العدد 1451 /3-3-2021

طبع كلام البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي، مرحلة جديدة في لبنان على الساحة السياسية، اكان من خلال اللاءات التي وضعها، او من خلال تفنيده اهداف الحياد الإيجابي والدعوة الى المؤتمر الدولي، والتي سترسم معالم المرحلة المقبلة، اكان من خلال المواقف التي تلقفتها، التي اعتبرتها مؤشرا لصورة جديدة للبنان من خلال اعتبارها بمثابة «الإستقلال الثالث» ، او التي توجست منها على قاعدة المس بالمحرمات، عندما قال

«نواجه حالة انقلابية فلا تسكتوا، و«سننقذ لبنان، وبعد ان حررنا الارض فلنحرر الدولة، غامزا من قناة دولة في دولتين وجيش في جيشين، والسلاح غير الشرعي، والوجود الفلسطيني والنزوح السوري، ليؤكد ان طرح المؤتمر الدولي للحفاظ على كيان لبنان بعد ان سقطت كل الطروحات للسيطرة على مقاليد الحكم في لبنان .

وكانت الوفود تقاطرت الى ساحة الصرح البطريركي في بكركي للمشاركة في التحرك الداعم لطروحات سيده وسطة مواكبة امنية كبيرة وانتشار للعناصر على طول الطرق المؤدية الى الصرح.  ورفعت في الباحة الخارجية 3 لافتات «لبنان اولا واخيرا»، «حياد - سيادة - استقرار»،و«بكركي لكل لبنان». وصدحت في الصرح «أناشيد وطنية ودينية». وحضر الى الصرح لبنانيون من كل المناطق والمذاهب والطوائف، مؤيدين حياد لبنان والذهاب نحو مؤتمر دولي لاخراجه من أزمته، وشارك وفد من اللقاء الروحي في لبنان الذي يضم مسلمين ومسيحيين في التحركوعلى رأسه السيد حسن الامين الشيخ عامر زين الدين والشيخ احمد المصري والاب ايلي كيوان. كما سجلت مشاركة شعبية واسعة من مؤسسات مارونية، الى جانب وفود درزية من الجبل ووفود سنية من طرابلس والضنية.

استهل الراعي كلمته أمام الوفود الداعمة لمواقفه في بكركي ، بالدعوة الى الوقوف دقيقة صمت على أرواح شهداء انفجار مرفأ بيروت، ولفت الراعي الى ان «خروج الدولة أو قوى عن سياسة الحياد هو السبب الرئيسي لكل أزمانتنا والحروب التي وقعت في لبنان»، مشيراً الى ان «التجارب اثبتت أن كل مرة انحاز البعض إلى محور إقليمي أو دولي انقسم الشعب وعلق الدستور وتعطلت الدولة وانتكست الصيغة واندلعت الحروب، فجوهر الكيان اللبناني المستقل هو الحياد بل الهدف من إنشاء دولة لبنان هو خلق كيان لبناني حيادي في هذا الشرق يشكل صلة وصل بين شعوب المنطقة وحضاراتها وجسر تواصل بين الشرق والغرب».

وبيّن الراعي ان «اختيار نظام الحياد هو للمحالفظة على دولة لبنان في كيانها الحالي الذي أساسه الإنتماء اليه بالمواطنة وليس بالدين وميزته التعددية الثقافية والدينية والإنفتاح على كل الدول وعدم الإنحياز»، مؤكداً ان «الدعوة إلى إقرار حياد لبنان نسعى إلى إعطائه صفة دستورية ثابتة بعد ورود ذكره في أشكال شتى وتعابير مختلفة في وثيقة انشاء لبنان وفي بيان حكومة الإستقلال وفي بيانات كل الحكومة المتتالية وصولا إلى إعلان بعبدا في العام 2012، ونحن مع المؤتمر الدولي لإنقاذ لبنان وطالبنا بذلك لأن كل الحلول الأخرى وصلت إلى حائد مسدود ولم نتمكن في ما بيننا من الإتفاق على مصير وطننا، حتى أن السياسيين المعنيين لم يتمكنوا من الجلوس على طاولة واحدة للحوار بشأن الوطن، ونحن مع المعالجة الداخلية فليتفضلوا إلى ذلك».

وأكد الراعي ان «طلبنا بمؤتمر دولي لأن كل الطروحات رفضت حتى تسقط الدولة ويتم الإستلاء على مقاليد السلطة، ونحن نواجه حالة إنقلابية بكل معنى الكلمة على كل ومختلف الميادين الحياة العامة وعلى المجتمع اللبناني وعلى ما يمثل وطننا من خصوصية حضارية في هذا الشرق»، مشدداً على ان «الإنقلاب الأول كان على وثيقة الوفاق الوطني التي أقرها مؤتمر الطائف الذي عقد برعاية دولية وعربية ولم يطبق حتى اليوم بكامل نصه وبروحه، وعدل الدستور على أساسه فظهرت ثغارات أثرت بالعمق على حياة الدولة حتى أصيب بالشلل»، مشدداً على انه «لو تمكنت الجماعة السياسية من إجراء حوار لتحصين الوثيقة ومعالجة الثغرات في الدستور لما طالبنا بمؤتمر دولي برعاية الأمم المتحدة يساعدنا على معالجة العقد التي تشل المؤسسات السدتورية، ونحن نريد من المؤتمر الدولي أن يثبت الكيان اللبناني المعارض جدياً للخطر وأن يعيد تثبيت حدوده الدولية، وأن يجدد دعم النظام الديمقراطي الذي يعبر عن تمسك اللبنانيين بالحرية والعدالة والمساواة، وإعلان حياد لبنان كي لا يعود ضحية الصراعات والحروب وأرض الإنقسامات ويتأسس على قوة التوازن لا على موزاين القوى التي تنذر دائما بالحروب، وأن يتخذ جميع الإجراءات لتنفيذ القرارات الدولية المعنية بلبنان التي لم تنفذ أو نفذت جزئياً، لأن تنفيذها من شأنه أن ينقذ إستقلال لبنان وسيادته ويسمح للدولة أن تبسط سلطتها الشرعية على كامل أراضيها من دون أي شراكة أو منافسة».

واعلن الراعي انه «نريد من المؤتمر الدولي أن يوفر الدعم للجيش اللبناني ليكون المدافع الوحيد عن لبنان والقادر على إستعداد القدرات العسكرية الموجودة لدى الشعب من خلال نظام دفاعي شرعي يمسك بقرار الحرب والسلم، ونحن نريد من المؤتمر الدولي أن يحسم وضع خطة تنفيذية سريعة لمنع توطين الفلسطينيين وإعادة النازحين السوريين إلى ديارهم ولا نريد منه جيوشاً ومعسكرات أو المس بكيان لبنان فهو غير قابل لإعادة النظر وحدود لبنان غير قابلة للتعديل وشركته المسيحية – الإسلامية غير قابلة للمس وديمقراطيته غير قابلة للنقض ودوره غير قابل للتشويش وهويته غير قابلة للتزوير».

وأوضح ان «اي تطوير للنظام اللبناني لا يجوز أن يكون على حساب ما تم الإتفاق عليه منذ تأسيس دولة لبنان، والتطوير لا يعني إلغاء المواثيق الدستورية بل توضيح الملتبس بها كي تتكامل السلطات السدتورية، وهو لا يعني محو الماضي بل تحصين الثوابات، ومن حقنا العيش حياة كريمة في وطننا، لقد ولدنا لنعيش في مروج السلام الدائم لا في ساحات القتال الدائم، وجميع مشاكل الشعوب باتت قابلة للحل بالحوار والتفاوض والعلاقات السلمية»، مشيراً الى ان «كل ما نطرحه اليوم هو لتجديد وجودنا الحر والسيد والمستقل وهو لإحياء الدولة اللبنانية المعطلة والمصادرة، فحررنا الأرض فلنحرر الدولة من كل ما يعيق سلطتها وأدائها، فعظمة حركات التحرر والمقاومة في العالم هي أن تصب في كنف الدولة وشرعيتها وعظمة الدولة أن تخدم شعبها، فاين نحن ودولتنا من هذه العظمة»؟، والدولة هي الكيان الأسمى ولذلك لا تتقبل الإلتباس والإزدواجية والإستضعاف، فلا يوجد دولتين أو دول على أرض واحدة ولا يوجد جيشين أو جيوش على أرض واحدة ولا يوجد شعبين أو شعوب في وطن واحد، أن أي تلاعب بهذه الثوابت يهدد وحدة الدولة، ونحن هنا نطرح مشاريع حلول لا مشاريع مشاكل، وهي لكل لبنان ولكل اللبنانيين، لأن الحل الحقيقي هو حل لكل الشعب لا لفئة دون سواها».

وختم الراعي « لبنان للجميع أو لا يكون والجميع للبنان أو لن يكونوا، وأفهم صرختكم وغضبكم وإنتفاضتكم وثورتكم، فلا تسكتوا عن تعدد الولاءات أو عن الفساد أو عن سلب أموالكم أو عن الحدود السائبة أو عن خرق أجواء لبنان أو عن فشل الطبقة السياسية أو عن الخيارات الخاطئة والإنحياز وفوضى التحقيق في جريمة المرفأ أو عن تسييس القضاء أو عن السلاح غير الشرعي وغير اللبناني أو عن سجن الأبرياء وإطلاق المذنبين أو عن التوطين الفلسطيني ودمج النازحين أو عن مصادرة القرار الوطني أو عن الإنقلاب على الدولة والنظام أو عن عدم تأليف الحكومة أو على عدم إجراء الإصلاحات أو عن نسيان الشهداء الذين هم ذخيرة وجودنا الروحي والوطني».

وكانت في البداية، تحدثت ماري أنج نهرا باسم منظمي تجمع بكركي، وتوجهت الى البطريرك الماروني قائلة: «لولا وباء كورونا لكنا في هذا الصرح الكريم أضعاف هذا العدد، وجئناكم من دون وكيل عنا نحن الشعب اللبناني المستقل والمنتفض منذ سنة، لنقف الى جانبكم ونشد على يدكم بمطالبتكم بحياد لبنان وبعقد مؤتمر دولي ينقذ كيان لبنان».