العدد 1331 / 3-10-2018
بسام غنوم

دخلت المشاورات الجارية لتشكيل الحكومة الجديدة شهرها الخامس , و لازالت الامور على حالها لناحية تمسك كل طرف بمطالبه الوزارية , سواء لناحية حجم التمثيل في الحكومة او نوعية الحقائب الوزارية التي يرغب بها . مشاكل جديدة خطيرة تهدد امن لبنان و استقراره سواء على الصعيد الامني او الاقتصادي .

و في هذا الاطار سجلت تهديدات امنية جديدة للبنان من قبل رئيس وزراء العدوّ الصهيوني بنيامين نتنياهو الذي ادعى من على منبر الامم المتحدة ان "حزب الله" لديه مصانع ومستودعات للصواريخ قرب مطار بيروت , و هو مارد عليه لبنان عبر زيارة للسفراء المعتمدين في لبنان , بدعوة من وزارة الخارجية اللبنانية لكشف كذب ادعاءات العدوّ الصهيوني , حيث اكد الوزير جبران باسيل خلال الجولة ان "اسرائيل تسعى لتبرير عدوان اخر على لبنان بمزاعم عن موقع صواريخ حزب الله" , و اضاف ان "لبنان يلتزم القانون الدولي والقرارات الدولية وبالقرار 1701" , وغير بعيد عن التهديدات الاسرائيلية للبنان يزداد الحديث عن مخاطر الوضع الاقتصادي في لبنلان حيث تدفع المصارف اللبنانية حالياﹰ اعلى معدلات فائدة على الودائع بالليرة اللبنانية و الدولار منذ نحو تسع سنوات , بهدف جذب الودائع في اجراء احتياطي لاي تطور سلبي , نتيجة الاوضاع السياسية و الاقتصادية غير المستقرة في المنطقة وفي لبنان .

ومع ذلك كله تستمر السجالات و المماحكات بين اطراف الحكم حول صيغ تشكيل الحكومة الجديدة . فهل تحرك هذه المخاطر التي تحيط بلبنان المياه الراكدة في عملية المشاورات لتشكيل الحكومة , ام ان الحسابات الخاصة لبعض الاطراف هي اهم من كل هذه المخاطر ؟

البداية اولا ﹰمن التهديد الاسرائيلي للبنان و المزاعم الاسرائيلية بوجود مصانع للصواريخ قرب مطار رفيق الحريري الدولي , حيث ان هذه المزاعم الاسرائيلية تشكل تهديداﹰ خطيراﹰ للامن و الاستقرار في لبنان و قد تكون مقدمة لاستهداف لبنان بذرائع كاذبة كما اشار الوزير جبران باسيل خلال جولة للسفراء العرب و الاجانب المقيمين في لبنان , حيث اعتبر ان "اسرائيل تسعى لتبرير عدوان اخر على لبنان بمزاعم من مواقع صواريخ حزب الله" .

واللافت ان هذه المزاعم الاسرائيلية تاتي في خضم الفوضى التنظيمية و الامنية التي تعصف بمطار بيروت الدولي , و التي اعادت التساؤلات عن حقيقة ما يجري في المطار من احداث , سواء كانت هذه الاحداث عفوية ام مقصودة , لانها تعطي صورة سلبية جداﹰ عن لبنان .

وتزامنناﹰ مع الذي يقلق اللبنانيين عموماﹰ و المؤسسات الاقتصادية خاصة , حيث تزداد المخاطر الاقتصادية التي يعيشها لبنان على نحو متسارع , ففي ظل الحديث عن عقوبات جديدة ستطال مؤسسات على صلة "بحزب الله" من قبل الادارة الامركية خلال الاشهر المقبلة , والتي قد تتزامن مع العودة الى تطبيق العقوبات الامركية على ايران في الشهر المقبل , ترتفع المخاطر الاقتصادية في لبنان الى حدودها القصوى , فالشائعات حول قرب الانهيار النقدي وحول صحة حاكم المصرف المركزي رياض سلامة تؤثر بشكل سلبي على الوضع الاقتصادي رغم النفي الرسمي لها , و ما نشهد في ارتفاع سعر الفائدة على الليرة اللبنانية وحتى على الودائع بالدولار الاميركي حيث تدفع المصارف اللبنانية حالياﹰ اعلى معدلات الفائدة على الودائع بالليرة والدولار منذ نحو تسع سنوات بهدف جذب الودائع في اجراء تحوطي من قبل المصارف , نتيجة الاوضاع السياسية و الاقتصادية غير المستقرة في المنطقة و في لبنان , وقد بلغت الفائدة على الليرة 15 بالمئة على الودائع لخمس سنوات , ويقال ان بعض المصارف تدفع فائدة على الليرة 19 في المئة على الودائع المجمدة لعشر سنوات , و اللافت الكبير في الامر ان جزء كبير من استثمارات المصارف هو في الديون السيادية حيث تستوحذ ادوات الدين السيادي اكثر من ستين في المئة من مجمل الموجودات في ميزانية المصارف , مايدل على انكشاف المصارف على المخاطر السيادية .

هذه المخاطر الامنية و الاقتصادية الخطيرة التي يعيشها لبنان حالياﹰ لم تستطع ان تحرك المياه الراكدة في عملية المشاورات الجارية لتشكيل الحكومة الجديدة . فالرئيس عو يتحدث عن جكومة اكثرية اذ اصبح متعذراﹰ تشكيل حكومة وفاق وطني كما يريد الرئيس سعد الحريري , و الرئيس عون متمسك بما يسميه معايير محددة وواضحة تستند الى نتائج الانتخابات النيابية الاخيرة من يوافق على اي صيغة وزارية يتقدم بها الرئيس المكلف سعد الحريري و اكد الرئيس عون مجدداﹰ امام زواره انه "حثّ الرئيس الحريري على اعتماد اي معايير يريدها و ان تكون منصفة و عادلة لوضع مسودة تشكيلية" . وانه مستعد للقبول بها اذا راعت النسبية الناتجة عن الانتخابات النيابية .

اما الرئيس سعد الحريري فانه يعتبر ان الاولوية هي لحكومة وفاق وطني , ويرفض رفضاﹰ قاطعاﹰ حكومة اكثرية , وهذا يعني ان الامور مازالت على حالها وان الحسابات السياسية لبعض الاطراف مقدمة على كل المخاطر و التهديدات التي تحيط بلبنان .

باختصار , الازمة الوزارية انعكاس للخلاف بين اللبنانيين حول مستقبل لبنان , فهل يدفع اللبنانيون الثمن امنياﹰ و اقتصادياﹰ ؟

بسام غنوم