أقرت الحكومة خطة طوارئ لمدة ثلاث سنوات، ولقد عاد بي الزمن وأنا أستمع لمؤتمر وزير الطاقة حول الكهرباء الى العام 2012 وحسبت نفسي أستمع لمؤتمر صحفي لوزير طاقة سابق يعد فيه اللبنانيين بالكهرباء 24 ساعة على 24 في العام 2015، مع إقرار قانون برنامج بهذا الخصوص. وإذا بي أستفيق على حاجتنا اليوم كما ورد في الخطة لأربع بواخر بدل اثنتين كنا بحاجةٍ إليها في خطة عام 2012، وسألت نفسي وأحيل السؤال الى الحكومة: ما هي الضمانات لعدم الإنفاق غير المجدي وتكرار خيبة الأمل من جديد.
أما في موضوع زيادة التعرفة وقد قُدِّرت بحوالي 40%، بحجة أنها ستوفر على المواطن فاتورة المولّد، فهل أخذت الدراسة بعين الاعتبار البحث عن الكلفة الأدنى مع الفاعلية المقبولة، خاصةً وأن فكرة البواخر هي الحل الأسهل ولكن ليس الأرخص، لا سيما في غياب مناقصة حقيقية، وهل لاحظت الدراسة أن الطبقة دون المتوسطة وهي الأغلب بين اللبنانيين ليس عندها اشتراك مولّدٍ أصلاً لأنها غير قادرة على دفع قيمته. وبالتالي أطالب الحكومة بكامل الشفافية في هذا الملف، حتى نطمئن ويطمئن معنا المواطن على جديّة الإجراءات وجدواها الاقتصادية وخلوها من أي شبهة فساد ونشر نتائج الرابحين والخاسرين في كل مناقصة أو تلزيم.
مكافحة الفساد في الإدارة
نلاحظ أن هناك بطئاً في التعامل مع هذا الملف الشائك، وأطالب الحكومة بالإسراع في تنفيذ الإجراءات التالية:
- تنفيذ ما ورد في قانون حق الوصول للمعلومات، ومنها تعيين موظف معلومات في كل إدارة إذ إن نشر المعلومات يساعد على الردع في التجاوزات.
- إطلاق ورشة المكننة والحكومة الإلكترونية، وهو إجراء كفيل بمعالجة جزء كبير من الفساد في الإدارة وإنهاء ظاهرة الجارورين وتحسين شروط خدمة المواطن.
- تعزيز شفافية أداء الوزارات من خلال تقارير إنجاز فصلي ترسل لمجلس النواب وتنشر على صفحات الإنترنت، ليتمكن المواطنون من الإطلاع عليها.
- إعلان آلية واضحة للتعيينات، والالتزام بها إعمالاً لمبدأي الكفاءة والمساواة بين المواطنين.
- وقف التوظيفات لمدة سنتين إلا في حالة الضرورة لاستمرار المرفق العام، التي يقررها مجلس الوزراء، بانتظار قيام جميع الوزارات والمؤسسات العامة بدراسة واقع ملاكها النظري والفعلي وإعادة هيكلة الملاكات وتوزيع الفائض للانتهاء من ظاهرة البطالة المقنعة في الإدارات العامة.
- وضع سقف عددي للمستشارين في الوزارات، والاعتماد على الكفاءات المتوافرة في الإدارة وهي كثيرة، وإعطاؤها فرصةً للإبداع.
ملف الموقوفين الإسلاميّين
فوجئنا في الأشهر الأخيرة بأحكام مخففة على متعاملين مع العدوّ الصهيوني، أقاموا بين أحضانه وتعلموا في مؤسساته، بينما يبقى العديد من الشباب المسلم منذ سنوات رهن التوقيف نتيجة اتصال قام به أو استشباه بأنه يفكر بالقيام بعملٍ لم يقم به أو غير ذلك، ولا أتكلم هنا عن من ثبَت على يديه دم.
لقد آن الأوان لهذا الملف أن يعالج بشكل جدّي حتى لا ندفع شبابنا لليأس من عدالة بلادهم وقوانينها، وذلك من خلال التسريع بالأحكام العادلة، وإنهاء ازدواجية المعايير القضائية والمحاسبة على الفكر والاشتباه لدى شريحة من اللبنانيين وتخفيف المحاسبة على الممارسة الفعلية لدى شريحة أخرى، ووقف التمادي بالتوقيف بالشبهة، وأخيراً عدم التفكير باستثنائهم من أي قانون عفو عام يمكن أن يصدر.
وهنا أطالب معالي وزير العدل باعتبار التقرير الذي تم بثه على قناة الجزيرة حول أحداث عبرا بمثابة إخبار، وفتح تحقيق سريع حوله، لأن أبناءنا في الجيش اللبناني يستأهلون منا الاهتمام الجدّي بالتحديد الدقيق للمسؤوليات في هذا الاعتداء، وبالتالي الحكم قضائياً على صحة أو عدم صحة ما ورد في هذا التقرير والبناء عليه. 
حق المرأة اللبنانية
أدعو الحكومة وقد خصصت وزارة دولة لشؤون المرأة، أن تتبنى حق المرأة اللبنانية بإعطاء الجنسية لأبنائها وتقديم مشروع قانون بهذا الخصوص، كما أدعو رئاسة المجلس إلى تفعيل التعامل مع اقتراح القانون الذي قمت بتقديمه في 10 شباط 2016 بهذا الخصوص.
أخيراً: قانون الانتخابات
لقد توافقنا جميعاً على مبدأ وقف العد في لبنان، ولكنه كان توافقاً لبناء الوطن بجهد مشترك وإسهام جميع أبنائه، وليس لتكريس فدرالية طوائف والعودة الى خطابات ترسم خطوطاً حمراء تذكرنا بخطوط شبيهة رُسمت قبل عام 1975 وتحولت في ليلةٍ شديدة السواد الى خطوط تماس بين اللبنانيين الذين عانوا منها طيلة خمسة عشر عاماً، خاصةً أن هناك من لا يتورّع عن استخدام فائض القوة العسكرية التي يمتلكها لتوجيه رسائل سياسية في هذا الإتجاه أو ذاك.
واليوم، بعد أن قررت الحكومة التصدي لتبني مشروع قانون انتخابات وإرساله لمجلس النواب، أرجو أن ينتقل النقاش إلى طاولة مجلس الوزراء، والى التركيز على ثلاثة معايير:
- صحة التمثيل، ولا أقصد فيه صحة تمثيل القوى المتمثلة بالسلطة، التي تؤخر صدور القانون باختلافها على الحصص والأحجام، وإنما أيضاً صحة تمثيل المواطن العادي الذي لا ينتمي الى الأحزاب وهم الأكثر عدداً، والأكثر مظلومية، وتأمين اقتراع الشباب من سن الثامنة عشرة، وتأمين فرصة مشاركة حقيقية للمرأة .
- وحدة المعايير، فلا يُنتخب نائب بعشرة آلاف صوت ويُنتخب آخر بخمسين ألفاً.
- رفض تكريس الطائفية، وإعلاء قيمة المواطنة رحمةً بلبنان والأجيال القادمة.
لا يظنّن أحدٌ أنه ينجو من الآثار السلبية للمؤتمر التأسيسي والفراغ، فلا قوة السلاح ولا الأكثرية العددية ولا أي عنصر آخر يمكن أن يرجّح كفة على أخرى، فنحن عاجزون في ظل مظلة دستورٍ قائم عن الوصول لقانون انتخابات، وسنكون أعجز في الوصول الى أي إتفاق إذا فقدنا هذه المظلة.
أسئلةٌ أضعها بين يدي الحكومة ورئيسها، آملاً الحصول على أجوبة عملية وتنفيذية لها، حتى نتمكن جميعاً من استعادة ثقة المواطن بالدولة ومؤسساتها، وشكراً.