قاسم قصير

في إطار الاستعدادات لخوض المعركة الانتخابية القادمة، أعلنت «حركة المبادرة الوطنية» عقد مؤتمرها التأسيسي في الرابع والعشرين من شهر شباط الحالي، وإطلاق الوثيقة السياسية للحركة تحت عنوان: اصلاح النظام السياسي ومواجهة المحور الإيراني وحكم وحكومة الفساد والإفقار والاستضعاف (أي عهد العماد ميشال عون وحكومة الرئيس سعد الحريري الحالية).
ومن المعروف أن العمل لتأسيس هذه الحركة قد بدأ قبل عدة أشهر بمبادرة من النائب السابق الدكتور فارس سعيد، والمفكر الدكتور رضوان السيد (المستشار السابق للرئيس الراحل رفيق الحريري وعضو المجلس الإسلامي الشرعي)، وبمشاركة عدد كبير من الشخصيات اللبنانية من مختلف الطوائف. وقد تجمَّد عمل المبادرة خلال مرحلة استقالة الرئيس سعد الحريري (في تشرين الثاني من العام الماضي) والاشكالات التي رافقتها، لكن يبدو ان عودة البلاد الى مناخ الانتخابات النيابية وامكانية تشكيل لوائح من قبل أركان المبادرة في بعض المناطق اللبنانية، ساهم في عودة النشاط لعقد المؤتمر التأسيسي وإطلاق الوثيقة السياسية للحركة.
فما هي أبعاد عودة حركة المبادرة الوطنية للنشاط؟ وهل هناك أسباب داخلية أو خارجية وراء هذا التحرك؟ وأين يمكن ان تخوض الحركة معاركها الانتخابية، وما هو موقفها من تيار المستقبل وحكومة الرئيس سعد الحريري؟
أبعاد عودة الحركة للنشاط
بداية ما هي أسباب عودة حركة المبادرة الوطنية للنشاط مجدداً بعد توقف عدة أشهر؟ وما هي الأسباب الداخلية والخارجية التي تقف وراء التحرك؟
في البيان الصادر عن الحركة لإعلان عقد المؤتمر التأسيسي في الرابع والعشرين من شهر شباط الجاري، أوضحت الأسباب التي تقف وراء تحركها، ومما قالته: «إنّ لبنان يشهد تصدعات متوالية منذ انتخاب العماد ميشال عون رئيساً ورئاسة سعد الحريري للحكومة، على مستوى السياسات العامة للدولة والنظام، ومستوى الإدارة السياسية والوظيفية والسياسات المالية والخدمات العامة وانتشار الفساد إلى حدود غير مسبوقة. ولقد قامت التسوية الشهيرة على أساس خضوع سائر أطرافها لشروط وترتيبات السلاح غير الشرعي التابع للمحور الإيراني، مقابل استباحة المؤسسات العامة والدستور وحكم القانون وحقوق المواطنين وحرياتهم...».
ومن أجل مواجهة هذه الأوضاع أعلنت الحركة «أنها ستكون عاملاً فاعلاً في النهوض الوطني والعمل من أجل التغيير والتصحيح والتصدي للمحور الإيراني ومؤيديه ومواجهة حكم وحكومة الفساد والإفقار والاستضعاف».
ومن خلال هذا البيان يتضح ان الحركة ستواجه حكم العماد ميشال عون وحكومة الرئيس سعد الحريري وكل الأطراف المشاركة فيها دون ان تسميهم، ومنهم: «تيار المستقبل» و«حزب الله» و«التيار الوطني الحر» و«حركة أمل» والقوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي و«تيار المردة».
وقد تكون الالتباسات التي رافقت استقالة الرئيس سعد الحريري في السعودية وتوجيه الاتهامات إلى بعض أركان الحركة بأنهم يقفون وراء تحريض السعودية ضد الرئيس سعد الحريري وراء تجميد عملها عدة أشهر، لكن يبدو أن هناك قراراً داخلياً (وقد يكون مدعوماً من الخارج) بإعادة شنّ المعركة ضد الرئيس عون والرئيس الحريري وكل المشاركين في الحكومة تحت عنوان محاربة التسوية السياسية القائمة ومواجهة المحور الإيراني والعمل لمحاربة حكم وحكومة الفساد والإفقار والاستضعاف.
المعارك الانتخابية للحركة
لكن أين ستخوض حركة المبادرة الوطنية معاركها الانتخابية؟ وما هو موقفها من تيار المستقبل والرئيس سعد الحريري؟ وهل ستستطيع ان تحقق بعض النجاحات الانتخابية؟
حسب بعض المصادر المطلعة على أجواء الحركة، فإن هناك عدة دوائر أساسية قد تشارك فيها الحركة في المعركة الانتخابية، إما من خلال لوائح مستقلة أو بالتعاون مع شخصيات وقوى أخرى. فالنائب الدكتور فارس سعيد سيخوض معركة قاسية في دائرة جبيل - كسروان، وهناك معلومات عن سعي رئيس تحرير جريدة اللواء صلاح سلام (وهو عضو مؤسس في الحركة) لتشكيل لائحة من بيروت بالتعاون مع شخصيات بيروتية في مواجهة لائحة تيار المستقبل، كما ينشط رئيس المركز العربي للحوار الشيخ عباس الجوهري (وكان عضواً مؤسساً في الحركة) في العمل لتشكيل لائحة مع قوى سياسية وشخصيات متنوعة في دائرة بعلبك - الهرمل، وإن كان من غير الواضح خوض الشيخ الجوهري المعركة باسم الحركة أو بصفة مستقلة، لكونه يسعى للتحالف مع «القوات اللبنانية» و«تيار المستقبل» في هذه الدائرة، وهناك شخصيات أخرى شاركت في اللقاء التأسيسي للحركة ستنشط للترشح في عدة دوائر في مختلف المناطق اللبنانية، ومن غير الواضح ما إذا كانت الحركة ستتحالف مع الوزير السابق أشرف ريفي في طرابلس وبيروت وعكار، نظراً لأن خطابه السياسي قريب جداً ومتطابق مع بيان الحركة ومواقفها السياسية.
ومع أن الحركة تركز في مواقفها وبياناتها على «مواجهة المحور الإيراني والسلاح غير الشرعي (أي سلاح حزب الله والمقاومة الإسلامية)، يبدو ان الطرفين الأساسيين اللذين ستواجههما في المناطق الأساسية هما «تيار المستقبل» و«التيار الوطني الحر»، لكونهما الطرفين الأقوى في التسوية السياسية القائمة، ولأن رئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون يمثلان عماد التسوية السياسية القائمة.
لكن هل ستستطيع هذه الحركة اثبات قوتها الشعبية والحصول على مقاعد نيابية في البرلمان الجديد؟ لا يمكن الإجابة عن هذا السؤال بشكل حاسم قبل وضوح حركة الترشيحات والتحالفات التي ستعتمدها الحركة في المعركة الانتخابية المقبلة، لكن الشعارات التي ترفعها والخطاب الحاد في مواجهة كل القوى السياسية والحزبية والمشاركة في الحكم والحكومة قد تؤدي إلى جذب بعض المؤيدين لها، وإن كان الدعم المالي الخارجي قد يلعب دوراً مهماً في المعركة الانتخابية المقبلة. وإن غداً لناظره قريب.}