قاسم قصير

تواكب البعثات الدبلوماسية الدولية والعربية الأوضاع والتطورات في لبنان بشكل مكثف في ظل التطورات المتسارعة منذ معركة جرود عرسال والقاع وصولاً للمخاوف الناتجة من احتمال حصول حرب جديدة بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله، ومتابعة لما يجري في سوريا من تطورات وانعكاساتها المستقبلية على الأوضاع اللبنانية عامة وعلى دور ومستقبل حزب الله وكذلك مصير المجموعات الإسلامية المتشددة، وخصوصاً تنظيم داعش.
وتبدي هذه البعثات «اهتماماً خاصاً بدعم الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية وتعزيز دوره في المناطق الحدودية وكيفية تقديم المزيد من المساعدات لتعزيز الرقابة على هذه الحدود.
فكيف تقرأ المصادر الدبلوماسية الدولية والعربية التطورات الجارية في لبنان؟ وما هي أبرز اهتماماتها المباشرة؟ وماذا عن مستقبل لبنان وحزب الله والمجموعات المتطرفة حسب هذه المصادر؟
دعم الجيش والأجهزة الأمنية
بدايةً، لماذا تركز البعثات الدبلوماسية الدولية والعربية على دعم الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية اللبنانية؟ وكيف تجري ترجمة هذا الدعم؟
في لقاءات مع عدد من الدبلوماسيين الدوليين والعرب في بيروت، يلحظ المشارك في هذه اللقاءات «الاهتمام الكبير الذي تبديه البعثات الدبلوماسية الدولية والعربية بدور الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية اللبنانية، ولا سيما بعد معركة جرود عرسال والقاع وفي ظل التطورات المتسارعة في سوريا والمخاوف من احتمال اندلاع مواجهة جديدة بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله».
ويعبِّر هؤلاء الدبلوماسيون عن «اعجابهم بأداء الجيش اللبناني والأجهزة اللبنانية في مواجهة المجموعات الإرهابية وحماية الحدود في الجنوب اللبناني، وعن الحاجة الماسة لتعزيز دور الجيش في المرحلة المقبلة في البقاع والجنوب، لأن هذا هو الخيار الأفضل لحماية الوضع اللبناني من أية مخاطر مستقبلية.
وفي إطار دعم الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية اللبنانية أعلنت السفارة البريطانية في بيروت توقيع مذكرة تفاهم بريطانية - المانية لدعم مشروع الحدود البرية الذي يتولاه الجيش اللبناني.
وأُعلن هذا التفاهم خلال زيارة قام بها كل من سفير بريطانيا في بيروت هيوغو شورتر والسفير الألماني مارتن هوث لمنطقة الحدود في البقاع.
وتنص هذه المذكرة «على تقديم المانيا دعماً مالياً لدعم مشروع الحدود البرية الذي تدعمه بريطانيا، والذي يتضمن إقامة أبراج مراقبة في المناطق الحدودية البقاعية وتشكيل فوج الحدود البرية الرابع، وتدريب ضباط وعناصر الجيش اللبناني وتوفير ثلاث سفن المانية للقوات البحرية اللبنانية وتركيب خط رادارات ساحلية من قبل المانيا للجيش اللبناني على طول الساحل اللبناني للسيطرة على الشواطئ والمياه الإقليمية».
وكشفت مصادر دبلوماسية دولية من بيروت «أنّ المرحلة المقبلة ستشهد تعزيز دور الجيش اللبناني في المناطق الحدودية وذلك في إطار متابعة تنفيذ القرار 1701 بالتعاون مع القوات الدولية (اليونيفيل)».
الاهتمامات المستقبلية
لكن ماذا عن الاهتمامات المستقبلية للبعثات الدبلوماسية العربية والدولية في بيروت؟
خلال اللقاءات مع دبلوماسيين دوليين وعرب تطرح أسئلة عديدة عن مستقبل الوضع اللبناني في المرحلة المقبلة، وإن كان التركيز على عدة محاور، ومنها:
أولاً: ما مستقبل حزب الله ودوره في لبنان بعد العودة من سوريا؟ ومتى سيعود الحزب من سوريا؟ وهل سيبقى هناك مقاتلون للحزب بعد انتهاء الحرب؟ وأي دور سياسي وعسكري للحزب في لبنان بعد نهاية الأزمة السورية؟
ثانياً: ماذا عن الوضع بين حزب الله والجيش الإسرائيلي؟ وهل تندلع حرب أو مواجهة جديدة بين الطرفين في المرحلة المقبلة؟ وما حدود هذا الصراع، وهل تنحصر المعركة ضمن الوضع اللبناني، أم تمتد الى سوريا ودول أخرى؟ وكيف انعكست الحرب في سوريا على قدرات حزب الله العسكرية واللوجيستية والميدانية؟
ثالثاً: ما مستقبل المجموعات الإسلامية المتشددة في لبنان بعد معركة الجرود؟ وهل تعود هذه المجموعات لتنفيذ عمليات إرهابية في المناطق اللبنانية؟ وما مستقبل المقاتلين اللبنانيين الذين يقاتلون ضمن تنظيم داعش وجبهة النصر؟ وهل يمكن ان يعود هؤلاء إلى لبنان مستقبلاً؟ وكيف سيكون التعاطي معهم من قبل مؤسسات الدولة اللبنانية والقوى السياسية اللبنانية؟
وبالإجمال يمكن التأكيد من خلال اللقاءات مع عدد من الدبلوماسيين الدوليين والعرب أو بعض الباحثين المختصين بالحركات الإسلامية، وخصوصاً حزب الله، أن لبنان له الأولوية في اهتمامات هؤلاء، وأن حماية الاستقرار السياسي والأمني لا تزال لها الأولوية لدى هؤلاء، لكن المخاوف من التطورات المستقبلية تزداد، مع أن الجهود الدولية والإقليمية ستظل مستمرة لحماية هذا الاستقرار، ومنع تدهور الأوضاع نحو مواجهات أو معارك جديدة، سواء بين حزب الله والجيش الإسرائيلي أو من قبل المجموعات الإسلامية المتطرفة.}