العدد 1435 / 4-11-2020

تمر العلاقة بين حزب الله والتيار الوطني الحر في هذه المرحلة بأزمة حقيقية في ظل تصاعد الخلافات حول بعض القضايا الاستراتيجية ومنها الموقف من العدو الصهيوني ودور حزب الله الاقليمي ، في حين يحرص الطرفان على حماية التفاهم السياسي بينهما ، سواء حول الموقف من تكليف الرئيس سعد الحريري وتشكيل الحكومة الجديدة او بعض الملفات الداخلية.

فالى أين تتجه العلاقة بين التيار والحزب ؟ وهل انتهى تفاهم مار مخايل الذي عقد بينهما عام 2006 ؟ وهل سنكون امام صيغة جديدة للعلاقة بين الحزب والتيار في المرحلة المقبلة؟

الخلافات بين التيار والحزب

بداية ماهي طبيعة الخلافات بين حزب الله والتيار الوطني الحر حاليا؟ وهل وصلت الخلافات الى القضايا الاستراتيجية ومنها الموقف من العلاقة مع العدو الصهيوني ودور حزب الله الاقليمي؟

للمرة الاولى منذ تفاهم مار مخايل عام 2006 بدأت تبرز بعض الخلافات حول القضايا الاستراتيجية بين حزب والتيار الوطني الحر ، في حين كانت تبرز في بعض المراحل السابقة خلافات سياسية او اعلامية او حول بعض القضايا الداخلية.

والقضية الأهم التي برز الخلاف حولها في الفترة الاخيرة تتعلق بالموقف من العدو الصهيوني ومفاوضات ترسيم الحدود ، فعلى صعيد مفاوضات الترسيم كانت وجهة نظر حزب الله وحركة امل عدم إشراك مدنيين في المفاوضات والاقتصار على الضباط العسكريين ، لكن رئيس الجمهورية أصر على ان يضم الى الوفد بعض المتخصصين المدنيين تجاوبا مع الطلب الاميركي مما دفع الحزب والحركة لاصدار بيان شديد اللهجة معارض للخطوة ، لكن ذلك لم يؤثر على المفاوضات او تغيير اعضاء الوفد .

وفي الوقت نفسه برزت مواقف جديدة لكلوديت عون (ابنة الرئيس العماد ميشال عون) والتي تعلن فيها عدم معارضتها لاقامة علاقات طبيعية مع الكيان الصهيوني او توقيع اتفاق سلام معه ، وهذه المواقف سبق ان اعلنها رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل ، وهذا يتناقض مع موقف حزب الله.

والنقطة الاخرى التي برز الخلاف حولها تتعلق بدور حزب الله الاقليمي ، فقد وجه باسيل مؤخرا انتقادات لدور الحزب الخارجي مؤكدا على الخلاف معه حول هذا الملف.

والملاحظ انه منذ انفجار بيروت في الرابع من اب الماضي ازدادت الانتقادات داخل اوساط التيار لدور الحزب حول العديد من القضايا الخارجية والداخلية ، ولاسيما حول تشكيل الحكومة الجديدة وبقاء وزارة المالية بيد الطائفة الشيعية ، لكن الطرفين حرصا على لملمة الخلافات وابقاء خطوط التواصل والتنسيق بينهما.

مستقبل التفاهم وافاق العلاقة بين التيار والحزب

لكن هل يمكن القول ان تفاهم مار مخايل بين التيار والحزب قد انتهى؟ وما هو مستقبل العلاقة بينهما؟

المصادر المطلعة على اجواء العلاقة بين التيار والحزب تؤكد : ان التفاهم بينهما لا يزال قائما بسبب الحاجة المتبادلة بين الطرفين في هذه المرحلة السياسية الدقيقة ، وانه ليس من مصلحة الحزب او التيار الان انهاء التفاهم او التراجع عنه ، وقد حرص الحزب على مراعاة التيار بعدم تسمية الرئيس سعد الحريري لتشكيل الحكومة رغم حرصه على التعاون معه ، كما حرص الحزب على عدم الدخول في سجالات اعلامية او سياسية مع مسؤولي التيار ونوابه سواء حول القضايا الاستراتيجية او القضايا الداخلية، وان كان الحزب يتابع ما يحصل داخل التيار والبيئة المؤيدة له من متغيرات في المواقف وحجم الانتقادات الموجهة للحزب ، وهو يدرس كيفية التعاطي مع هذه الاجواء ومنع تفاعلها وانتشارها.

وعلى ضوء هذه المعطيات تشير هذه المصادر : ان العلاقة بين التيار والحزب ستستمر حاليا ، كما ان التنسيق بينهما مستمر من خلال الاتصالات واللقاءات المشتركة ، ويتم معالجة الخلافات بينهما من خلال هذه اللقاءات والفصل بين الملفات ، لكن ذلك لا يعني انتهاء الخلافات سواء كانت حول القضايا الاستراتيجية او القضايا السياسية والداخلية، وهذا يتطلب اعادة تقييم العلاقة بينهما والتوافق على كيفية مقاربة المرحلة المقبلة في ظل تزايد التحديات الداخلية والخارجية.

وفي الخلاصة فان تفاهم ما مخايل بين التيار الوطني الحر وحزب الله حقق للطرفين نتائج مهمة خلال الاربع عشر سنة الماضية ، ولا سيما دعم الحزب والمقاومة في مواجهة العدوان الاسرائيلي في تموز 2006 ، كذلك دعم الحزب في دوره الاقليمي والخارجي ولا سيما في سوريا ، وبالمقابل وصول العماد ميشال عون لرئاسة الجمهوية وتحقيق التيار اوسع حضور نيابي ووزاري وسياسي في السنوات الاخيرة ، لكن يبدو ان هذا التفاهم بحاجة اليوم الى مراجعة شاملة من اجل تحديد المواقف من مختلف التطورات والمستجدات الداخلية والخارجية ، ولا بد من اجراء مثل هذه المراجعة اليوم قبل الغد.

قاسم قصير