العدد 1342 / 19-12-2018
بسام غنوم

دخلت المشاورات الجارية لتشكيل الحكومة في مسار جديد يغلب عليه الطابع الايجابي ، وكان من اولى ارهاصاته اعلان الرئيس المكلف سعد الحريري اننا اصبحنا في المئة متر الأخيرة من عملية تشكيل الحكومة .

هذا الموقف الذي اطقله الرئيس سعد الحريري اثناء مشاركته هو والوزير جبران باسيل في كؤتمر لتشجيع الاستثمار في لبنان عقد في العاصمة البريطانية لندن , اعطى انطباعاﹰ بأن شيئاﹰ ما حدث في بيروت ادلى الى حدوث اختراق سياسي كبير في المواقف السياسية المتصلبة من عملية تشكيل الحكومة لا سيما فيما يخص النواب الستة في فريق 8 آذار . ومع أن هذا الافتراق السياسي لم يظهر الى العلن بعد بسبب التكتم لبذي يحيط بالمشاورات الجارية للاعلان قريباﹰ عن ولادة الحكومة الجديدة ، الا أنه يمكن الوقوف عند تطورين الاول محلي وآخر اقليمي .

بالنسبة الى التطورات الداخلية كان لافتاﹰ ارتفاع اصوت بالتحذير من خطر الانهيار الاقتصادي الذي بدأ يلوح في الافق ، وهذا ما دفع الرئيس ميشال عون الى القول في مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس النمساوي فان دربيلين يأننا : "رأينا ان من الواجب أخذ المبادرة للتوفيق بين الجميع لتشكيل الحكومة ، لأن الأخطار أكبر من قدرتنا على تحملها" وأضاف قمنا بهذه المبادرة كي تنجح . ويجب أن تنجح والا سنكون امام كارثة ، وهذا سبب تدخلي . والكارثة التي يحذر منها الرئيس عون هي الكارثة الاقتصادية التي باتت تهدد لبنان فعلياﹰ وليس قولياﹰ كما جرت العادة في الفترات السابقة .

اما التطور الداخلي الثاني فهو المرتبط بالوضع الأمني في الجنوب , حيث تصاعدت التحذيرات من خطر انفلات الامور الى مواجهة مفتوحة بين العدو الاسرائيلي و "حزب الله" , ستكون نتائجها كارثة على لبنان في ظلّ الظروف التي تمر بها المنطقة على الصعيدين الاقليمي والدولي .

وفي هذا الاطار ادى اكتشاف اربعة انفاق ﻟ "حزب الله" من لبنان الى الاراضي الفلسطينية المحتلة الى تحرك على المستوى الدولي , بعد تأكيد اليونيفيل وجود الانفاق , حيث اصدرت قيادة اليونيفيل بياناﹰ جاء فيه : "تتابع اليونيفيل بنشاط التطورات المتعلقة باكتشاف أنفاق على الخط الأزرق من قبل الجيش الاسرائيلي ... واستناداﹰ الى التقيم المستقل لليونيفيل أكد حتى الأن وجود جميع الانفاق الأربعة بالقرب من الخط الازرق في شمال فلسطين المحتلة .. وفي هذه المرحلة نتأكد أن اثنين من الانفاق يعبران الخط الأزرق ، وهذه تشكل انتهاكات لقرار مجلس الأمن 1701" .

وقضية الانفاق الاربعة كانت محور جلسة مجلس الأمن , الذي أكد على ضرورة الالتزام بقرار مجلس الامن 1701 ، وعلى حصرية حماية الحدود اللبنانية من قبل قوى الشرعية اللبنانية الممثلة بالجيش اللبناني.

وقد ترافق التحرك في موضوع الانفاق مع موقف دولي يؤكد على حماية الأمن والاستقرار في لبنان. واما على الصعيد الخارجي فقد جرى بربط نجاح المفاوضات بين الحكومة الشرعية في اليمن والمتمردين الحوثيين التي جرت في السويد , وأدت الى وقف لاطلاق النار في الحديدة وغيرها من المناطق اليمنية والى فتح الباب امام الحلول السياسية للأزمة في اليمن ، بالتغير في موقف ايران و "حزب الله" تجاه الأزمة القائمة في لبنان حيث انعكس الانفراج في اليمن على العقدة الحكومية في لبنان ، ولم يكن الموقف السعودي والاماراتي بعيداﹰ عن الموقف الايراني تجاه الوضع في لبنان حيث تحدثت الأنباء عن هدية سعودية كبيرة للبنان بعد اعلان عن تشكيل الحكومة الجديدة ، وهذه الهدية هي عبارة عن وديعة مالية بقيمة مليار دولار بدون فائدة توضيع في المصرف المركزي لدعم سعر صرف الليرة اللبنانية ، ولتوجيه رسالة ايجابية تجاه الاقتصاد اللبناني مع الحكومة الجديدة .

باختصار ، الوضع الحكومي يميل الى التفاؤل مع التطورت السياسية والاقتصادية في لبنان والمنطقة . فهل يشهد لبنان حكومة وحدة وطنية قبل نهاية العام 2018 ؟ .

بسام غنوم