العدد 1382 / 16-10-2019
قاسم قصير

اثار المؤتمر الذي عقده "اللقاء المشرقي" حول الحوار والعيش المشترك والسلام , في اوتيل الحبتور في سن الفيل الكثير من السجالات والاتهامات حوله ، وذلك منذ ما قبل انعقاده يومي الرابع عشر والخامس عشر من شهر تشرين الاول الحالي وحتى انتهاء اعماله.

وقد ترددت معلومات أن خلفية المؤتمر تهدف إلى محاولة سياسية لإحياء حلف الاقليات في المنطقة، وان ايران تقف وراء هذه الحركة للرد على تحالف الاكثريات اي السنّة والغرب، وان ايران اختارت لبنان لعقد المؤتمر الاول نظرا لرمزيته ، وتم شن هجوم قاسي على المؤتمر من قبل جهات سياسية وفكرية واعلامية في بيروت وعمدت بعض الاوساط لمقاطعة المؤتمر وعدم المشاركة فيه.

لكن رئيس الرابطة السريانية حبيب افرام، وهو من منظمي المؤتمر، استغرب الأمر وقال في التصريح صحافي : "لم نتحدث مطلقاً عن الحماية او عن الاقليات. وهذه من الهجومات التي تطال المؤتمر. أولاً، ليس في فكرنا وتطلعاتنا طلب اي حماية من اي احد، ولا نقبل الا بالمواطنة. ثانيا، لسنا في حلف مع احد ونرفض كلمة الاقليات او ان يكنّى اي مكون بأنه اقلية. نحن كلنا شعوب وقوميات ومذاهب وطوائف لها خلفياتها وحضورها وتاريخها وفكرها ضمن الاوطان .

فماهي خلفية انعقاد هذا المؤتمر؟ وما هي ابرز النتائج التي نجمت عنه وخصوصا لجهة اعتماد لبنان كمركز عالمي للحوار؟.

عن اللقاء المشرقي ومؤتمر الحوار

اللقاء المشرقي يضم عددا من الشخصيات اللبنانية التي عملت مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وكانت تعقد معه لقاء دوريا قبل انتخابه للرئاسة وتعتبر من مجموعة التفكير الاساسية مع الرئيس ، وهو يضم رئيس التيار الوطني الحر ووزير الخارجية جبران باسيل، وزير الدولة سليم جريصاتي، الوزير السابق كريم بقرادوني، المستشار الرئاسي السابق الاعلامي جان عزيز، رئيس الرباطة السريانية الاستاذ حبيب افرام، السفير السابق الدكتور عبد الله بو حبيب، ونائب رئيس المجلس النيابي ايلي الفرزلي، اضافة لشخصيات اخرى متنوعة تتعاون مع اللقاء.

وكانت هذه المجموعة قبل انتخاب العماد ميشال عون للرئاسة الاولى تعقد اجتماعا اسبوعيا معه للتداول في الشأن العام والاوضاع في لبنان والمنطقة وكيفية مقاربة هذه الاوضاع، وبعد الانتخابات الرئاسية والنيابية وتولي عدد من اعضاء اللقاء مهمات وزارية او نيابية وداخل القصر الرئاسي تقرر تحويله الى مؤسسة دائمة باسم " اللقاء المشرقي" وذلك للاهتمام بالقضايا السياسية ولا سيما ما يتعلق باوضاع المسيحيين في العالم العربي وقضايا الحريات والتعددية والعنف والارهاب والصراع العربي – الاسرائيلي وتأثيراته على الاوضاع في المنطقة.

وقد عمد اللقاء الى عقد هذا المؤتمر بالتزامن مع موافقة الامم المتحدة على الدعوة التي اطلقها الرئيس ميشال عون لاعتماد لبنان كمركز للاكاديمية العالمية للحوار بموافقة حوالي 165 دولة ، وقد شارك في المؤتمر حشد كبير من الشخصيات الدينية والفكرية والسياسية والديبلوماسية والاعلامية من لبنان والعالم العربي والاسلامي ومن انحاء العالم.

وقد تمثلت في المؤتمر كل الطوائف والجهات ولم يكن مؤتمرا للاقليات او لجهة سياسية او دينية محددة ، وقد حرص المشرفون على المؤتمر على دعوة الازهر الشريف ومركز الملك عبد الله للحوار وعدد كبير من الشخصيات الدينية من الفاتيكان ومختلف الكنائس العالمية.

نتائج المؤتمر وديناميكية الحوار

ماهي ابرز نتائج المؤتمر وماذا عن الديناميكية الجديدة للحوار في لبنان والعالم العربي والاسلامي؟

من خلال الكلمات التي القيت خلال المؤتمر فقد جرى التركيز على رفض منطق الاقليات وتحالف الاقليات والدعوة لدولة المواطنة والاخوة الانسانية والحوار مع الاخر ورفض كل اشكال العنف والتطرف والدعوة للحوار الانساني العالمي بدل منطق الصراعات والحروب، وقد ايد المشاركون كل دعوات الحوار في العالم العربي والاسلامي وعلى الصعيد العالمي ، لا سيما وثيقة الاخوة الانسانية بين شيخ الازهر الامام الدكتور احمد الطيب وبابا الفاتيكان فرانسيس، كما دعوا لاستكمال كل جهود الحوار لبنانيا وعربيا وعالميا ، كما جرت الاشارة الى وثيقة المدينة المنورة التي اعلنها الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) والتي تؤكد الاخوة الانسانية.

ومن خلال الكلمات والمداخلات التي قدمت خلال المؤتمر من مختلف المشاركين والنتائج التي توصلوا اليها يمكن التأكيد ان هذا المؤتمر يساهم بشكل مباشر في اطلاق ديناميكية جديدة للحوار من لبنان الى العالم ، وهو يتلاقى مع مختلف المبادرات السابقة ويهيء لبنان كي يكون مركزا عالميا لاكاديمية الحوار والتلاقي من اجل الانسان.

ومن هنا اهمية التفاعل الايجابي مع هذه التجربة الحوارية الجديدة والتلاقي معها بدل اطلاق التهم جزافا وبدون مبررات حقيقية.

قاسم قصير