العدد 1366 / 19-6-2019
بسام غنوم

تعيش الساحة السياسية في لبنان منذ ثلاث سنوات على وقع التسوية السياسية بين الرئيسين عون والحريري ومعهم "حزب الله" والتي ادت الى انتخاب الرئيس عون رئيساﹰ للجمهورية والتوافق على تسليم الرئيس الحريري رئاسة الحكومة طوال مدة حكم الرئيس عون ، وبالاضافة الى ذلك العمل معاﹰ على مختلف الصعد ولا سيما على الصعيد الحكومي من أجل النهوض بلبنان .

هذه التسوية السياسية التي اطلق عليها الوزير جبران باسيل تسمية "حكم الأقوياء" في طوائفهم تتعرض منذ التوافق عليها قبل ثلاث سنوات الى خضات وهزات سياسية متتالية كان آخرها سلسلة المواقف السياسية والعنصرية التي اطلقها الوزير باسيل من "السنية السياسية" والنازحين السوريين في لبنان وصولاﹰ الى التحركات المتنقلة على الأرض ضد النازحين السوريين واتهام أهالي طرابلس بأنهم بيئة حاضنة للارهاب بعد الحادث الارهابي الذي وقع عشية عيد الفطر المبارك .

كل هذه التطورات السياسية والأمنية دفعت الرئيس سعد الحريري الى التأكيد ان "السنة هم عصب الدولة" وانه لا يقبل التعدي على صلاحيات رئاسة الحكومة وانه هو من يعبر عن مواقف الحكومة اللبنانية .

وقد اوحت هذه الأجواء السياسية المتشنجة بين مختلف الأطراف ان التسوية السياسية بين الرئيسين عون والحريري في طريقها الى السقوط ، وان البلد قادم على مشكلة سياسية كبيرة بسبب الخلافات السياسية المتفاقمة بين أطراف التسوية السياسية الرئاسية لكن بعد اجتماع الرئيس الحريري مع الرئيس عون في قصر بعبدا وتأكيده بعد اللقاء على عمق العلاقة مع الرئيس عون ، واجتماعه مع الوزير جبران باسيل طوال خمس ساعات في السراي الحكومي واعتباره اللقاء "لقاء غسيل قلوب واتفاق على طيّ صفحة ، وفتح صفحة جديدة" وتأكيده أن "التفاهم الذي حصل قبل ثلاث سوات قائم وسيستمر قوياﹰ وفاعلاﹰ بعد جلسة المصالحة" ، ساد تساؤل عن خلفيات التسوية السياسية .

هل هي لحماية الأمن والاستقرار السياسي والأمني في البلد ، ام لتأمين المصالح السياسية لأطراف التسوية ؟

هذه التساؤل تثيره كل القيادات السياسية في البلد التي ترى الأمور بعدما يقارب الثلاث سنوات من تولي الرئيس عون رئاسة الجمهورية تنحدر نحو المزيد من التدهور على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية وحتى الأمنية .

فعلى الصعيد السياسي يبدو الرئيس سعد الحريري وكأنه مجرد وزير في حكومة يرأسها الوزير جبران باسيل الذي يتدخل ويضع يده على كل شاردة وواردة في البلد دونما اعتبار لرئاسة الحكومة ولباقي الفرقاء في الحكومة .

وأكبر مثال على ذلك موقفه من موضوع النازحين السوريين الذي يتسم بالعنصرية ، فهو اعتبر أن "كل من يصفنا بعنصريين حين نتحدث عن عودة السوريين الى بلدهم هو اما مستفيد او متآمر" واضاف "ان المتآمر ظهر في عام 2011 واليوم يغطي منع عودة النازحين الى سوريا لصالح الاجانب" ، ويتعارض موقف باسيل مع موقف الرئيس سعد الحريري في موضوع النازحين السوريين حيث يقول الحريري :"أريد ان يعود النازحون الى بلدهم واريد ان اطبق القانون عليهم قبل كل زائر او نازح .. علينا جميعاﹰ ان نعمل معاﹰ ، الرئيس عون وبري والوزراء يجب ان نتحاور بهذا الموضوع لنصل الى حلول .. ماذا سيفيد الكلام العنصري" ؟

الا ان هذا الموقف للرئيس الحريري من موضوع النازحين السوريين لا يعجب جبران باسيل وجماعته ولذلك هم مستمرون بعنصريتهم البغيضة رغم ان ذلك يتعارض مع الموقف الرئسمي للحكومة ولعل ذلك مادفع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الى القول :"اننا لا نلومهم فهذه فلسفتهم ، لكن ما هو موقف الشريك في التسوية وفي الحكم" ؟

والسؤال عن موقف الشريك في التسوية والحكم يبدو مشروعاﹰ في ظل التمادي في انتهاك صلاحيات رئاسة الحكومة من قبل الوزير جبران باسيل ، ومع ذلك تنتهي الأمور بين الطرفين بجلسة مصارحة وعشاء ويصرح باسيل بأن "هناك من افتعل مشكلة بيننا" ، ولا يمكن تفسير ما جرى الا انه التقاء على المصالح بين اطراف التسوية السياسية على حساب الحقوق الدستورية وصلاحيات رئاسة الحكومة.

فهل التسوية السياسية المنجزة قبل ثلاث سنوات كانت من أجل النهوض بلبنان أم من أجل حماية مصالح البعض المتراجعة ؟

بسام غنوم