العدد 1368 / 3-7-2019
بسام غنوم

عاشت مناطق الجبل في نهاية الأسبوع الماضي أحداثاﱠ امنية خطيرة كادت تودي بلبنان الى فتنة كبيرة بين الدروز أولاﱠ وبين الدروز والمسحيين ثانياﱠ لولا لطف الله ومسارعة المعنيين والقيادات السياسية والأمنية الى معالجة الأمور بالتي هي أحسن وان كانت النار تحت الرماد كما يقال ، لأن التصريحات المواقف وعمليات الشحن الطائفي والمذهبي لم تهدأ بعد حادثة قبرشمون التي أدت الى مقتل اثنين من مرافقي وزير الدولة لشؤون النازحين "صالح الغريب" واصابة عدد من المحتجين على زيارة الوزير باسيل الى منطقة الشحار من انصار الحزب التقدمي الاشتراكي .

وقد أثارت هذه الحادثة خوف وهلع اللبنانيين من العودة مجدداﱠ الى الصراعات الأمنية لحل الخلافات السياسية بين الفرقاء السياسيين , خصوصاﱠ بعد قيام انصار النائب طلال ارسلان بقطع الطرقات في منطقة خلدة وصوفر وبعلشمية وحاصبيا بعد الحادث في قبرشمون ، وهو ما ادى الى احتجاز عشرات آلاف المواطنين في سياراتهم لساعات طويلة مع سماعهم دوي اطلاق الرصاص على الطرقات , وهو ما سبب حالة من الخوف والهلع اضافة الى القرف مما يجري بين ابناء المنطقة الواحدة والمذهب الواحد .

والسؤال الذي يطرح نفسه هو : هل ما جرى في قبرشمون وماتبعه من احداث أمنية متفرقة في قرى الجبل هو مجرد ردة فعل على حدث أمني عابر ام هو جزء من فتنة متنقلة بين منطقة واخرى ؟

في خلفيات حادثة قبرشمون التي كانت بين موكب وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب التابع للنائب طلال ارسلان ، وانصار الحزب التقدمي الاشتراكي المعترضين على زيارة الوزير باسيل الى منطقة الشحار الغربي هو المواقف الاستفزازية للوزير باسيل ووزراء التيار الوطني الحرّ من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط والمصالحة الدرزية – المسيحية في الجبل التي تمت برعاية البطريرك صفير في العام 2000 .

فالوزير باسيل دائم التذكير بالحوادث التي جرت بين المسحيين والدروز في الجبل , وهذا ماحصل في قداس دير القمر قبل اشهر قليلة ، وقبل ذلك تحدث وزير المهجرين غسان عطا الله عن خوف المسيحيين من النوم في بيوتهم بالجبل وهو ما أثار استياء المسيحيين والدروز على حد سواء ، ويوم الأحد الماضي اعاد الوزير باسيل من الكحالة التذكير بدور اهالي الكحالة وضهر الوحش وسوق الغرب في الصمود بوجه القوى التي كانت تريد الانتفاض على الدولة الشرعية , وهو مااثار حفيظة الرأي العام الدرزي خصوصاﱠ ان موقف باسيل في الكحالة جاء في المحطة الأولى لزيارته للجبل ، وهذه المواقف للوزير باسيل كانت بمثابة الشرارة التي اطلقت الاحتجاجات في مختلف قرى الجبل وادت لاحقاﱠ الى حادثة قبرشمون .

في ردود الفعل على حادثة قبرشمون وزيارة باسيل الى الجبل اجابات كثيرة من قبل قيادات سياسية فاعلة في البلد .

الوزير السابق سليمان فرنجية قال :"فتنة متجولة تحاول بناء وجودها على الخلافات في جميع المناطق , وتغذية مشروعها بالحقد والانقسامات" والمقصود هنا بالفتنة المتجولة الوزير باسيل الذي قام قبل ذلك بزيارة الى زغرتا وبشري واطلق مواقف استفزازية بحق خصومه السياسيين .

الرئيس نجيب ميقاتي قال :"اننا لطالما حذرنا من مخاطر التعبئة الطائفية ومن محاولة الهيمنة والانقلاب على التوازنات السياسية ومن تجاوز أحكام الدستور والقوانين" ، وهذا الموقف تذكير بما يقوم به الوزير باسيل على صعيد مجلس الوزراء ورئاسة الحكومة .

اما الرئيس السابق تمام سلام فقال معلقاﱠ على ما جرى :"ان تطور المأساوي جاء ليؤكد خطورة الخطاب التعبوي المتشنج الذي يعتمده البعض منذ فترة" , وتدل هذه المواقف على ان هناك اجماعاﱠ وطنياﱠ على ادانة ما جرى من أحداث أمنية مؤسفة أولاﱠ ، وعلى ان الخطاب التحريضي والطائفي المعتمد من قبل الوزير باسيل هو المسؤول عن الاحداث الجارية ثانياﱠ .

واضافة الى هذه المواقف تؤكد مصادر الحزب التقدمي الاشتراكي ان "حلفاء النظام السوري مكلفون باحداث فتنة في الجبل , ولدينا كل المعلومات والوثائق" ، تضيف ان الهدف هو فرض حالة من العزل السياسي حول رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط باعتباره آخر المعترضين على محاولات التيار الوطني الحرّ و "حزب الله" لوضع يدهم على البلد بعد استسلام الرئيس سعد الحريري لهم تحت عنوان التسوية السياسية ، وخضوع سمير جعجع خشية عزله مسيحياﱠ ، وهذا ما أكد تصريح وزير الدولة محمود قماطي من خلدة حيث قال :"انتهى عصر المليشيات" .

فهل تكون حادثة قبرشمون وما تلاها من احداث في قرى الجبل بداية لاعادة الأمور الى نصابها عبر مراعاة التوازنات السياسية في البلد , القائمة ام تكون مقدمة لفتنة جديدة لوضع اليد على البلد ككل ؟

بسام غنوم