العدد 1365 / 12-6-2019
بسام غنوم

تعيش الساحة السياسية على وقع الاحداث الأمنية والمواقف السياسية التي وضعت لبنان خلال فترة عطلة عيد الفطر على فوهة بركان .

فبعد حادثة استهداف الجيش وقوى الأمن الداخلي من قبل الارهابي عبد الرحمن مبسوط توجهت الأنظار نحو طرابلس وجرى استعادة مواقف مرفوضة تتهم طرابلس واهلها باحتضان الارهاب والارهابيين ، وهو ما أثار استنكار كافة الفعاليات الطرابلسية ولهذا الغرض عقدت كتلة المستقبل النيابية اجتماعاﹰ استثنائياﹰ في طرابلس واصدرت بياناﹰ جاء فيه انها ترفض "التوظيف السياسي لهذا الحدث أو لغيره من خلال مواقف ايحائية غير صحيحة وغير دقيقة ، تكشف عن بهلوانية سياسية تعتمد التشكيك في التدخل لدى المحكمة العسكرية من أجل مزيد من الابتزاز السياسي ، بدلاﹰ من اعتماد منهجية علمية تعمل على معالجة الارهاب" .

وقد تزامنت المواقف من حادثة طرابلس مع حملة منسقة على ما يسمى بالسنية السياسية من قبل الوزير جبران باسيل الذي تحدث من السنية السياسية التي قامت على جثة المارونية السياسية ، وتبع هذا الموقف للوزير جبران باسيل موقف عن موضوع العمالة غير اللبنانية اثار ردود فعل محلية وخارجية فقال : "البعض يتهمني بأنني عنصري وأنا أتفهم هؤلاء لأن الانتماء اللبناني لديهم ليس قوياﹰ كفاية ليشعروا بما نشعر به" ، وأضاف "من الطبيعي أن ندافع عن اليد العاملة اللبنانية في وجه اي يد عاملة أخرى ، أكانت سورية ، فلسطينية ، فرنسية ، سعودية ، ايرانية او اميركية فاللبناني "قبل الكل" .

وهو ما دفع اللبنانيين في السعودية الى الطلب من الوزير باسيل الاعتذار عن هذا الموقف العنصري ، وطالبت النائب بولا يعقوبيان الوزير باسيل ﺑ "الاعتذار من اللبنانيين بعد تصريحاته عن ملف العمالة الاجنبية" وقالت : "اللبناني الذي هاجر هرب منكم ومن امثالكم وها انتم تلحقون به الى بلاد الاغتراب لتخربوا بيته ، اعتذر او استقل" .

وهنا يطرح السؤال التالي: " هل ما يجري على الساحة اللبنانية من احداث واطلاق لمواقف سياسية نافرة هو شيء عفوي ام هو عملية سياسية منسقة ؟

كشفت المواقف من الحادثة الارهابية التي جرت في طرابلس عشية عيد الفطر ان هناك محاولة سياسية لاستغلالها اولاﹰ عبر ربط طرابلس وأهلها وما يمثلون بالارهاب والارهابيين ، وثانياﹰ لايقاع شرخ بين طرابلس والجيش اللبناني على وجه الخصوص .

فالوزير بوصعب علق على حادثة طرابلس بالقول : "لم يتصل بي رئيس الحكومة سعد الحريري بعد الحادث الأمني .. ربما يعتبر نفسه معنياﹰ بقوى الأمن الداخلي أكثر" وأضاف : "ان الجيش اللبناني ليس موضوعاﹰ سياسياﹰ بل هي مسؤولية أمنية لا تناقش على طاولة مجلس الوزراء .

وقد أثار هذا الموقف المستهجن للوزير بوصعب الكثير من الامتعاض من قبل نواب طرابلس , فدعا النائب جان عبيد الى "اخراج طرابلس من دائرة التجاذبات السياسية التي تستخدم جرح المدينة وتضحيات الجيش وقوى الامن الداخلي في المعارك الشخصية والحزبية" , وأضاف : "هذه المدينة الصابرة الصامدة لم تعرف الا التضحية والوفاء ، لكن الظلم بات فاجراﹰ والقهر اصبح موجعاﹰ ، والصرخة صارت مدوية" .

واللافت في كل هذه المواقف من حادثة طرابلس هو الاصرار على اعطاء الحادثة بعداﹰ امنياﹰ وسياسياﹰ وطائفياﹰ معيناﹰ ، فيما المواجهات بين الجيش اللبناني والعشائر في منطقة بعلبك التي استخدمت فيها كل انواع الاسلحة من قبل العشائر جرى وضعها في اطار حملات استهداف تجار المخدرات والخارجين عن القانون من قبل الجيش اللبناني ولم يتم توجيه اي اتهام سياسي او ارهابي في هذه المواجهات .

واذا انتقلنا الى الأمور السياسية وما يجري خلف الكواليس من محاولات لوضع اليد على صلاحيات رئاسة الحكومة فالأمور تبدو أخطر بكثير ، فالوزير جبران باسيل يريد احتكار التمثيل المسيحي في الدولة به حصراﹰ وفي نفس الوقت يريد التدخل في التمثيل لدى الطائفة السنية ، فهو يعترض على تعيين مستشار الحريري نديم المنلا في رئاسة مجلس الانماء والاعمار بحجة محاربة الفساد والمحسوبية في الدولة فيما لا يسمح لأحد بالتدخل في اختياراته الشخصية .

باختصار ، مايجري في الدولة عملية منسقة ومبرمجة للحد من صلاحيات رئاسة الحكومة وللعودة الى ماقبل اتفاق الطائف بقوة الأمر الواقع . فهل ستنجح هذه المحاولات , ام أن طموح باسيل الرئاسي سينقلب عليه ؟

بسام غنوم