العدد 1332 / 10-10-2018
بسام غنوم

تبدو صورة الوضع الحكومي ضبابية بكل مافي الكلمة من معنى , فبعد مقابلة الرئيس المكلف سعد الحريري التلفزيونية الاسبوع الماضي التي اطلق فيها وعداﹰ بتشكيل الحكومة خلال عشرة أيام , و التي أشاعت اجواء ايجابية , خرج وزير الخارجية جبران باسيل ليقول ان :"حكومة الوحدة بعد الانتخابات النيابية يجب ان تعكس نتائج هذا الاستحقاق و بالتالي يجب اعطاء وزير لكل خمسة نواب" ورأى ان "حصة القوات ثلاثة وزراء و لا مانع في حصولهم على اكثر من رئيس الحكومة" , و هو ما استدعى رداﹰ من الدائرة الاعلامية في القوات اللبنانية جاء فيه أن باسيل "ليس هو من يصنع المقاييس و المعايير للحكومة , بل رئيس الحكومة بالتفاهم مع رئيس الجمهورية , ولم نتبلغ من الرئيسين يوماﹰ انهما قد تفاهما على هذا المقياس الذي تحدث عنه" .

هذه الأجواء السلبية التي أشاعها الوزير جبران باسيل بعد الأجواء الايجابية التي أشاعتها مقابلة الرئيس الحريري التلفزيونية دفعت بالرئيس نبيه برّي الى القول "عدنا الى نقطة الصفر" .

لكن رغم كل هذه المواقف المتشنجة من عملية تشكيل الحكومة التي هي تكرار ممل للمواقف منذ حوالي خمسة اشهر تتحدث أوساط مختلفة عن ليونة في المواقف يبديها مختلف الفرقاء بسبب حراجة الوضعين السياسي و الاقتصادي في البلد , وتؤكد هذه الاوساط أن المواقف في السرّ مختلفة عن المواقف في الاعلام و التي تضعها في خانة رفع سقوف المطالب عشية تشكيل الحكومة لا اكثر و لا اقل .

فهل حانت ساعة تشكيل الحكومة الجديدة , و اصبحت الأمور في المربع الأخير كما يقال ؟

تؤكد مصادر مختلفة في الاطراف المعنية بتشكيل الحكومة ان هناك جواﹰ ايجابياﹰ حالياﹰ يسود عملية المشاورات التي يجريها الرئيس المكلف سعد الحريري , ورأت هذه المصادر في تغريدة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط التي قال فيها بأن "التسوية ضرورية , وانه لا عيب في التنازل من أجل الوطن" دليلاﹰ على ليونة سياسية عند مختلف الاطراف من أجل تسهيل عملية ولادة الحكومة .

موقف جنبلاط الايجابي و سحبه من التداول لاحقاﹰ ينسجم مع موقف حزب القوات اللبنانية , الذي اكد ان القوات لم تتبلغ بعد اي طرح حكومي جديد "لاطلاعها على الأجواء الايجابية المعممة في وسائل الاعلام والتي نجهل خلفياتها بانتظار ما قد يستجد خلال الساعات المقبلة" .

وكانت الأنباء تتحدث عن قبول الرئيس عون باعطاء القوات منصب نائب الرئيس في الحكومة , لكن من دون حقيبة , و هو ما ترفضه القوات اللبنانية و تطالب بمنصب نائب رئيس الحكومة مع اربع وزارات وازنة .

الا ان اللافت في خضم المواقف الايجابية التي يجري الحديث عنها هو الموقف الذي اطلقه رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد الذي رأى "ان الذي يعيق تشكيل حكومتنا ويعتقل حكومتنا كان قد مارس اعتقالاﹰ لرئيس حكومتنا من قبل" , وأضاف :"نأمل ان تحفظ سيادتنا ونحن لا نستطيع ان نشكل حكومتنا , الا اذا رفع الفيتو, من يعطل تشكيل حكومتنا من الخارج" ؟

مع ان هذه المواقف للنائب رعد اعتبرت كأنها من خارج سياق الاجواء الايجابية السائدة حالياﹰ , خصوصاﹰ ان "حزب الله" يلح على الاسراع بتشكيل الحكومة في اقرب وقت ممكن لاعتبارات داخلية و اقليمية , الا انها تعكس بكل وضوح حالة الضبابية التي تراوح فيها عملية المشاورات الجارية لتشكيل الحكومة الجديدة .

باختصار , الأمور بالنسبة لتشكيل الحكومة مفتوحة على احتمالات الحل و التصعيد في نفس الوقت , لأن مواقف الفرقاء مازالت - اقله في الاعلام - على حالها , و ان كان يقال ان هناك مرونة كبيرة يبديها الجميع في المشاورات , وهذا ما يجعل الأمور بين بين فهل تشهد الأيام القادمة اخباراﹰ سارّة للبنانيين ؟

بسام غنوم