قاسم قصير

حققت «القوات اللبنانية» نجاحاً كبيراً في الانتخابات النيابية الأخيرة، وأصبح عدد أعضاء كتلتها النيابية 15 نائباً بعد أن كان ثمانية، وهذا النجاح دفعها إلى المطالبة بحصة أكبر في الحكومة الجديدة وبالعمل لتعزيز دورها الداخلي، وتقوية علاقاتها العربية والدولية، والتخطيط لدور سياسي أكبر في المرحلة المقبلة.
فكيف  تنظر الأوساط القواتية لنتائج الانتخابات النيابية وأسباب النجاح الذي تحقق؟ وأي دور جديد تسعى القوات إلى القيام به في المرحلة المقبلة؟ وكيف هي علاقات القوات مع بقية الأطراف السياسية كتيار المستقبل والتيار الوطني الحر وحزب الله والحزب التقدمي الاشتراكي؟
والدور السياسي الجديد
بداية كيف تقيِّم المصادر القواتية النجاح الانتخابي الأخير؟ وأي دور سياسي وداخلي للقوات في المرحلة المقبلة؟
تعتبر المصادر القواتية المطلعة أن القوات اللبنانية نجحت في تحقيق النجاح الانتخابي بسبب القدرة التنظيمية المتماسكة وازدياد حجم التأييد الشعبي للقوات في كل المناطق اللبنانية وحُسن إدارة المعركة الانتخابية، بحيث أصبحت القوات حاضرة في كل المناطق عبر نوابها والمسؤولين الحزبيين فيها، وحتى في منطقة الجنوب حيث لم تتجمع القوات في ايصال مرشحيها للمجلس النيابي، فهي أثبتت حضورها الشعبي والسياسي في هذه المنطقة. والنجاح الأبرز كان في إيصال نائب قواتي في منطقة بعلبك-الهرمل (معقل حزب الله وحركة أمل)، والمساهمة في وصول نائب لتيار المستقبل».
وتضيف المصادر: «إن هذا النجاح الانتخابي دفع القوات للمطالبة بزيادة حصتها الحكومية وتعزيز دورها السياسي والداخلي في المرحلة المقبلة، بحيث إن مراكز الدراسات التابعة للقوات قد انجزت وأعدت ملفات متصلة لكل الوزارات والملفات والقضايا الحساسة، وسيكون هناك متابعة تفصيلية وشاملة لكل القضايا التي تهم المواطنين اللبنانيين، ومع اصرار القوات على المشاركة الفعَّالة في الحكومة الجديدة، فإنها لا تمانع بالذهاب نحو المعارضة إذا لم تمثّل بشكل صحيح، وهي ستقوم بدورها الفعَّال سواء من داخل الحكومة أو من خارجها، مع أنه لا يمكن توقع تشكيل حكومة جديدة دون القوات، وهذا ما تؤكده معظم الأطراف السياسية اللبنانية، إضافة إلى مواقف بعض الأطراف العربية (السعودية) الداعمة لتعزيز دور القوات».
وتوضح المصادر القواتية: «في الحكومة السابقة (أي حكومة تصريف الأعمال) لم تأخذ القوات حصتها الكاملة في التعيينات والوظائف. وهي كانت حريصة على متابعة كل الملفات الأساسية حتى لو أدى ذلك الى بعض التباينات مع حلفائها (تيار المستقبل، التيار الوطني الحر)، واليوم ستسعى القوات لتعزيز دورها السياسي والشعبي وستطالب بحضور أقوى في مؤسسات الدولة على قاعدة الكفاءة والتوازن وبالتعاون مع بقية الأطراف السياسية، وهي تلتقي مع بقية الأطراف (ولا سيما حزب الله) في محاربة الفساد والعمل لتصحيح مسار المؤسسات الرسمية».
علاقات القوات والمشروع المستقبلي
لكن كيف هي علاقات القوات مع الأطراف السياسية اللبنانية؟ وأي مشروع سياسي مستقبلي تخطط له؟
تجيب المصادر القواتية المطلعة: «ان القوات اللبنانية تسعى إلى نسج علاقات إيجابية مع كل الأطراف السياسية اللبنانية، فعلى صعيد التيار الوطني الحر ورغم التباينات والخلافات التي تبرز أحياناً على السطح، العلاقة جيدة، وإذا كان رئيس التيار الوزير جبران باسيل يتبنى مواقف تصعيدية ضد القوات، فإن العديد من قيادات التيار تحرص على استمرار التواصل مع القوات ومعالجة كافة الاشكالات».
وأما على صعيد «تيار المستقبل»،«فالعلاقة جيدة وجرى تجاوز «غيمة الشتاء العابرة» (بسبب استقالة رئيس الحكومة)، والرئيس سعد الحريري يحرص على تمثيل مناسب للقوات في الحكومة الجديدة، كذلك الأمر على صعيد الحزب التقدمي الاشتراكي ومعظم الأطراف السياسية، فهناك تواصل وتعاون في العديد من الملفات».
وحول العلاقة مع حزب الله تجيب المصادر: على صعيد القوات اللبنانية ليس لدينا أي مانع من التعاون مع حزب الله ونوابه ووزرائه في كل الملفات، خصوصاً أن أحد نواب القوات يمثل منطقة مهمة وفيها حضور قوي للحزب، لكن المشكلة أن حزب الله لم يتخذ قراراً واضحاً في هذا المجال، وإن كان هناك تعاون في العديد من الملفات».
وعلى صعيد العلاقات الخارجية لا تخفي المصادر القواتية «العلاقة المتميزة مع المملكة العربية السعودية والعديد من الدول العربية والأجنبية، وأما النظام السوري فليس هناك أي تواصل معه لحين حسم الأزمة السورية، وبالنسبة إلى إيران فليس للقوات موقف سلبي مسبق وحصلت بعض المحاولات لفتح قنوات تواصل، لكنها هذه القنوات لم تستمر».
لكن ماذا عن المشروع السياسي المستقبلي للقوات وخصوصاً معركة رئاسة الجمهورية؟
تؤكد الأوساط المطلعة على أجواء القوات اللبنانية ولا سيما رئيس الهيئة التنفيذية الدكتور سمير جعجع: «أن معركة رئاسة الجمهورية المقبلة ستكون معركة هامة للقوات، والتحضيرات لخوض هذه المعركة بدأت قبل الانتخابات النيابية، وهذا حق طبيعي للقوات بعد ان حققت هذا النجاح المميز في الانتخابات النيابية، لكن الأمور مرهونة بأرقامها».
وتضيف هذه الاوساط: «إن القوات اللبنانية لديها اليوم مشروع سياسي متكامل، وإن البنية التنظيمية تنشط في كل الاتجاهات، وهناك مراكز دراسات تابعة للقوات تقيم ورش عمل متكاملة حول مختلف القضايا الداخلية والخارجية، وللقوات علاقات متنامية مع معظم الأطراف العربية والدولية، إضافة إلى حضورها الشعبي في لبنان وفي بلاد الاغتراب».
إذن،  «القوات اللبنانية» تخطط لتعزيز حضورها الشعبي والسياسي، وهي تخوض معركة مباشرة مع «التيار الوطني الحر» لتأكيد تمثيلها المسيحي والعام، كذلك فإنها تضع «حزب الله» دائماً في صلب اهتمامها، سواء بسبب التقاطع الكبير في الأداء السياسي والشعبي، أو لكونه لاعباً مهماً في المعركة الرئاسية المقبلة.
فهل تنجح القوات في تحقيق أهدافها السياسية المقبلة أم ان التطورات الداخلية والخارجية ستقف عقبة أمام هذا المشروع؟}
قاسم قصير