العدد 1439 / 2-12-2020

تدور عملية تشكيل الحكومة في حلقة مفرغة وعلى مايبدو فان الأطراف السياسية الفاعلة في البلد غير مستعجلة لحل الازمة الحكومية رغم تدهور الاوضاع الاقتصادية والامنية في لبنان في شكل متسارع في الايام الماضية، حيث اصبح الحديث عن رفع الدعم عن المحروقات والدواء والقمح وباقي المواد الاساسية حديث الساعة بين السياسيين، رغم تأكيدهم ان رفع الدعم الكامل غير مطروح لكن لا بد من ترشيد دعم المواد الاساسية للحفاظ على موجودات مصرف لبنان من العملات الصعبة لأطول مدة ممكنة وهو ما يدل على ان قرار رفع الدعم قد اتخذ فعلا وان النقاش الجاري حاليا حول رفع الدعم انما هو لتهيئة الراي العام لقبول الامر.

بالتوازي تعيش الساحة اللبنانية حالة من الانفلات الامني في اكثر من منطقة اولا بسبب الاوضاع الاقتصادية الصعبة وثانيا بسبب حالة الترهل في اداء القوى الامنية ولا سيما في مناطق البقاع ، حيث يعيش البقاع حالة من الفلتان الامني لم يسبق لها مثيل من قبل بسبب سطوة العشائر والخلاف فيما بينها على التهريب بمختلف انواعه ، وزاد الطين بلة في الايام الاخيرة الخوف من عمليات اغتيال قد تطال بعض الشخصيات اللبنانية ولا سيما في "حزب الله" وهو ما دفع بمدير عام الأمن العام عباس ابراهيم الى الطلب من الاحزاب اتخاذ الاحتياطات اللازمة في هذه الفترة الحرجة.

واللافت ان كل هذه يحدث فيما تمر عملية تشكيل الحكومة في مخاض عسير بسبب سياسة الشروط والشروط المتبادلة التي تتنازعها الاطراف الفاعلة في البلد ولا سيما بين الرئيسين عون والحريري ومن وراءهم "حزب الله" الذي يريد تشكيل حكومةعلى نمط حكومات ما قبل انتفاضة 17 تشرين اول 2019 وهو ما يعني العودة الى المربع الاول وانتهاء المبادرة الفرنسية التي يصر الحريري على التمسك بها حتى الآن.

والسؤال الذي يطرح نفسه هو : هل تريد القوى السياسية الفاعلة تشكيل حكومة جديدة في هذه الفترة بالذات ؟

تدل المؤشرات السياسية على ان العقبات التي توضع في وجه الرئيس المكلف لتشكيل "حكومة مهمة" كما تنص عليه المبادرة الفرنسية ليست بريئة ، لأن كافة القوى السياسية اعلنت سابقا موافقتها عاى المبادرة الفرنسية ومازالت حتى الان تعلن ذلك الا ان الممارسة على الارض كما يقال تجري بطريقة مختلفة ، ف "حزب الله يطلب من الرئيس المكلف سعد الحريري تمثيل واضح وصريح للحزب في الحكومة وهذا اذا حصل يعني مزيدا من الضغوط على لبنان سياسيا وأقتصاديا، وعدم حصول لبنان على اي دعم عربي ودولي لأن سياسة العقوبات على "حزب الله "هي المعتمدة اميركيا وعربيا واوروبيا، وبالاضافة الى ذلك يدعم "حزب الله "مطالب الرئيس عون والتيار الوطني الحر بالحصول على الثلث المعطل في الحكومة حتى لايكون بمقدور الرئيس الحريري التصرف كما يريد في الفترة المقبلة التي يعتبرها الحزب فترة هامة وحساسة داخليا وخارجيا.

في هذه الاثناء تؤكد الجهات العربية والدولية ان القوى السياسية اللبنانية هي المسؤولة عن حالة الانهيار الذي يعيشه لبنان حاليا لأن هذه القوى تقدم مصالحها الخاصة ومصالح القوى المرتبطة بها خارجيا على مصالح لبنان واللبنانيين، فالمجتمع الدولي على استعداد لدعم لبنان وانقاذه لكن لابد من تأمين شروط هذا الدعم وهي اولا وقف الفساد المستشري في الدولة وتشكيل حكومة نزيهة من غير الحزبيين الحاليين وعدم الزج بلبنان في سياسة المحاور في المنطقة واذا تم تجاهل هذا الأمر فان الامور سوف تتجه نحو الأسوء في الفترة القادمة، وقد اكدت الادارة الاميركية ان سياسة معاقبة الفاسدين مستمرة وان "الدفعة الجديدة من العقوبات قد لا يتأخر الوقت على صدورها " وبالنسبة للموضوع الحكومي قالت " الولايات المتحدة تعتبر تشكيل الحكومة شأنا لبنانيا داخليا، وترغب في أن ترى حكومة مستقلة تجري اصلاحات وتكافح الفساد".

باختصار القوى السياسية الفاعلة لا تمانع في بقاء الأمور على حالها من الترهل والانهيار الاقتصادي في الشهرين المقبلين، لأنها تتوقع تعاملا مختلفا من الاداراة الأميركية الجديدة ، فهل يستطيع اللبنانيون الانتظار؟

بسام غنوم