اسعد هرموش

بقلوب مطمئنة وراضية بقضاء الله، ننعي أخي الكبير الحاج محمد عارف محمود دبوسي، من رجالات الجماعة الإسلامية في طرابلس، ومن الرعيل الأول. تعود معرفتي بالحاج عارف إلى عام 1972، في بدايات تعرفي الى الجماعة، يومها رشحت الجماعة للانتخابات النيابية الأخ الدكتورمحمد علي ضناوي رئيس الدائرة السياسية آنذاك، و انخرط الإخوان في معركة كبيرة بين متنافسين كبار، الرئيس الشهيد رشيد كرامي و طبيب طرابلس النائب الدكتور عبد المجيد الرافعي، ولا مجال آنذاك لمرشح إسلامي، يمثل خطاً « ثالثاً»، في حالة استقطاب واصطفاف سياسي حاد في مدينة طرابلس.
وحده عارف دبوسي كان من التجار، يملك مكتبة لبيع القرطاسية في سوق العطارين، حيث كان السوق احد اهم شرايين الحياة الاقتصادية في المدينة، رفع صورة كبيرة لمرشح الجماهير المؤمنة في متجره، الأمر الذي سبب له الكثير من الحرج والمضايقات.
ومن يومها لم يتخلف الأخ عارف عن معركة أو استحقاق، بالنفس والمال والجهد، وكان يشجع زوجته الأخت الكريمة الحاجة هلا الرجب، بنت الأصول العريقة، في حلبا - عكار، على الانخراط بالعمل الإسلامي.
انتقل الحاج عارف إلى تجارة البناء وكان من المجلين في هذا المضمار. ولا ننسى أبداً وقوفه الى جانبي مع عائلته في انتخابات 1992 وما بعدها.
وكان يعتبر عارف دبوسي ان تأكيد حضور الجماعة والمشاركة في نشاطاتها من باب الجهاد الأكبر، الذي لا يجوز للمرء ان يتخلف فيه عن الزحف (كما يقول).
إلى جانب جهاده و بذله، كان يتمتع الحاج عارف بمهارة في إعداد الطعام و خاصة المنسف والمغربية والبوظة والحلويات التي اشتهر بها آل دبوسي في طرابلس، وكان في كل وليمة يصرّ عليّ، انه سيحضّر قسماً من الوليمة بنفسه.
عندما تقاعد الحاج عارف، بدأ العمل على بناء المساجد، فكان بالفعل «أبو المساجد» فتبرع بأرض مسجد السيدة خديجة في أبي سمراء، و أقام نصف البناء، ثم تقدم محسن من آل الجمل و أكمل البناء، وهو الآن منارة للعلم والعبادة في المنطقة.
كما أقام الحاج عارف بناء قرب قلعة طرابلس، وبنى مسجداً سمّاه مسجد «سفيان الأزدي» محرّر طرابلس من الصليبيين.
وهو على فراش المرض، كنت بزيارته، أودعني خرائط لمجمع إسلامي ومسجد على مساحة أربعة آلاف متر مربع في حلبا، يريد بناءه، لكن المرض عاجله و انتقل الى الرفيق الأعلى.
رحمك الله يا أعز الرجال، رحمك الله يا أبا محمود، أنت الذهب الطرابلسي العتيق، وإلى جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين. و إنا لله وإنا اليه راجعون.