وائل نجم

بقلم: وائل نجم
  في الأول من آب، أحيا الجيش اللبناني العيد الثالث والسبعين للمؤسسة العسكرية بتخريج دفعة جديدة من الضباط التي أطلق عليها دورة «فجر الجرود» في دلالة رمزية على الإنجاز الذي حققه خلال العملية العسكرية النوعية التي قام بها في منطقة جرود راس بعلبك وأنهى فيها وجود المسلحين التابعين لـ«تنظيم الدولة».
وفي عيد العسكريين دعا قائد الجيش، العماد جوزيف عون، في «أمر اليوم» العسكريين إلى اليقظة تحسباً من انعكاس أزمات المنطقة على لبنان، وأكد الدفاع عن لبنان والتصدّي لأية محاولة للانتقاص منه مهما غلت التضحيات.
التحدّيات التي كانت ماثلة أمام المؤسسة العسكرية في العام العسكري الماضي (1 آب 2017 حتى 1 آب 2018)، فضلاً عن تحدّي المخاطر والتهديدات الإسرائيلية الدائمة، تمثّلت بشكل أساسي ورئيسي بوجود مقاتلي الجيش السوري الحر وجبهة فتح الشام في جرود عرسال، ومسلحي تنظيم الدولة في جرود راس بعلبك، فضلاً عن بعض التحدّيات الأمنية في الداخل اللبناني التي لم تكن تشكّل أولوية أو خطراً قياساً بما كان يُنظر إليه من وجود أولئك المسلحين والمقاتلين في تلك المناطق. وقد تمكّن الجيش خلال عملية عسكرية قام بها في منطقة جرود راس بعلبك من إنهاء سيطرة مسلحي التنظيم على تلك المنطقة، فيما أنهى مسلحو «حزب الله» قبل ذلك وجود مقاتلي الجيش السوري الحر وجبهة فتح الشام في المنطقة الجردية عند الحدود اللبنانية السورية بالقرب من بلدة عرسال. وبهذين الإنجازين المنفصلين، اعتُبرَت التهديدات التي كانت تأتي من هاتين المنطقتين بحكم المنتهية، وبالتالي انتهى أمام المؤسسة العسكرية أحد التحدّيات التي كانت ماثلة خلال العام العسكري الماضي.  
اليوم، بعد انتهاء تلك التحدّيات أمام المؤسسة العسكرية، تبرز تحدّيات جديدة في العام العسكري الجديد (حتى 1 آب 2019) إضافة إلى التحدّي المستمر والخطر الدائم من الاعتداءات والتهديدات الإسرائيلية عند الحدود الجنوبية أو في الأجواء اللبنانية والمياه الإقليمية، وهذا التحدّي هو في فرض الأمن في الداخل اللبناني، ولا سيما في منطقة البقاع الشمالي حيث فشلت إلى الآن معظم الخطط الأمنية التي رسمت للمنطقة، وتزايدت بنحو لافت المخاطر التي تهدد حياة المواطنين في أمنهم اليومي وحياتهم ومستقبل أبنائهم، ويكاد المرء يتابع يومياً أخبار المشاكل والأعتداءات التي تحصل بين العائلات أو بين المجموعات المسلحة التي تنشر الخوف والرعب في تلك المنطقة وتروّج لتجارة المخدّرات، وتعمل على سرقة المواطنين والسيارات وكل أشكال الممارسات وأصنافها التي لا تجعل الإنسان مطمئناً في هذه المنطقة. وعادة ما تستعمل في الإشكالات التي تحصل، وغالباً ما تتحوّل إلى اشتباكات، الأسلحة الخفيفة وحتى المتوسطة من عيار 12.7 أو قذائف صاروخية من نوع  «بي سفن»، ويسقط في هذه الاشتباكات قتلى وجرحى، وأحياناً كثيرة من غير المعنيين بها، فيما الدولة غائبة، والمواطن يدفع الثمن والضريبة، حتى علت صرخة الناس في تلك المنطقة من الممارسات والتشبيح الذي يجري، وطالبت فعاليات تلك المنطقة المسؤوليين والرئاسات الثلاث وقيادة الجيش باتخاذ ما يلزم لإعادة الأمن والوضع إلى طبيعته في تلك المنطقة، ووضع حدّ لحالة التسيّب والفلتان القائمة.
لقد بدا من خلال تلك الممارسات والإشكاليات والمشاكل وحالات الخطف والسلب وتجارة المخدرات وزراعتها وكل ذلك، بدا وكأن دولة تنشأ خارج سيادة الدولة ونطاقها في تلك المنطقة، حتى إن بعض المسلحين وجّه تهديدات صريحة إلى الجيش وضباطه، فيما اعتدى بعضهم عليه أكثر من مرة.
اليوم، وفي العام العسكري الجديد، الجيش أمام هذا التحدّي الجديد الذي لا يقلّ خطورة على أمن المواطنين وسلامتهم، ولا تهديداً لسيادة الوطن وأمنه. وقد قام الجيش بتنفيذ بداية خطة أمنية في منطقة البقاع في بلدة بريتال تحديداً سقط فيها عدد من القتلى من المطلوبين وغيرهم، ما شكّل نقطة تحوّل في تعامل الجيش وتعاطيه مع المخلّين بالأمن في هذه المنطقة، يجب ألّا تدفعه إلى التراجع، وفي الوقت ذاته إلى عدم الوقوع في فخ الاستغلال السياسي الذي يمكن أن يقوم به البعض ممن يجد نفسه متضرراً من حراك الفئات الشعبية المقهورة من قبل الخارجين عن القانون، والمغبونة من قبل مؤسسات الدولة الخدمية.}