العدد 1565 /31-5-2023
بسام غنوم

عمت الاحتفالات العالم الاسلامي بعد الاعلان عن فوز الرئيس رجب طيب اردوغان بولاية رئاسية ثانية ، وشهدت العاصمة اللبنانية بيروت مسيرة لسياراتٍ ودراجات ناريّة إحتفالاً بفوز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بولاية رئاسية جديدة في بلاده، عقب فوزه على منافسه زعيم حزب "الشعب الجمهوري" كمال كليتشدار أوغلو في جولة الإعادة التي أقيمت، يوم الأحد الماضي. وحمل المشاركون في المسيرة الأعلام التركية، مُطلقين هتافات داعمة لأردوغان.

وعمت الإحتفالات ايضا مدينة طرابلس و مدينة صيدا وشهدت عددٍ من بلدات عكار مسيرات سيارة للمواطنين، وسجل إطلاق نار في الهواء ابتهاجا بفوز الرئيس رجب طيب اردوغان.

وغرّد رئيس الحكومة السابق سعد الحريري عبر "تويتر": "مبروك فوز الرئيس رجب طيب أردوغان بالانتخابات الرئاسية التركية، وأتمنى له النجاح والتوفيق في ولاية جديدة مليئة بالتحديات الكبيرة".

كما أجرى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إتصالاً هاتفياً بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وهنّأه بفوزه في الإنتخابات الرئاسية .

هذه الاجواء الاحتفالية بفوز الرئيس اردوغان في بيروت وطرابلس وصيدا غابت عن باقي المناطق اللبنانية بحسب تركيبتها الطائفية والمذهبية والمناطقية ، وهو ما يعكس حجم الانقسام اللبناني باوضح صوره الذي ينعكس سلبا على مجمل الوضع اللبناني الداخلي الذي يغرق بخلافاته الطائفية والمذهبية حيث تريد كل طائفة في لبنان ان تجعل لبنان على صورتها الطائفية دونما اعتبار لباقي الطوائف اللبنانية الأخرى، مع ان لبنان واللبنانيين يفتخرون بأنهم بلد متعدد الطوائف وان هذا التعدد هو مصدر غنى وليس سببا للإنقسامات فيما بينهم ، ففي شهر نسيان الماضي احتفل الارمن في لبنان ب " ذكرى المجازر الارمنية " وقال سمير جعجع رئيس حزب القوات اللبنانية : "في هذه المُناسبة الأليمة، والتي تُصادف، اليوم في 24 نيسان 2023، أطلُب من اللبنانيين اعتبار هذا اليوم يخُصُّنا جميعاً، واعتباره نهاراً وطنياً بامتياز، وليس ذكرى فقط، لأنّ الأُخوة الأرمن كاللبنانيين تعرّضوا، مع اختلاف الزّمان والمكان والجلاد، لمُعاناةٍ واضطهادٍ ومجازر قلّ نظيرها في القرن الماضي، والقاسم المُشترك الإستمرار بالنّضال في وجه إجرام المُحتل والغاصب".

هذا الانقسام اللبناني _ اللبناني ينسحب ايضا على مواقف باقي الطوائف اللبنانية في كل القضايا التي تهم لبنان واللبنانيين ، وهو الذي يعيق او بالأحرى يسبب المعاناة التي يعيشها اللبنانيون في هذه الايام، والا فما معنى اصرار فريق على مرشح رئاسي معين ورفضه لباقي المرشحين وهو الذي كان يعيب على قوى المعارضة عدم قدرتها على تسمية مرشح منافس لمرشحه ،ـ واعتباره باقي المرشحين مجرد مرشحي مناورة لا اكثر ولا اقل كما قال رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد الذي اعتبر ان «المرشح الذي يجري التداول في اسمه _ جهاد أزعور _ هو مرشح مناورة مهمته مواجهة ترشيح من دعمناه واسقاطه».

والسؤال الذي يطرح نفسه في ظل حالة الانقسام اللبناني _ الللبناني هو : الى متى يمكن ان يستمر الوضع على ما هو عليه في لبنان ، وهل هناك امل للبنان واللبنانيين ؟

الانتخابات الرئاسية والنيابية في تركيا والتي جرت على مرحلتين واسفرت عن فوز الرئيس رجب طيب اردوغان بولاية رئاسية ثانية ، وفوز تحالف الجمهور بزعامة حزب العدالة والتنمية بالاكثرية النيابية في البرلمان يؤكد ان الخلافات السياسية وحتى الطائفية والعرقية التي لعبت دورا كبيرا في الانتخابات التركية، ليست بالعائق الكبير اذا صفت النوايا واحتكم المسؤولون الى الديموقراطية و صوت الشعب من اجل حماية الوطن والنهوض بامنه واستقراره السياسي والاقتصادي.

وحال تركيا لايختلف كثيرا عن لبنان من جميع النواحي السياسية والطائفية والمذهبية ، ولكن الاختلاف الكبير هو في الاصرار على الغاء الاطراف الأخرى من قبل اهل السلطة والمعارضة ، وعلى رفض الاتفاق على مرشح تسوية لرئاسة الجمهورية والانكى من ذلك كله هو ان مختلف الاطراف تمارس التعطيل والتنكيل باللبنانيين تحت العنوان الديموقراطي رغم تصدع بنية الدولة اللبنانية وانهيار الاقتصاد فلتان الامن في اكثر من منطقة.

فهل هناك امل بأن تستفيد القيادات اللبنانية المختلفة من التجربة التركية اقله على الصعيد الديموقراطي من اجل انقاذ لبنان من ازماته ، ام ان هذه القيادات لا تجيد الا احتراف التعطيل والتدمير ؟

بسام غنوم