العدد 1339 / 28-11-2018
بسام غنوم
ما زالت عملية تشكيل الحكومة الجديدة عالقة عند عقدة تمثيل
النواب السنة المدهومين من "حزب الله" ، ورغم كل ما يشاع عن وساطات
ومقترحات لحلول لهذه العقدة فان الأمور مازالت على حالها من التشابك والتعقيد .
الا ان اللافت هو العودة مجدداﹰ الى لغة الاتهامات بحق
الرئيس المكلف سعد الحريري وحتى للرئيس الراحل رفيق الحريري , حيث اتهم احد اعضاء
"اللقاء التشاوري" النائب وليد سكرية بأنه كان جزءاﹰ من المشروع
الاميركي في المطقة , وان ما يعانيه الللبنانين في هذه الايام من أزمات اقتصادية
واجتماعية انما هو بسبب السياسات الاقتصادية للرئيس رفيق الحريري ، وعلى نفس
المنوال سار الوزير السابق وئام وهاب الذي طالب الرئيس سعد الحريري ﺑ "الكف
عن سرقة اموال لناس" ، واعتبر انه "يقود عصابة لسرقة البلد" .
ويكشف هذا التصعيد المتزامن مع مواقف متصلبة ﻠ "حزب الله" تجاه تمثيل
النواب السنة التابعين له ان هناك "أمر عمليات" بالتصعيد سياسياﹰ
واعلامياﹰ وعلى كل الصعد من أجل فرض تمثيل سنة 8 آذار في الحكومة ، وقد أكد ذلك
مجدداﹰ رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد أن النواب الستة السنة يجب
"أن يتمثلوا في الحكومة فهذا حق لهم وتمثيلهم في الحكومة ليس منة من احد ،
ولن يقدر أحد أن يتجاوزهم", فهل دخلت عملية تشكيل الحكومة مرحلة "كسر
العظم" بعد أن تجاوزت مرحلة "عضّ الاصابع" ؟
تبدو الحملة التجددة على الرئيس المكلف سعد الحريري وعلى
الحرية السياسية مستغربة نوعاﹰ ما , فالرئيس سعد الحريري كان له موقف لافت في
نهاية الأسبوع الماضي قال فيه : "في نهاية المطاف أنا متأكد اننا سنصل الى
حلّ ، ويجب ان نصل الى حلّ ، وعلى الجميع أن يعي ان الدستور اللبناني هو الذي
يجمعنا" ، وهذا الموقف الوسطي للرئيس سعد الحريري قرأه كثيرون بأنه نقطة
بداية لايجاد حلّ لعقدة تمثيل نواب سنّة 8 آذار , سواء عبر مبادرة الوزير جبران
باسيل القائمة على عقد لقاء بين الرئيس سعد الحريري وسنة 8 آذار ، وتوزير شخص مقرب
منهم في الحكومة ، او عبر توزيرهم من حصة الرئيس عون الذي قال اننا "نجتاز
أزمة تأليف الحكومة التي لم تعد ازمة صغيرة لأنها كبرت ، وهي ازمة يحضرني فيها حكم
سليمان الحكيم ... ونحن اليوم نريد ان نعرف من هي ام لبنان لكي نعطيها لبنان"
، وفسر موقفه على انه سوف يسعى الى حلّ الازمة الحكومية من حسابه على اعتبار انه
يمثل "ابو الصبي" كما يقال .
لكن التصعيد في المواقف السياسية من قبل "حزب
الله" وسنة 8 آذار من أمثال وئام وهاب فاجأ الجميع , واربك الحسابات واعاد
خلط الأمور مجدداﹰ ، فالنائب وليد سكرية اتهم الرئيس المكلف سعد الحريري بعرقلة
تشكيل الحكومة لأنه تابع للمشروع الأميركي في المنطقة ، ووئام وهاب قال عن الحريري
انه "يقود عصابة لسرقة البلد" ، وفي آخر موقف لحزب الله من قضية توزير
سنة 8 آذار قال النائب حسين الحاج حسن : "مفتاح الحل في تشكيل الحكومة يتوقف
على اقتناع الرئيس المكلف بتشكيلها بأن تمثيل النواب السنة في اللقاء التشاوري هو
ضرورة وحق ، وهو مستند الى نتائج الانتخابات النيابية وما قبلها وما بعدها" ،
وهذا التصعيد السياسي والاعلامي بعبّر عن أمرين , اما أن "حزب الله" لا
يريد تشكيل الحكومة عبر الحلول الوسط المطروحة على الساحة حالياﹰ ، ولذلك فقد صعد
في مواقفه السياسية والاعلامية ، واما أن الوقت ليس مناسباﹰ له الآن لتشكيل حكومة
بانتظار التطورات السياسية والاقتصادية المتسارعة في المنطقة وخصوصاﹰ فيما يتعلق
بالعقوبات الأميركية على ايران .
ويبدو أن "حزب الله" في كل الأحوال غير مستعد
لتسهيل مهمة الرئيس المكلف سعد الحريري تحت أي ظرف من الظروف ، ولذلك اعاد التأكيد
على احقية تمثيل نواب 8 آذار باعتباره حقاﹰ لهم تفرضها نتائج الانتخابات النيابية
الأخيرة ، وبالتالي فان الأمور بالنسبة الى تشكيل الحكومة الجديدة تجاوزت مرحلة
"عضّ الأصابع" بين الأطراف السياسية ، لتصل الى مرحلة "كسر
العظم" السياسية بكل مافي الكلمة من معنى . فهل سيقبل الرئيس الحريري كسره
سياسياﹰ بعد كسره انتخابياﹰ في الانتخابات النيابية الأخيرة ؟
بسام غنوم