العدد 1421 / 15-7-2020
قاسم قصير
في
الثاني عشر من تموز 2006 نجح حزب الله والمقاومة الاسلامية بأسر جنديين صهيونيين
وقتل ثمانية جنود في عملية عسكرية في منطقة خلة وردة قرب بلدة عيتا الشعب على
الحدود اللبنانية- الفلسطينية ، وذلك بهدف تحرير الاسرى اللبنانيين من السجون
الاسرائيلية، وقد أستغل العدو الصهيوني هذه العملية لشن حرب واسعة على لبنان بدعم
اميركي ومن بعض الدول العربية بهدف القضاء على المقاومة ، لكن الحرب انتهت بصمود
الحزب ولبنان وفشل العدو الصهيوني بتحقيق اهدافه ، سواء لاستعادة الاسرى او القضاء
على المقاومة ، وتم اصدار القرار 1701 من مجلس الامن الدولي لوقف العمليات
العسكرية وتعزيز وجود القوات الدولية في الجنوب ونشر الجيش اللبناني على الحدود.
ومنذ
انتهاء الحرب في الرابع عشر من شهر اب 2006 وحتى اليوم والجيش الصهيوني يستعد لشن
حرب جديدة على لبنان والقضاء على المقاومة وفرض شروطه على لبنان بتثبيت احتلاله
لقسم من الاراضي اللبنانية والمناطق البحرية. فكيف هي الاوضاع اليوم في مناطق
الجنوب في ظل المطالبات الاميركية والاسرائيلية بتغيير دور القوات الدولية والدعوة
لنزع صواريخ الحزب وسلاحه؟وهل حان الوقت لشن حرب جديدة على جنوب لبنان؟
الاوضاع
في الجنوب اليوم
كان
الهدف الاساسي للعدوان الصهيوني على لبنان في تموز 2006 القضاء على المقاومة
الاسلامية ونزع سلاحا وفرض معادلات جديدة على الصعيد العسكري والميداني وفي مناطق
الحدود ، اضافة لاستعادة الجنود الاسرى بدون مفاوضات ، لكن العدو فشل في تحقيق كل
هذه الاهداف واضطر في العام 2008 لاجراء عملية تبادل لاستعادة جثامين اسراه مقابل
اطلاق الاسير سمير القنطار وعدد من اسرى المقاومة وجثامين الشهداء، ورغم تعزيز دور
القوات الدولية وانتشار الجيش اللبناني على الحدود ، فان ذلك لم يؤثر على دور حزب
الله والمقاومة في الجنوب بل ازدادت قوته ونجح في تطوير بنيته العسكرية والقتالية،
ولا سيما من خلال الحصول على صواريخ جديدة ومتطورة ودقيقة، اضافة لتطوير دور
الطائرات المسيّرة والقدرات التكنولوجية والالكترونية.
وقد
استمر العدو الصهيوني في احتلال القسم اللبناني من قرية الغجر وبعض الاراضي في
منطقة تلال كفرشوبا ومزارع شبعا ، اضافة لوجود مناطق متنازع عليها على الحدود بين
لبنان وفلسطين المحتلة وفي المناطق البحرية.
وقد
اضيفت مشكلة جديدة بين لبنان والكيان الصهيوني وهي الخلاف على ترسيم الحدود والمناطق
البحرية في ظل اكتشاف الغاز والنفط في هذه المناطق وسعي العدو الصهيوني لاستثمار
هذه الثروة دون الاخذ بالاعتبار الحقوق اللبنانية، كما استمرت الخروقات
الاسرائيلية للسيادة اللبنانية برا وبحرا وجوا ، وجرت عدة عمليات عسكرية اسرائيلية
لاستهداف الاراضي اللبنانية وقد كان الجيش اللبناني والمقاومة الاسلامية يردان على
الخروقات الاسرائيلية بعمليات موضعية، لكن بقي الاستقرار العام مسيطرا على اجواء
الجنوب اللبناني، في حين يواصل الجيش الاسرائيلي تطوير قدراته العسكرية والقتالية
من اجل التحضير لاية مواجهة جديدة مع حزب الله ولسد الثغرات القتالية والعسكرية
والامنية التي برزت في حرب تموز وادت الى فشل عدوانه انذاك.
كما
يطالب العدو الصهيوني وبدعم اميركي بتغيير دور وطبيعة القوات الدولية في الجنوب من
اجل المزيد من الضغط على حزب الله والعمل لمصادرة الاسلحة والصواريخ الجديدة اذا
وجدت.
هل
تشتعل جبهة الجنوب مجددا؟
اليوم
وبعد مرور 14 عاما على حرب تموز هل نجح الجيش الاسرائيلي باعادة ترميم قدراته
العسكرية والامنية واصبح قادرا على شن حرب جديدة على حزب الله ولبنان ومن اجل نزع
سلاح المقاومة الاسلامية؟ وهل سنشهد تصعيدا عسكريا خلال الاسابيع المقبلة بسبب
الخلاف حول ترسيم الحدود ؟
التنافس
بين حزب الله والجيش الاسرائيلي لتطوير القدرات العسكرية والقتالية والتكنولوجية
والامنية مستمر منذ انتهاء حرب تموز في العام 2006 وحتى اليوم ، ويعترف المسؤولون
الاسرائيليون بان الحزب طوّر قدراته العسكرية وصواريخه نوعا وكما ، وهو اصبح اقوى
بكثير مما كان عليه في العام 2006، وأن اي حرب قد تحصل على لبنان من قبل الجيش
الاسرائيلي سيكون لها نتائج خطيرة على داخل الكيان الصهيوني ، في ظل عدم الاستعداد
الكامل للجبهة الداخلية والحجم الكبير للصواريخ التي يمتلكها الحزب، وفي المقابل
يهدد قادة العدو الصهيوني بتدمير لبنان واعادته مائة عام الى الوراء في حال شن حزب
الله حربا على الكيان الصهيوني.
ويبدو
ان حزب الله يعمل حاليا على نقل المعركة الى داخل الكيان الصهيوني في حال نشبت حرب
جديدة ، والتحضيرات مستمرة عمليا وميدانيا لاختراق الحدود والدخول الى منطقة
الجليل والتحضير لمفاجأت جديدة عسكرية وامنية وتكنولوجية، ولذلك فان اي عدوان جديد
على لبنان لن يكون عملية سهلة من قبل الجيش الاسرائيلي ، وبالمقابل فان حزب الله
يحسب الف حساب لمواجهة مثل هذه الحرب، مما يجعل توازن الرعب بين المقاومة
الاسلامية والجيش الاسرائيلي هو الذي يتحكم بالجبهة الجنوبية اليوم ، لكن في الوقت
نفسه فان اية عملية اسرائيلية لاستهداف المقاومة او للبدء بالحفر في المناطق
البحرية المتنازع عليها قد تكون الشرارة لحرب جديدة في هذا الصيف ، ويبدو اننا
سنعيش اسابيع صعبة في المرحلة المقبلة وكل الاحتمالات ستكون واردة في ظل التصعيد
والضغوط المتبادلة بين العدو الصهيوني المدعوم اميركيا وبين لبنان وحزب الله.