العدد 1336 / 7-11-2018
قاسم قصير

منذ بدء تكليف الرئيس سعد الحريري لتشكيل الحكومة الجديدة ،سارع المسؤولون في حزب الله للدعوة الى الاسراع في تشكيل الحكومة وعدم التأخير في ذلك ، وقد اعتبرت بعض الاوساط السياسية اللبنانية والمحللين السياسيين انذاك : ان دعوة الحزب للاسراع في تشكيل الحكومة هدفها استباق العقوبات الاميركية على ايران وحزب الله ، ولكن بعد بروز ما يسمى :" عقدة النواب السنّة المستقلين" والدعم القوي لحزب الله لهؤلاء النواب وضرورة مشاركتهم في الحكومة ، بررت التحليلات والمواقف السياسية التي تعتبر ان موقف الحزب المستجد مرتبط بالعقوبات الاميركية على ايران والحزب ، وان هدف تعطيل تشكيل الحكومة من اجل مواجهة هذه العقوبات ورفضها.

فأي الموقفين هو الاصح ؟ وما هي حقيقة موقف حزب الله من تشكيل الحكومة؟ وهل من مصلحة الحزب تأخير تشكيل الحكومة ؟ ولماذا يتمسك الحزب بدعم النواب السنة المستقلين ؟ والى اين تتجه الامور في المرحلة المقبلة؟

الحكومة والعقوبات بين الاسراع والتأخير

بداية هل من علاقة بين تشكيل الحكومة اللبنانية والعقوبات الاميركية على ايران وحزب الله ؟ وهل الاستعجال او التأخير في التشكيل علاقة بالعقوبات؟

مصادر مطلعة على اجواء حزب الله تؤكد : ان حزب الله كان من اكثر الداعين للاسراع في تشكيل الحكومة منذ اليوم الاول لتكليف الرئيس سعد الحريري ، وان حصة الحزب وحركة امل لم تكن عقبة امام التأليف ، اما موضوع النواب السنة المستقلين فقد طرح امام الاوساط المعنية وجرى التأكيد عليه ، لكن لم يتم طرح الموضوع كاولوية بانتظار حل العقد الاخرى ، وقيل انذاك : ان الرئيس الحريري لم يكن مستعجلا للتشكيل ،وانه كان يكثر من السفر ولا يقوم بالاتصالات المكثفة لحل العقد الحكومية ، وذلك بناء لتمني بعض الاوساط الخارجية وبانتظار بعض التطورات في المنطقة.

وتضيف هذه الاوساط : ان الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله وبقية قادة الحزب ورئيس مجلس النواب نبيه بري كانوا يكررون الدعوة للاسراع في تشكيل الحكومة لان الاوضاع الداخلية لم تعد تحتمل ، ولان الانتظار او التأخير ليس لصالح لبنان او الرئيس المكلف ، وان حزب الله كان مستعجلاﹰ لتشكيل الحكومة لانه كان قد وعد الناخبين واللبنانيين باطلاق حملة لمكافحة الفساد واصلاح الوضع اللبناني وتحقيق المطالب الاقتصادية والتنموية والاجتماعية ، ولم يربط الحزب في اي يوم بين الاسراع في التشكيل والعقوبات ، وهذا ما اعلنه السيد حسن نصر الله مراراﹰ.

وبناء على ذلك ،تتابع هذه الاوساط : واليوم وبعد فرض العقوبات ، لم يربط الحزب بين التأخير في تشكيل الحكومة والعقوبات ، بل هو مصرّ ومستعجل على التشكيل ، لكن طرح مطلب توزير السنة المستقلين انتقل من الخاص الى العام ،لان بقية العقد حلت والحزب كان ملتزما هذا المطلب.

الى اين تتجه الامور

لكن لماذا هذا الموقف المتشدد لحزب الله من دعم توزير السنة المستقلين؟ والى اين تتجه الامور؟

الاوساط المطلعة على اجواء حزب الله تقول : ان المسؤولين في الحزب ابلغوا الرئيس ميشال عون والرئيس سعد الحريري منذ اليوم الاول لبدء الاستشارات بضرورة تمثيل السنة المستقلين ، لان هؤلاء يمثلون حيثية سياسية وشعبية ، ولان نتائج الانتخابات النيابية اعطتهم حصة وازنة ،ومن اجل تأكيد التنوع والتعددية لدى كل الاطراف، لكن الحزب لم يطرح هذا الموضوع علنا من اجل تسهيل معالجة بقية العقد التي كانت قائمة ولتسهيل تشكيل الحكومة ، واليوم وبعد معالجة هذه العقد وعدم الاستجابة لمطلب توزير السنة المستقلين اضطر الحزب لاتخاذ هذا الموقف المتشدد ، وان الموضوع ليس له اية ابعاد خارجية وليس له علاقة بالعقوبات الاميركية على ايران او الحزب.

وهل ستتم معالجة هذه العقدة وتشكل الحكومة بسرعة؟ ليس لدى اوساط حزب الله جواب حاسم وواضح ، وان كانت هذه الاوساط تؤكد ان لا حكومة بدون توزير السنة المستقلين ، وان بحل المشكلة عند الجهات المعنية التشكيل وخصوصا الرئيس سعد الحريري.

وبالمقابل يصر الرئيس سعد الحريري على رفض هذا المطلب ، والاهم ان الرئيس ميشال عون اعلن دعمه للرئيس الحريري ورفض توزير السنة المستقلين، وكل ذلك ادخل البلاد في ازمة جديدة ، مما يؤدي لتأخير التشكيل ما لم يتم التوصل الى حل سريع ، وهناك من يطرح توزير شخصية سياسية تمثل المعارضة السنية ولها علاقات ايجابية مع كل الاطراف دون ان تكون منتمية مباشرة الى تكتل النواب السنة المستقلين ، وتم طرح عدد من الاسماء في هذا الاطار.

اذن ، وحسب الاوساط المطلعة على اجواء حزب الله : نحن امام ازمة جديدة ، وهذه الازمة لها اسبابها الداخلية المباشرة وغير مرتبطة بالعقوبات الاميركية وليست ازمة طائفية او مذهبية ، بل هي مرتبطة بضرورة والقبول بالتنوع السياسي لدى كل الاطراف ، وان الحل الامثل هو الاسراع في معالجة هذه العقدوعدم التعاطي معها بسلبية لان كل تأخير ليس لمصلحة البلد.

قاسم قصير