقم هذه الازمة وقد يعرض لبنان لمخاطر عديدة في المرحلة المقبلة ، وتتخوف بعض القوى السياسية من ادخال هذا الملف على الوضع اللبناني.

السيناريو الثاني وهو الافضل : التوصل الى حل سياسي في سوريا , واعادة تفعيل المبادرة الروسية لعودة النازحين , ودعم القوى الدولية لهذه العودة والتوصل الى رؤية موحدة لبنانية بشأن هذا الملف , واعادة التواصل مع الجانب السوري لمعالجته ، وكل ذلك يؤدي لعودة الناحين بشكل آمن وطوعي وبالتنسيق بين لبنان وسوريا ، لكن هذا السيناريو صعب وغير متوقع قريبا.

السيناريو الثالث وهو الاكثر ترجيحا : استمرار الواقع على ما هو عليه , وتوصل الاطراف اللبنانية الى اتفاق محدود حول كيفية مقاربة هذا الملف دون انتظار الحلول السياسية او المواقف الدولية وتفعيل اليات العودة الطوعية عبر الاجهزة الامنية اللبنانية ولا سيما الامن العام ، مما قد يسمح بعودة المزيد من النازحين الى سوريا ، مع العمل لوضع اليات قانونية وعملية حول اوضاع النازحين السوريين وكيفية عملهم في لبنان ، وكل ذلك يساعد في تخفيف الانعكاسات السلبية لوجودهم.

يضاف لذلك العمل والتنسيق مع الجهات الدولية للتوصل الى رؤية مشتركة والاستفادة من الدعم الدولي.

وهذا السيناريو يتطلب حوارا لبنانيا داخليا بعيدا عن المواقف المسبقة وابعاد الخلافات السياسية والحزبية عن هذا الملف الحساس.

وبانتظار التوصل الى رؤية لبنانية موحدة بشأن ملف النازحين , وتعميق الحوار الداخلي الحقيقي , سيظل هذا الملف محور نقاشات وخلافات سياسية وداخلية , وقد يتحول الى ملف تفجيري للوضع اللبناني في المرحلة المقبلة.

قاسم قصير