العدد 1335 / 31-10-2018
بسام غنوم

دخلت عملية تشكيل الحكومة مسارها الأخير مع تذليل العقبات التي كانت امام تشكيلها ، ولا سيما العقدتين الدرزية والمسيحية ، حيث تم التوافق بعد أخذ ورد لأكثر من خمسة أشهر على جعل تسمية الوزير الدرزي الثالث الذي كان يطالب به ويصرّ عليه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في عهدة الرئيس ميشال عون "الكل يشعر بحجم المسؤولية ، "ضيعان" الأشهر الخمسة التي أضعناها سدى ، لا نتحمل اضاعة المزيد من الوقت" ، كما قال عضو اللقاء الديمقراطي النائب فيصل الصايغ .

وأما العقدة المسيحية المتمثلة بتمثيل حزب القوات اللبنانية في الحكومة ، التي كانت تصرّ على الحصول على حقيبة أساسية في الحكومة تتناسب مع حجم تمثيلها النيابي وفق نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة ، فقد قبلت على مضض ما هو مطروح عليها من حقائب وزارية بعد تمنع ورفض ، لأنها تعتبر أن هناك مؤامرة لاحراجها من اجل اخراجها من الحكومة الجديدة ، وفي معرض تبريره لقبول "القوات" ما كانت ترفضه طوال خمسة أشهر ، استعان رئيس حزب القوات سمير جعجع بمثال "ليس هناك من أعمال حقيرة وانما هناك أناس حقيرون" ، وأضاف لذا أريد أن استعمل هذا المثل بتصرف لأقول : "ليس هناك حقائب وزارية حقيرة و انما هناك أناس حقيرون" ، ووصف الأناس الحقيرين مبررا عن المرارة التي تشعر بها "القوات اللبنانية" .

بخصوص تمثيلها في الحكومة بعد خمسة أشهر ونصف من المفاوضات والمشاورات مع الرئيس المكلف والقوى السياسية الفاعلة ولا سيما الوزير جبران باسيل والتيار الوطني الحرّ .

لكن بعد الوصول الى حلّ للعقدتين الدرزية والمسيحية على مضض كما هو ظاهر من مواقف جنبلاط وجعجع ، ومع اعتقاد الرئيس سعد الحريري ان الأمور اصبحت منتهية ، برزت على السطح وبقوة ما يسمى بالعقدة السنّية ، وهي مرتبطة بتمثيل النواب المسلمين السنّة في الحكومة من خارج تيار المستقبل ، ويقول النائب وليد سكريّة (عضو اللقاء التشاوري) : "كان تيار المستقبل يعتبر انه الممثل الوحيد للطائفه السنية ولا أحد غيره يمثلها ، واي قرار لا يوافق عليه هو غير ميثاقي .. الان هناك عشرة نواب من خارج تيار المستقبل نالوا 40 بالمئة من اصوات الطائفة السنية وليس من الاصوات الغير سنّية ولهم الحق في التثميل ، والتيار ليس له الحق بان يحتكر تمثيل الطائفة السنية" ، وهذا الموقف للنائب سكريّة جاء غداة تأكيد السيد حسن نصرالله في شهر تموز الماضي على ضرورة تمثيل النواب السنة في الحكومة ممن لاينتمون لتيار المستقبل ، وأكد وقتها ان الحكومة لن تؤلف من دونهم ، وهو موقف جوبه بتجاهل واستهزاء من قبل الرئيس سعد الحريري الذي قال :"انا من يؤلف الحكومة ونقطة على السطر".

الا أن موقف "نقطة على السطر" بعد أكثر من ثلاثة أشهر على طلب توزير النواب السنة المستقلين من قبل السيد حسن نصرالله ، يقف عقبة امام تشكيل الحكومة الجديدة بعد حلّ عقدتي "القوات اللبنانية" والتمثيل الدرزي ، ومع ذلك يقول رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد : "والآن بعد انتظار خمسة اشهر بدأت بتاشير اننا أصبحنا في المربع الاخير والحكومة ستبصر النور هذا الاسبوع" .

ويبدو ان موقف النائب رعد يستند الى المسيرة التراجعية للرئيس المكلف ، الذي فشل في مشاورات التأليف في الحفاظ على الحصص الوزارية للشركاء والحلفاء له في الحكومة ، اي حزب القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي، وقبل بما كان يرفضه في السابق في ظلّ العناد والاصرار على المواقف من قبل الرئيس عون والوزير جبران باسيل وحزب الله ، وارتضى السيّد بما يسمى بالمعايير التي افرزتها نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة ، وهذه المسيرة التنازلية للرئيس الحريري مستمرة منذ التسوية الرئاسية ، مروراﹰ بقانون الانتخابات ونتائجها ، وصولاﹰ الى تشكيل الحكومة الجديدة ، حيث كان التخلي عن المواقف المبدئية والصلاحيات تحت عنوان التسوية السياسية وضرورة المرحلة الممتدة منذ أكثر من سنتين والمرشحة الى مزيد من التنازلات في الحكومة الجديدة .

في الخلاصة ، يمكن القول ان الحكومة الجديدة ستكون تعبيراﹰ عن الوضع العام في لبنان ، حيث أكثرية في المجلس النيابي لحلفاء "حزب الله" ، وكذلك الحال في الحكومة ، وبالتالي فان الحكومة الجديدة هي حكومة فريق 8 آذار و"حزب الله" برئاسة الرئيس سعد الحريري .

بسام غنوم