العدد 1343 / 2-1-2019
بسام غنوم

انطوى العام 2018 على فشل سياسي كبير تتحمل مسؤوليته القوى السياسية الكبرى المتمحكة بالقرار السياسي في البلد ، وكذلك على عجز وركود اقتصادي ينذر بالوصول الى كارثة اقتصادية كبرى كما قال الرئيس ميشال عون في لقاء مع هيئات اقتصادية ووفود شعبية ، وهذا الواقع للاسف الشديد مستمر حتى الساعة دون ظهور مؤشرات فعلية على قرب الوصول الى تفاهم سياسي و دون ظهور مؤشرات فعلية على قرب الوصل الى تفاهم سياسي يساهم بالوصول الى تسوية سياسية تسمح بولادة الحكومة الجديدة .

اذاﹰ انطوى العام 2018 وما زالت عملية المشاورات الجارية لتشكيل الحكومة تراوح مكانها ، فبعد موجات من التفاؤل والتشاؤم سادت خلال الاسابيع الماضية , التي وصلت الى حد الاعلان عن ساعات لتشكيل الحكومة ، عادت الامور بقدرة قادر الى نقطة الصفر في ظلّ الهيمنة المفتوحة لبعض الفرقاء على الحصص الوزارية وعلى الحصول على حقائب معينة ، وعلى الثلث المعطل في الحكومة من أجل الأمساك بالقرار السياسي في البلد ولو على حساب باقي المكونات الأخرى ، وهذا ما يعيق تشكيل الحكوموة حتى الآن .

في ظلّ هذا الواقع كيف كانت سنة 2018 سياسياﹰ واقتصادياﹰ ؟

نبدأ أولاﹰ من الواقع السياسي , حيث سجل انجاز الانتخابات النيابية في 6 آيار 2018 بعد تسع سنوات من التأجيل والتعطيل ، وجرت الانتخابات النيابية وفق قانون انتخابي جديد قائم على النسبية مع الصوت التفضيلي .

وقد أدت نتيجة الانتخابات الى تقدم فريق "حزب الله" و 8آذار ، والى تراجع تيار المستقبل وفريق 14 آذار ، مع تسجيل زيادة كبيرة في تمثيل حزب القوات اللبنانية في المجلس النيابي الذي ضاعف كتلته النيابية من ثمانية نواب في انتخابات العام 2009 الى 15 نائباﹰ في انتخابات 2018 ، وهذا الوضع أربك حسابات التيار الوطني الحرّ الذي فاز ﺑ 21 نائباﹰ مما أدى الى زيادة الانقسام في الساحة المسيحية ، وهو من الاسباب الرئيسية التي أدت الى عرقلة تشكيل الحكومة بسبب اصرار الوزير جبران باسيل على "الافادة من السلطة التي يكفلها الدستور ولو( بشكل غير مباشر) أكثر من المصلحة اللبنانية العليا" كما قال رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع .

الا ان هذا الانجاز الانتخابي كانت له على الصعيد السياسي ارتدادات سياسية مدمرة , حيث أدت نتيجة الانتخابات بسبب اعتماد الصوت التفضيلي الى زيادة الاحتقان الطائفي في البلد , بعكس ما يطالب اتفاق الطائف الذي أكد على الغاء الطائفية السياسية ، والتعثر الحكومي القائم حالياﹰ في جزء كبير منه يستند الى الواقع الطائفي الذي افرزته نتائج الانتخابات النيابية ، وهو ما يجعل عملية اجراء الانتخابات في العام 2018 اقرب الى الفشل منه الى الانجاز, لأنه يساهم بشكل مباشر في العرقلة الجارية في عملية تشكيل الحكومة ، حيث يطالب الوزير جبران باسيل بحصة وزارية كبيرة استناداﹰ الى حجم كتلته النيابية ، ويهدف من وراء ذلك الى الانقلاب على دستور الطائف الذي اعاد توزيع السلطة بين الطوائف اللبنانية .

أما على الصعيد الاقتصادي فقد كان العام 2018 عاماﹰ سيئاﹰ بكل المعايير , حيث لامس النمو الاقتصادي درجة الصفر ، وفاق عجز الموازنة اﻠ 6 مليارات دولار ، ووصل الدين العام الى ما يقارب اﻠ 100 مليار دولار ، وهذا دين عام مرتفع جداﹰ ونسبته الى الناتج المحلي توازي اﻠ 150 في المئة ، وخدمته تستهلك ثلث الموازنة ، وتخطى ميزان المدفوعات اﻠ 3 مليارات دولار في عشرة أشهر ، والعجز التجاري بلغ 14 مليار دولار في عشرة أشهر ، وقد ادى هذا الوضع الاقتصادي الى خفض النظرة المستقبلية للبنان من وكالتي "فياتش" و "موديز" الى السلبي التي تهدد الاقتصاد اللبناني ، وتحذير الهيئات الاقتصاديو الدولة من استمرار الوضع السياسي على ماهو عليه من تعثر ، وان استمرار ذلك سوف يؤدي الى كارثة اقتصادية تحل على لبنان ، الا ان القوى السياسية الممسكة بالقرار السياسي في البلد مستمرة في تغنتها ، ولا تسمح بولادة الحكومة الجديدة الا اذا كانت هذه الحكومة وفق مصالحها السياسية الضيقة .

باختصار ، عام 2018 كان عام الأزمات السياسية والاقتصادية , دون ان ننسى العدوّ الصهيوني الذي يهدد لبنان . ومع ذلك كله نأمل أن يكون عام 2019 عام الانفراج على كل المستويات ، وكل عام و لبنان واللبنانيون بألف خير .

بسام غنوم