العدد 1369 / 10-7-2019
بسام غنوم

لم تنته بعد مفاعيل حادثة قبرشمون من الناحية الأمنية , اذ مازالت قضية تسليم المطلوبين من قبل الحزب التقدمي الاشتراكي والنائب طلال ارسلان تراوح مكانها رغم تسليم الحزب التقدمي عدداﹰ من المطلوبين ، وقد امتدت حادثة قبرشمون سياسياﹰ مع تعطيل جلسات مجلس الوزراء للاسبوع الثاني على التوالي بسبب تمسك الوزير باسيل والنائب طلال ارسلان باحالة قضية قبرشمون التي وقعت بين مرافقي الوزير صالح الغريب وانصار الحزب التقمي الاشتراكي الى المجلس العدلي , وهو ما يرفضه رئيس الحزب التقدمي وليد جنبلاط ويعتبره محاولة للنيل منه سياسياﹰ وهو ما عبر عنه الوزير وائل ابو فاعور بالقول : "ان منطق سيدة النجاة وعقليته لا يزال يتحكم بعقول البعض الذي لا يتورع عن ارتكاب رعونه تاريخية لا يعرف الى اين يمكن ان تقود البلاد ، ومن يعيق او يعطل عقد جلسة مجلس الوزراء هو من يتحمل مسؤولية كل الارتدادات المالية والسياسية والاقتصادية على البلد" .

وقد اخذت حادثة قبرشمون تتفاعل سياسياﹰ بشكل ادى الى اعادة البلاد الى حالة التعطيل السياسي والتوتر الأمني التي سبقت تشكيل حكومة "هيا الى العمل" برئاسة الرئيس سعد الحريري ، وهو ما يوحي بأن هناك من يريد وضع يده على البلد ضارباﹰ بعرض الحائط كل الاتفاقات السياسية والدستورية وعلى رأسها اتفاق الطائف من أجل فرض أعراف وتقاليد سياسية جديدة مخالفة للدستور ولو كان ذلك على حساب استقرار لبنان وأمنه السياسي والاقتصادي .

فهل عملية تعطيل مجلس الوزراء من أجل احقاق العدالة كما يقول الوزير باسيل ام هي ضمن المخطط المبرمج لوضع اليد على صلاحيات رئيس الحكومة وتعطيل اتفاق الطائف ؟

كشفت حركة الاتصالات الأمنية التي يتولاها مدير عام الأمن العام عباس ابراهيم والسياسية التي يقوم بها الرئيس نبيه بري من أجل حل قضية حادثة قبرشمون , ان هناك قراراﹰ سياسياﹰ بتعطيل مجلس الوزراء لحين الاستجابة لمطلب الوزير باسيل والنائب طلال ارسلان باحالة القضية الى المجلس العدلي ، وتمثل هذه الخطوة استمراراﹰ لنهج التعطيل المتبع من قبل التيار الوطني الحر منذ ما قبل انتخاب العماد عون رئيساﹰ للجمهورية ، وما تلا ذلك من أمور في عملية تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة سعد الحريري ، واستمر خلال عمل حكومة "هيا الى العمل" مع كل قضية ومفصل سياسي واقتصادي وما جرى خلال مناقشة موازنة العام 2019 في مجلس الوزراء ، وما يجري في مناقشة مشروع الموازنة في لجنة المال النيابية برئاسة النائب ابراهيم كنعان الا دليل على ان نهج التعطيل والعناد ووضع العصي في الدواليب هو المتبع من أجل التأكيد على قرار البلد والحكومة هو في يد العهد والوزير جبران باسيل ، وان الوزير باسيل هو من يملك قرار تعطيل جلسات مجلس الوزراء ومفتاح قاعة المجلس .

هذه الحقيقة السياسية التي اصبح يعرفها الجميع في البلد نتيجة الممارسات التعطيلية المستمرة من قبل التيار الوطني الحر والوزير جبران باسيل , تؤكد ان موضوع احقاق الحق في قضية قبرشمون هو آخر اتمامات الوزير باسيل وفريقه السياسي ، ويؤكد ذلك المواقف التي اطلقها الوزير باسيل في زيارته الى طرابلس بعد اسبوع من حادثة قبرشمون حيث اعاد نبش موضوع مقتل الرئيس رشيد كرامي مجدداﹰ ، مما يدل على ان خطاب الفتنة المتنقلة بين منطقة وأخرى له أهداف واضحة ومخططة سلفاﹰ , وهناك عمل مبرمج لتنفيذها .

والسؤال هو الى اين ستتجه الأمور في ظل حالة التصعيد القائمة حالياﹰ من قبل الوزير باسيل وفريقه السياسي ؟

في هذا الاطار تقول مصادر سياسية مطلعة ان القضايا السياسية مفتوحة باتجاه التصعيد ، الا في حال تراجع باسيل عن تمسكه باحالة قضية قبرشمون الى المجلس العدلي ، ويبدو حتى الآن ان هذا الأمر مستبعد , لأن الرئيس عون يؤيد مطلب باسيل ولذلك كانت زيارة الرئيس بري الى بعبدا لحلحلة القضية غير موفقه ، وهو ما عبر عنه بالقول بعد الزيارة "جئت لأصبح على الرئيس عون" .

باختصار ، البلد يشهد فصلاﹰ آخر من فصول التعطيل ومحاولات الهيمنة على القرار السياسي للحكومة , فهل تنجح محاولة باسيل ام ان ادراك باقي الأطراف السياسي لخطورة ما يجري يعيد تصويب الأمور الى مجراها السليم ؟

بسام غنوم