العدد 1385 / 6-11-2019

يمكن القول ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون (اوما يطلق عليه اسم العهد) والتيار الوطني الحر هما اكثر الخاسرين من جراء الحراك الشعبي الذي يشهده لبنان منذ ثلاثة اسابيع، فمعظم الانتقادات والاتهامات التي وجهها الناس طالت رئيس الجمهورية ورئيس التيار الوزير جبران باسيل وحزبه ، وبدرجات متفاوتة طالت بقية القوى السياسية والحزبية، ورغم ان الناس رددت شعار : كلن يعني كلن، فان اكثر السهام والشتائم اطلقت ضد جبران باسيل ، وتركزت معظم الجهود على ابعاده من الحكومة الجديدة واضعاف دور التيار الوطني الحر في المرحلة المقبلة.

فماهي الاسباب التي ادت لشن هذا الهجوم القاسي على العهد والتيار الوطني الحر؟ وهل نجح التيار في استيعاب الهجوم وتقليل الخسائر؟ واية رؤية جديدة سيواجه من خلالها العهد والتيار المرحلة المقبلة؟

اسباب الهجوم القاسي

الاوساط المراقبة لاداء رئاسة الجمهورية والتيار الوطني الحر تضع عددا من الاسباب الموضوعية التي ادت لهذا الهجوم ومنها على سبيل المثال لا الحصر:

اولا : عدم تحقيق العهد والتيار اية وعود هامة من الوعود التي اطلقها لمعالجة المشاكل الاساسية ومنها ازمة الكهرباء رغم تولي وزراء التيار وزارة الطاقة منذ سنوات طويلة.

ثانيا: ما يقال عن علامات استفهام وملفات فساد تحيط بوزراء التيار ورئيسه والسعي الدائم لتحصيل مكاسب خاصة للتيار.

ثالثا: الخطاب الاستفزازي الذي اتبعه الوزير باسيل وعدد من وزراء ونواب التيار وقادته مما ادى لحملة معاكسة من الهجوم عليهم.

رابعا: محاولة الوزير باسيل اختزال رئاسة الجمهورية وقيادة البلاد بشخصه والتصرف كأنه رئيس الجمهورية البديل .

خامسا : عرقلة العديد من الملفات والتعيينات بحجة التوازن الطائفي رغم انها لا تطال موظفي الفئة الاولى والسعي لاعطاء تفسيرات جديدة للمادة 95 من الدستور حول هذا الجانب ، وتأخير الموازنة السابقة بسبب ذلك .

سادسا : حصر التعيينات الرسمية بكوادر التيار او المقربين منه وعدم اعطاء بقية القوى المسيحية اي دور والخلاف الشديد مع القوات اللبنانية في هذا المجال، والعمل لاضعاف بقية القوى السياسية.

لكن اضافة لهذه الاسباب الموضوعية فان هناك وجهة نظر اخرى تعتبر ان الهجوم القاسي على رئاسة الجمهورية والوزير جبران باسيل قد تعود ايضا لتحالفه مع حزب الله والاعلان عن العمل لاعادة العلاقات الطبيعية مع سوريا والحملة من اجل اعادة النازحين والدفاع المستمر عن المقاومة.

استيعاب الخسائر ورؤية جديدة

لكن كيف واجهت رئاسة الجمهورية والتيار الوطني الحر هذه الحملة القاسية والخسائر التي تعرض لها التيار من جراء الحراك الشعبي على الصعد السياسية والشعبية والجوانب المعنوية؟

لقد عمدت رئاسة الجمهورية وقيادة التيار على مواجهة هذه الحملة القاسية من خلال اعتماد اتجاهين في التحرك:

الاتجاه الاول عبر العمل لاستيعاب مطاب الناس والجمهور والاعلان عن تبني هذه المطالب والسعي لتحقيقها عبر الاليات الدستورية والقانونية وتحميل القوى السياسية الاخرى مسؤولية عدم تنفيذ المطالب ، وصولا للمزايدة على بعض المطالب من خلال تبني الدولة المدنية والدعوة لاعتماد قانون موحد للاحوال الشخصية.

والاتجاه الثاني من خلال استعراض القوة الشعبية عبر سلسلة التظاهرات والاعتصامات في العديد من المناطق والتي توجّت من خلال التظاهرة الحاشدة نحو القصر الجمهوري يوم الاحد الماضي والتي انتهت بكلمتين الاولى للرئيس العماد عون والثانية للوزير باسيل ، وتم اعتماد لغة استيعابية للحراك من قبل الرئيس عون ولغة هجومية من قبل الوزير باسيل.

لكن في المحصلة ومهما حاول الرئيس عون والتيار الوطني الحر من استيعاب هذه الحملة الشعبية والاعلامية والسياسية القاسية ضدهما ، فانهما من اكثر الجهات التي تعرضت للخسارة بسبب الحراك الشعبي ، وتمثل ذلك بانسحاب النائبين شامل روكز ونعمة فرام من تكتل التغيير والاصلاح والخلافات التي عانى منها التيار وبين فريق رئيس الجمهورية وقيادة التيار ، وصولا الى الخلافات داخل عائلة الرئيس كما اشارت بعض التقارير ووسائل الاعلام، وعلى ضوء ذلك فان التيار بحاجة اليوم لرؤية جديدة لمقاربة الاوضاع اللبنانية سواء فيما يتعلق بالخطاب السياسي والاعلامي ، او الى بالمشروع السياسي العام للتيار او المشروع الذي يسعى اليه الوزير جبران باسيل والذي يتلخص بالوصول الى رئاسة الجمهورية والتحول الى اقوى زعيم مسيحي في المرحلة المقبلة.

فهل سينجح العهد والتيار في التقليل من الخسائر التي تعرضوا لها ؟ وهل سنكون امام اداء جديد ينقذ العهد من الفشل في السنوات الثلاث المتبقية من ولايته ؟ ام ان هذه الخسائر ستؤدي لانتكاسة شعبية وسياسية في المرحلة المقبلة ولن تكون هناك امكانية للتعويض عنها؟

قاسم قصير