د. محمد شندب

بلد مثل لبنان عدد سكانه لا يزيد على أربعة ملايين نسمة، تتهدده أخطار إقتصادية كبيرة. الدين العام فاق السبعين مليار دولار.
المؤسسات الصناعية التي أغلقت أبوابها ناهزت الأربعمائة. وجيش العاطلين من العمل يزداد يوماً بعد يوم. المافيات المتسلطة على رقاب الناس. حيتان المال الذين يحتكرون لقمة العيش، إضافة الى الهدر في المشاريع و التشبيح على حقوق الدولة في المطار والمرافئ و الأملاك البحرية.. كلها عوامل قد تدفع الناس الى الغضب والعنف، وهناك متربصون ينتظرون الفرصة  لأخذ البلد الى المجهول. لذلك لا بدّ من خطة على مستوى الوطن يشارك فيها كل المخلصين الذين يرفضون كل أنواع الهيمنة، كمايرفضون الانتفاضات العشوائية التي تخرب ولا تعمر.
ويكفينا ما حلّ بمحيطنا العربي من أهوال ومصائب. هذه الخطة تبدأ بالقضاء على الفساد والهدر والمحسوبية، انطلاقاً من رأس الهرم حتى يأخذ الفقير حقه قبل الغني. وعندها تسود العدالة وينعم الناس بالأمن و السلام.
هذه الخطة نفذها الخليفة عمر بن عبد العزيز الذي حكم أكبر دولة في العالم، كانت تمتد من الصين شرقاً الى فرنسا غرباً. هذه الدولة التي تشمل أجزاء كبيرة من قارات آسيا وأفريقيا وأوروبة، لم يكن فيها فقير واحد. لقد أرسل عمر الجباة الى جبال افريقيا ليجمعوا الزكاة من الأغنياء ثم يعطوها للفقراء، فلم يجدوا فقراء!! عندها أمرهم الخليفة أن يفتشوا عن المديونين ويوفوا عنهم ديونهم، وعن الشباب كي يزوّجوهم من بيت مال المسلمين. هل  يعلم حكام لبنان لماذا انتهى الفقر في زمن عمر بن عبد العزيز؟لأن عمر كان الفقير الأول في هذه الدولة العظيمة. لقد ترك عمر لأولاده بضعة دنانير، وعندما قيل له: أن تترك أولادك أغنياء خير من أن تتركهم فقراء، قال: أولادي واحد من اثنين..
إما رجل تقي والله يتولاه. وإما أن يكون غير ذلك، فأنا لن أعين العاصي بمالي على معصية الله.
طبعاً سوف يستغرب الكثيرون هذا الطرح في زمن الهجوم على الإسلام من قبل أركان العلمانية  الطاغية وأرباب الديمقراطية المزيّفة، لكن المريض الذي يطلب الشفاء يذهب الى الصين سعياً وراء العلاج، فلماذا لا يتجرّأ رجال الإصلاح في لبنان على أن يطبقوا خطة عمر في الزهد والتقشف والتجرد لله رب العالمين، حتى ننقذ البلد من خطر الإفلاس والفشل والسقوط في براثن الجوع، والجوع كافر لا يرحم؟