العدد 1333 / 17-10-2018
بسام غنوم

تعيش المخيّمات الفلسطينية في لبنان منذ فترة حالة من الانفلات الامني ترسم تساؤلات جدية عن خلفيات هذه الاحداث المتنقلة بين مخيم و آخر، خصوصاﹰ في ظل الحديث عن صفقة القرن التي يسعى الرئيس الاميركي دونالد ترامب لتمريرها باعتبارها الحلّ الأفضل للقضية الفلسطينية بعد سبعين سنة من الاحتلال الصهيوني لفلسطين .

وقد شهد مخيم المية ومية في حنوب لبنان هذا الاسبوع مواجهات عسكرية بين حركة فتح وتنظيم انصار الله المدعوم من ايران ، وقد ادّت هذه المواجهات الى خسائر كبيرة في الممتلكات والى سقوط 4 قتلى و 20 جريحاﹰ من المتقاتلين وأهالي المخيم وهو ما أثار سخط و غضب الناس في صيدا و مخيماتها ، أولاﹰ لأن مثل هذه الأحداث التي اتسمت بالحدّة في المواجهة العسكرية بين فتح وتنظيم انصار الله غير مبررة اطلاقاﹰ ، وثانياﹰ لأن هذه الأحداث تضرّ بالفلسطينيين القاطنين في المخيمات وبالوجود الفلسطيني في لبنان على وجه العموم ، وثالثاﹰ هو الأهم بقضية الشعب الفلسطيني في الشتات في ظل الهجمة الأميركية غير المسبوقة على قضية اللآجئين , التي كانت اولى نتائجها وقف المساعدات الأميريكية لوكالة الأنروا وقرار الادارة الاميركية بسقوط حق الاجئين بالوراثة لصفقة اللجوء وهو ما ادى الى اعتبار خمسة ملايين لاجئ فلسطيني في لبنان بحسب الادارة الاميركية التي اعتبرت ان حق العودة لفلسطين يعود فقط ﻠاربعين الف لاجئ فلسطيني لاغير .

فهل ما يجري مؤخراﹰ في المخيمات الفلسطينية من أحداث أمنية هو مجرد أحداث عابرة أم مرتبطة بالمخططات الهادفة لتصفية القضية الفلسطينية ؟

البداية أولاﹰ من أحداث مخيم المية ومية , التي اندلعت بعد اشكال فردي بين عنصرين من حركة فتح وتنظيم انصار الله ، وأدّت بعد توسعها الى مواجهات بين حركة فتح وتنظيم انصار الله ، ومحاولات الاقتحام والسيطرة على المراكز الى سقوط 4 قتلى و 20 جريحاﹰ من الطرفين والمدنيين ، ودمار كبير في الممتلكاتولم تتوقف المواجهات الا بعد اتفاق عملت عليه الفصائل الفلسطينية ورعته حركة حماس .

هذه المواجهات بين فتح وتنظيم انصار الله ليست جديدة , فقبل فترة جرت محاولة اغتيال مسؤول المخابرات العسكرية في السفارة الفلسطينية في بيروت العميد اسماعيل شروف ، وتبيّن ان خلفها احد كبار المسؤولين في تنظيم انصار الله ، ويعزو البعض ان اسباب الخلاف بين الطرفين الى الصراع على النفوذ في المخيم بين الطرفين ، وبرى البعض الآخر ان الاسباب الحقيقية للخلاف مرتبطة بالحسابات الاقليمية والدولية للسلطة الفلسطينية التي ترفع شعار مكافحة الارهاب ، ويؤكد ذلك قيام حركة فتح باستقدامها تسعين عنصراﹰ من الوحدات الخاصة لحرس الرئاسة الى مخيم المية ومية اثناء المواجهات مع تنظيم انصار الله بهدف السيطرة على المخيم .

هذه المواجهات في مخيم المية ومية سبقتها احداث امنية خطيرة في مخيم عين الحلوة في الشهر الماضي , قام محمد العرقوب نجل بلال العرقوب مسؤول احدى المجموعات المسلحة في مخيم عين الحلوة بقتل هيثم السعدي ابن احد المسؤولين بحركة فتح , وهو كاد ان يؤدي الى فتنة كبيرة داخل المخيم لولا تدارك الأمور في اللحظات الأخيرة من قبل الفصائل الفلسطينية وآل السعدي .

تترافق هذه الأحداث في مخيمي عين الحلوة والمية ومية مع تحركات امنية غير معلومة الأهداف لمسؤولين في المخابرات الأميركية قيل أنها مرتبطة بمكافحة الارهاب وبموضوع استخراج النفط في جنوب لبنان ، ومع عودة الحديث عن تهديدات لهجرة الفلسطينيين في لبنان الى استراليا وغيرها من الدول الغربية .

في الخلاصة ، يمكن القول ان الوجود الفلسطيني في لبنان اصبح مهدداﹰ بكل مافي الكلمة من معنى , سواء بعد الاحداث الأمنية المتنقلة في المخيمات وخصوصاﹰ في مخيمي عين الحلوة والمية ومية او عبر المخططات الأميركية لتصفية القضية الفلسطينية عبر ما يسمى بصفقة القرن ، فهل يكون الوجود الفلسطيني في لبنان أول من يدفع الثمن ؟

بسام غنوم