العدد 1368 / 3-7-2019

ولّدت زيارة رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل "الدموية" إلى الشوف، ومناطق في جبل لبنان تساؤلات وقراءات متنوعة حول مآلات الأمور الأمنية في البلاد، و علامات استفهام حول مدى توفر السلم الأهلي الذي ينفلت من عقاله عند كل مفترق ميداني أو سياسي.

زيارة باسيل المتحصن بعباءة حلفاء دروز تفجرت ذيولها في بلدة قبر شمون حيث يصف الحزب التقدمي الاشتراكي الجولة بالاستفزازية، وبأنها مفتعلة في إطار استهداف ممنهج لجنبلاط ، في حين يعتبرها التيار الوطني الحر وحلفاؤه الدروز ومن بينهم الوزير السابق طلال أرسلان ورئيس تيار التوحيد وئام وهاب طبيعية، وتأتي في سياق سياسي اعتيادي على أرض لبنانية غير مقصورة على فئة أو زعيم.

التداعيات بدت ثقيلة حيث شهدت مناطق عدة قطع طرقات من قبل مناصري وهاب وارسلان ( خصوم جنبلاط ) احتجاجا على مقتل مرافقين، وجرح آخرين للوزير صالح الغريب الدرزي، الخارج عن عباءة جنبلاط والمتحالف مع باسيل، لكن التخوفات تبدو أكبر في مناطق هي في الأساس ساحة صراعات ونزاعات وحروب طائفية وسياسية.

فيما تطلّ دعوات المحاسبة ومعاقبة مطلقي النار بمشهدية تستنسخ دعوات سابقة لم تصل إلى النتيجة المرجوة في إطار الحسابات على الطريقة اللبنانية ولعبة التوازنات السياسية.

الاشتراكي: لن يحاصر جنبلاط

وقال مصدر رفيع المستوى في الحزب التقدمي الاشتراكي أن "البعض يحاول محاصرة زعامة وليد جنبلاط والدور الوطني الذي يؤديه استنادا إلى رؤية خارجية تعمل على تحجيم القوى والشخصيات المؤثرة بشكل إيجابي في الساحة اللبنانية".

وأضاف المصدر: "المحاولة بدأت من خلال إقرار قانون الانتخابات , وفيما بعد من خلال مجريات العملية الانتخابية التي ظهر خلالها جليا حجم الاستهداف المباشر لجنبلاط والحزب الاشتراكي".

وأشار المصدر الى أن الاستهدافات توالت من خلال الخطابات السياسية والتعيينات الإدارية التي أقرتها الحكومة بالتوازي مع حملة تعنيف سياسي قادها جبران باسيل عبر استدعائه للخطاب الفتنوي بما يعيد الى الأذهان لغة الحرب الأهلية"، لافتا الى أن "خطاب باسيل العنصري لم يقتصر على استهداف اللاجئين السوريين والفلسطينيين وإنّما طال فئات من اللبنانيين وفق مفهومه وقناعته الطائفية".

وشدد على أن "ماحصل من استفزاز لأهالي الجبل ليس جديدا من قبل باسيل وفريقه وتحديدا في فترة الانتخابات حيث أعاد نبش القبور من خلال تطرقه الى الحرب السابقة.

وتبع ذلك، المحاصرة التي أراد منها تقليص كتلة جنبلاط النيابية ومحاصرته سياسيا في منطقة محدودة"، معتبرا أن ذروة هجمته على جنبلاط حصلت حينما "حاول اقتحام البيت الدرزي و ترشيح نواب دروز وتعيين وزراء دروز من قبله".

وأكد أن الحزب يعتبر أن ملف "الجبل حساس للغاية وهو يمس أمن البلد برمته، وأن أي محاولة استهداف لجنبلاط هي بمثابة ضرب للمصالحة التي حصلت بعد الحرب الأهلية".

ونوه الى أن "الحزب الاشتراكي لايرغب بالتصعيد لا بل سعى منذ اللحظة الأولى إلى الاشكال إلى المعالجات.

ولكن على القضاء أن يأخذ مجراه بالتحقيق في هذه الحادثة ومحاسبة المتورطين بالأحداث التي حصلت في الفترة السابقة وعدم الكيل بمكاييل مختلفة، "فهناك متورطون لم يتم محاسبتهم"، وختم المصدر: "نحن تحت سقف القانون مادام عادلا ومنصفا للجميع، ونرفض سياسة الاستفراد والانتقاء في العدالة والمحاسبة".

قلوب "مليانة"

واعتبر الكاتب والمحلل السياسي شارل شرتوني أن "الحادثة جاءت وليدة تمخضات سابقة عنوانها تخوفات أثارت حفيظة وليد جنبلاط تجاه ما يعتبره محاولة من قبل حزب الله وفريقه لاستهداف زعامته الدرزية عبر أطراف درزية وتحديدا من قبل وئام وهاب وطلال أرسلان".

موضحا انه "بدا جليا أنه مقتنع بمحاولة خرق بيته الدرزي وانتزاع مواقع منه في الساحة الجبلية التي يعتبرها زعيم الحزب الاشتراكي مقدسة له".

وعن أهداف التيار الوطني من زيارة باسيل للجبل في هذا التوقيت، قال: "التيار الوطني يحاول توسيع تموضعه السياسي من خلال الانفتاح على وهاب وأرسلان، وتأتي زيارة باسيل في هذا السياق.

في المقابل اعتبر الموالون لجنبلاط أن الزيارة "استفزاز مباشر واستهداف واضح لزعيمهم في منطقته التي يعتبرها إمارة لا يقبل المساس بها"، متابعا: "هناك زعامات في لبنان تعتبر مناطق معينة مقاطعة تابعة لها وترفض المساس بها".

ولفت الى أن "ما كان حاصلا في الحرب الأهلية من مناطق نفوذ تسيطر عليها زعامات وأحزاب لم تتم تصفيته بعد مرحلة الحرب، وبقيت أحياء ومناطق واقعة تحت نفوذ أمراء وزعامات، وعند حصول أي تصادم تتضح العورات بشكل يهدد أمن لبنان برمته".

وحول المخاوف من عودة الحرب في الجبل بشكل وأطراف جدد، قال: "ما جرى في فترات متلاحقة من نزاعات في الجبل محفور في ذاكرة الكثيرين لا سيما الدروز الذي يتحسسون من أي حراك يعتبرونه استهدافا لزعامتهم أو لكيانهم، ولكن لا يمكن اختصار الجبل بوليد جنبلاط ولا أي منطقة بأي زعيم آخر".