العدد 1445 /13-1-2021

برزت خلال الأيام القليلة الماضية خلافات حادة بين كل من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل من جهة وبين الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل من جهة اخرى ، كما دخلت على الخط قوى وشخصيات اخرى كرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي الاستاذ وليد جنبلاط والرئيس نبيه بري والمكتب السياسي لحركة امل ، ولم يقتصر السجال حول كيفية تشكيل الحكومة واسباب تأخير ولادتها ، بل طال قضايا اخرى ومنها كيفية مواجهة الفساد ومستقبل النظام في لبنان والدولة المدنية ومعالجة الطائفية ودور حزب الله وسلاحه، وغيرها من الملفات والقضايا الساخنة.

فهل المشكلة فقط حول تشكيل الحكومة الجديدة وكيفية توزيع الحقائب ؟ ام ان المشكلة مرتبطة بمستقبل النظام والبلد؟ وكيف تنظر الأطراف اللبنانية الى ما يجري من سجالات سياسية؟

بداية ما هي أسباب السجالات والخلافات العونية – المستقبلية؟ وهل المشكلة في تشكيل الحكومة او تطال مستقبل البلد والنظام؟

حسب مصادر متابعة لملف تشكيل الحكومة : ان الخلافات بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ومعه رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل من جهة وبين الرئيس المكلف رئيس تيار المستقبل سعد الحريري لا تقتصر فقط على كيفية تشكيل الحكومة وتوزيع الحقائب الوزارية ، بل هي تشمل الكثير من الملفات الداخلية والخارجية وكيفية ادارة شؤون لبنان ومستقبل النظام والحكم .

وتوضح هذه المصادر : ان المؤتمر الصحافي الذي عقده يوم الاحد الماضي الوزير جبران باسيل تحدث فيه عن مجمل الملفات والقضايا التي فيها خلافات بين التيار الوطني الحر من جهة وبين تيار المستقبل الرئيس سعد الحريري من جهة اخرى، وهي تشمل مستقبل لبنان ومواجهة الفساد والغاء الطائفية السياسية والدولة المدنية ودور حزب الله والعلاقات مع الخارج، وهذا يؤكد ان المشكلة اعمق واشمل من ملف تشكيل الحكومة.

كما ان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط اشار خلال الحوار مع "تلفزيون ام تي في" الى العديد من القضايا الخلافية بشأن تشكيل الحكومة والاسباب الحقيقية وراء ذلك والتي لها علاقة بمستقبل ادارة الحكم في لبنان.

كما جاء رد الرئيس نبيه بري على بعض مواقف رئيس الجمهورية حول تفسير الدستور ومن ثم رد المكتب السياسي لحركة امل على مواقف الوزير جبران باسيل حول كيفية مواجهة الفساد وقيام الدولة المدنية والغاء الطائفية السياسية وقانون الانتخابات ، وكل ذلك يؤكد ان هناك خلافات عميقة بين القوى السياسية والحزبية حول مستقبل البلاد والنظام وليس فقط حول تشكيل الحكومة.

نحن اذن امام ازمة عميقة تتعلق بالنظرة لمسقبل النظام السياسي واليات الاصلاح وكيفية مواجهة الفساد وكيفية ادارة البلاد ، ويضاف لذلك فقدان الثقة بين كافة الاطراف وتبادل الاتهامات حول التعطيل.

لكن الى اين تتجه الاوضاع في المرحلة المقبلة؟ واين تقف القوى السياسية والحزبية اللبنانية مما يجري؟

تشير المصادر السياسية المتابعة لملف تشكيل الحكومة : ان الخلافات والسجالات بين مختلف الاطراف اللبنانية تعطّل تشكيل الحكومة ، وان معظم هذه الاطراف تنتظر التطورات الدولية والاقليمية ، كما ان اشتداد الخلافات سيعرقل اي جهد داخلي او خارجي من اجل اعادة الحوار والتواصل بين الرئيس العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري ، ولا سيما بعد تبادل الاتهامات بالتعطيل والكذب بين عون والحريري.

وفي مواجهة هذه الاجواء السلبية تحاول بعض الجهات السياسية الداخلية وبعض الاوساط الدبلوماسية البحث حول كيفية معالجة الازمة ومدى امكانية فتح جدار للحل السياسي سواء على صعيد تشكيل الحكومة او كيفية اطلاق حوار مستقبلي حول النظام السياسي وكيفية تطويره ، لكن معظم هذه الاطراف تفضل انتظار وضوح الرؤية الدولية والاقليمية ولا سيما بعد انتهاء عهد الرئيس دونالد ترامب وتسلم الرئيس جو بايدن الادارة الاميركية ومعرفة مدى انعكاس ذلك على كل تطورات المنطقة والوضع اللبناني.

وفي الخلاصة فان الخلافات والسجالات ستزداد في المرحلة المقبلة وستطال كل الملفات مما سيفتح الباب امام المزيد من الازمات بانتظار وضوح الرؤية اقليميا ودوليا.

فهل سيستطيع لبنان واللبنانيون الانتظار مجددا ام سنكون امام انفجار جديد لثورة شعبية عارمة؟

قاسم قصير