العدد 1447 /3-2-2021

الشيخ محمد أحمد حمود

أرسل الله الرسل وأنزل الكتب وشرع الشرائع ليقوم الناس بالقسط، فأرسل الله إلينا خير رسله، وأنزل علينا أحسن كتبه، وشرع لنا أكمل الشرائع. ولمّا كان محمد عليه الصلاة والسلام خاتم النبيين والمرسلين كانت شريعته كاملة لا يشوبها نقصان. والأهم ان هذه الرسالة والتكليف السماوي الذي تنزّل على النبي الكريم في ذلك المكان والزمان المحددين، رسم القرآن الكريم الخريطة ووجّه البوصلة للنبي عليه الصلاة والسلام أنه رسول للبشر كافة وحتى قيام الساعة وانتهاء الحياة الأرضية، ووصف له غاية الرسالة هذه أنها ليست إلا رحمة للعالمين.

بُعدان استراتيجيان قامت عليهم مبادئ المنهج المحمدي عليه الصلاة والسلام، {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}. والقارئ للسيرة النبوية يجد أن الرسول الكريم حافظ في كل حياته وهديه على هاذين البعدين، ويراهما في كل أقواله وأفعاله وإقراراته عليه الصلاة والسلام، التزاماً منه بما نزل عليه من تكليف، مواجهاً كل ضرورات الزمان والمكان، بل وهو يعلم عليه الصلاة والسلام أنه يشرّع ليس فقط للحاضر الذي يعيشه ، بل للمستقبل حتى نهاية البشرية، فهو اولاً وأخيراً رسول رب العالمين للبشرية جمعاء ورحمة مهداة.

المواءمة العجيبة بين هذين البعدين والفعل اليومي للرسول الكريم المتفاعل مع الوقائع والأحداث اليومية تستحق الوقوف عندها كثيراً ، ودراسة كل قول أو فعل أو إقرار من الرسول الكريم ومدى تأثير بوصلة التكليف القرآني عليه {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}، وهاذا ما يحتاج الى الكثير الكثير من القراءة والدراسة والبحث. نحاول الوقوف عندها في المقالات القادمة.

هكذا كانت رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم كلها رحمة وعفو وتسامح ومودة، قول وفعل في كل الظروف والأحوال، لأنه يدرك جيداً قيمة هذا التوجيه الرباني العظيم (رحمة للعالمين) ولذلك حرص على أن يكون رحيماً ودوداً متسامحاً في كل أفعاله، كما جاءت توجيهاته الكريمة لتحث المسلم على أن يتسلح بهذا الخلق الفاضل لينال الأجر من الخالق سبحانه، وليعيش محبوباً مرغوباً من كل الناس، فالإنسان الرحيم يحظى بحب واحترام وتقدير الناس جميعاً.