العدد 1371 / 24-7-2019
بسام غنوم

لم تلغ موافقة مجلس النواب بأكثرية 83 نائباﹰ على مشروع موازنة العام 2019 حالة التجاذب داخل الحكومة الذي مازال قائماﹰ على خلفية حادثة قبرشمون التي وقعت قبل ثلاث اسابيع بين مرافقي الوزير صالح الغريب وعناصر من الحزب التقدمي الاشتراكي , اذ استمرت حالة الشد والجذب بين الوزير طلال ارسلان والحزب التقدمي الاشتراكي مع اصرار الوزير ارسلان على احالة قضية قبرشمون الى المجلس العدلي ، وانعكس الخلاف بين الطرفين عللى المواقف بين اعضاء الحكومة اذ يطالب الرئيس ميشال عون و "حزب الله" بأن يكون مطلب احالة حادثة قبرشمون على المجلس العدلي بنداﹰ اول على جدول أعمال مجلس الوزراء ، فيما يرى الرئيس سعد الحريري أن من الافضل عدم عقد جلسة لمجلس الوزراء تحدث انقساماﹰ عامودياﹰ بين اعضاء الحكومة , حتى لا يؤدي ذلك الى تفجير الحكومة من الداخل لأن المرحلة تقتضي التوافق والتضامن الحكومي خصوصاﹰ بعد اقرار موازنة العام 2019 في المجلس النيابي ، وهو ما يستلزم البدء بمشاريع سيدر 1 فضلاﹰ عن التوترات المتصاعدة في المنطقة وخصوصاﹰ في منطقة الخليج وهو ما يستدعي اقصى درجات الوعي والتضامن الوزاري بين اعضاء الحكومة .

والسؤال الذي يطرح نفسه هو : لماذا يغيب التضامن الحكومي رغم اهمية الملفات المتعلقة بعمل الحكومة وكذلك في ظل المخاطر التي تستهدف المنطقة ؟

كان من المفترض ان ينطلق العمل الحكومي بزخم كبير بعد اقرار مشروع موازنة العام 2019 في المجلس النيابي ، خصوصا في ظل الوضع المالي والاقتصادي الصعب الذي يمر به لبنان وايضا من اجل البدء بالعمل بمشاريع سيدر1 لتوجيه رسالة الى الدولة الداعمة للبنان ان الحكومة جادة فعلاﹰ في مكافحة الفساد وخفض العجز في الموازنة وكذلك بتنفيذ مقررات مؤتمر سيدر1 بصورة فعلية ، ولعل هذه الامور هي التي دفعت الرئيس سعد الحريري الى تأجيل انعقاد مجلس الوزراء في ظل استمرار الخلاف بينه وبين الرئيس عون حول اولوية جعل احالة حادثة قبرشمون الى المجلس العدلي , وجعلها بندا اول على جدول اعمال مجلس الوزراء .

هذا الخلاف بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ومن خلفهم "حزب الله" ترك تساؤلات كثيرة حول الجدية التي يدعيها البعض في معالجة الوضعين المالي والاقتصادي اولا ، والرغبة في اظهار التضامن الحكومي ثانيا ، وعلى ما يبدو من الأمور فان قضية احالة حادثة قبرشمون الى المجلس العدلي هي من اجل استكمال الهيمنة على مجلس الوزراء ووضع اليد على صلاحيات رئاسة الحكومة كما جرى خلال جلسات الموازنة حيث لم تشمل التخفيضات الا مجلس الانماء والاعمار والهيئة العليا للاغاثة وكذلك اوجيرو وجميع هذه المؤسسات تابعة ومحسوبة على رئاسة الحكومة وهو ما دفع بالرئيس سعد الحريري الى الانسحاب غاضباﹰ من جلسة التصويت على الموازنة في مجلس النواب ولم يعد الى الجلسة الى بعد تسوية مع الرئيس نبيه بري ، وكان لافتا في هذا الاطار ايضا انسحاب الرئيس ميقاتي من الجلسة النيابية احتجاجا على ما يجري وقوله "طفح الكيل" ، وهو ما يدل على ان ما يجري هو محاولة مدروسة لوضع اليد على الحكومة وعلى صلاحيات رئيس الحكومة بما يتناقض مع دستور الطائف .

هذا على الصعيد الداخلي , اما على صعيد ما يجري في المنطقة وخصوصا في منطقة الخليج العربي من تصاعد للتوتر بين ايران وأميركا والسعودية والامارات فان لبنان غير بعيد عن هذه التوترات ، في هذا الاطار قال الامين العام ﻟ "حزب الله" السيد حسن نصرالله ، في لقاء خاص مع العاملين في قناة المنار ان :"ادارة ترامب حاولت مفاوضة حزب الله لا من أجل شؤون داخلية , لكن لفتح قناة للتفاوض مع ايران لأنها تعتبرنا مؤثرين عن الامام الخامنئي" و أضاف ان "اي حرب على ايران يعني ان "اسرائيل ستمسح" ، وقد نقل من مسؤولين فرنسيين القول ان "فرنسا تبدي اشد القلق هذه الايام من انزلاق لبنان الى الحرب الاقليمية التي ستكون من نتائجها المؤكدة دمار شامل له" .

فهل ما يجري على الصعيد الحكومي هو مقدمة لوضع اليد على البلد بصورة كاملة ، وجعله رهينة لصراعات المنطقة ؟ سؤال برسم المعنيين لتدارك الوضع قبل فوات الأوان .

بسام غنوم