بسام غنوم

ماذا بعد إقرار قانون الانتخاب بعد مخاض عسير؟ هل تتجه الحكومة إلى معالجة الملفات الاجتماعية والاقتصادية المتراكمة مثل قضية سلسلة الرتب والرواتب، وأزمة الكهرباء، والوضع الاقتصادي المتردي؟
وماذا عن معالجة الأمن المتفلت من البقاع إلى بيروت، مروراً بكل المحافظات اللبنانية؟
وقبل هذا وذاك، هل تدخل الحكومة والعهد في سلسلة سجالات ومناكفات مع القوى السياسية المعارضة، أم تنفتح على الجميع بما يُساهم في تعزيز الأمن والاستقرار في لبنان؟
أسئلة كثيرة يطرحها اللبنانيون بعد مسلسل إقرار قانون الانتخاب العتيد، وما رافقه من مناقشات وسجالات ساخنة كادت تهدد كيان الدولة، وانتهت بتسوية سياسية جاءت بقانون للانتخاب أشبه باللقيط لم يتبنّه أحد، حيث أعلن كل مَن شارك في صياغة هذا القانون انه ليس القانون الأفضل، ولكنه أفضل الممكن حتى لا يقع لبنان في الفراغ، وهذا إن دلّ على شيء فإنه يدل على أن القوى السياسية صاحبة الفضل في إنجاز القانون الانتخابي لا تريد أن تسجل على نفسها أنها بعد أخذ ورد استمر أكثر من ستة أشهر لم نستطع إنجاز ما كانت تَعدُ به اللبنانيين من إنجاز قانون للانتخاب يحقق التمثيل الصحيح لكل اللبنانيين بعيداً عن الحسابات الطائفية والفئوية.
إذاً المرحلة القادمة بعد مرحلة إقرار قانون الانتخاب هي مرحلة الاهتمام بمطالب الناس الاجتماعية والاقتصادية، وحماية أمن اللبنانيين واستقرارهم كما قال رئيسا الجمهورية والحكومة ميشال عون، وسعد الحريري، وهي كما قال الرئيس نبيه بري بعد إعلان فتح دورة استثنائية لمجلس النواب من 21 حزيران إلى 16 تشرين الأول،  «ستكون هذه المدة كما قلت عند إقرار قانون الانتخاب مرحلة للعمل والانتاج، لا بل هي مرحلة لاستعادة الثقة».
فهل تنجح الحكومة والمجلس النيابي في استعادة ثقة اللبنانيين؟
لعل من أول التحديات التي تواجه الحكومة حل أزمة الكهرباء المستمرة بوتيرة متصاعدة منذ البدء بتطبيق اتفاق الطائف في عام 1990، حيث لم تؤد كل الوعود السابقة من الرئيس رفيق الحريري، مروراً بالوزير جبران باسيل وصولاً الى وزير الطاقة الحالي سيزار أبي خليل الى حل لأزمة الكهرباء، وآخر هذه الوعود كان للرئيس سعد الحريري الذي وعد اللبنانيين بكهرباء على مدى 24 على 24 ساعة في القريب العاجل.
إذاً معالجة أزمة الكهرباء ستكون البند الأول على طاولة مجلس الوزراء بعد الاتفاق على قانون الانتخاب.
وفي المعلومات أن خطة الكهرباء الجديدة ستكلف اللبنانيين مليارين وخمسمئة مليون دولار أميركي، منها مليار و770 مليون دولار كلفة استئجار البواخر العائمة، والباقي كلفة تمديد عقود مقدمي خدمات التوزيع في مؤسسة كهرباء لبنان.
واللافت في خطة الحكومة الجديدة للكهرباء أنها ستترافق مع زيادة في تسعيرة استهلاك الكهرباء ابتداءً من شهر تموز القادم، وهذه الزيادة في أسعار فاتورة الكهرباء على اللبنانيين التي تحدث عنها الوزير سيزار أبي خليل ستطبق قبل حصول اللبنانيين على كهرباء على مدى 24 ساعة، وقبل موافقة الحكومة والمجلس النيابي على خطة الكهرباء.
وكما يعلم الجميع فإن هناك معارضة شديدة لخطة الكهرباء بسبب الكلفة المرتفعة لها، وبسبب اعتمادها على استجرار الكهرباء من البواخر بدلاً من إقامة معامل لإنتاج الكهرباء.
وهذه الاعتراضات عرضها رئيس حزب الكتائب سامي الجميّل في المجلس النيابي، وهو ما أثار امتعاض وزير الطاقة والرئيس سعد الحريري لأن كلام الجميّل وغيره من المعترضين أثار الكثير من الشبهات حول ما يجري في ملف الكهرباء.
فهل تنجح الحكومة في معالجة ملف الكهرباء بشفافية ووضوح كما وعدت اللبنانيين؟
ملف آخر يقلق اللبنانيين هو ملف سلسلة الرتب والرواتب التي فشل مجلس النواب في اقرارها بسبب الكلفة الكبيرة المترتبة على اللبنانيين المقترحة من الحكومة لتمويل السلسلة، وذلك عبر فرض جملة من الضرائب ستطاول كافة الشرائح الاجتماعي كما أظهرت المناقشات في مجلس النواب، وليس كما يقول وزير المالية علي حسن خليل والحكومة. ويتذكر اللبنانيون مشهد هروب النواب من باحة المجلس النيابي عند مناقشة سلسلة الرتب والرواتب، ومحاولة كل طرف إلقاء فشل جلسة مناقشة السلسلة على الطرف الآخر، ولم يجدوا أخيراً إلا النائب سامي الجميّل وبعض المعترضين على السلسلة لإلقاء اللوم عليهم في مشهد كاريكاتوري، وهو إن دل على شيء فإنما يدل على خوف الحكومة من غضب الناس.
فهل تجد الحكومة والمجلس النيابي طريقة لإقناع اللبنانيين بـ«سلسلة الرتب والرواتب»؟
الموضوع الأبرز الذي يقلق اللبنانيين في هذه الأيام إضافة الى المواضيع الاجتماعية والاقتصادية هو موضوع تفشي المخدرات والجريمة في مختلف المناطق اللبنانية، وفي هذا الإطار تبدو الحكومة عاجزة عن معالجة هذا الملف الحساس رغم الجهود التي تبذلها القوى الأمنية.
فالمجرمون وتجار المخدرات منتشرون في مختلف المناطق اللبنانية، والمعالجة القائمة ليست استباقية كما هو الحال في ملف الإرهاب، ولذلك فالجريمة الى انتشار، وتجارة المخدرات وتعاطيها الى اتساع.
والبعض يتحدث عن حمايات سياسية لتجار المخدرات، والأنكى من ذلك هو السعي لإطلاق آلاف المجرمين تحت عنوان قانون العفو العام الذي يجري العمل عليه من قبل القوى السياسية المشاركة في الحكومة.
باختصار، العهد والحكومة والمجلس النيابي أمام اختبار استعادة الثقة المفقودة من اللبنانيين، فهل ينجحون في ذلك، أم أن كل ما سيجري في الملفات الاقتصادية والاجتماعي والأمنية سيكون من أجل النجاح في الانتخابات؟}
بسام غنوم