ما إن يتفاءل الفلسطينيون بقرب حلحلة ملف المصالحة بين حركتي «فتح» و«حماس»، إلا وتخرج تصريحات تعكر صفو الاتفاق، كان آخرها حديث رئيس السلطة محمود عباس وشخصيات مقربة منه عن رفضها السماح بوجود سلاح مواز لسلاح السلطة الفلسطينية.
ولأن «سلاح المقاومة» من ضمن الملفات الأكثر تعقيداً، فقد تم الاتفاق على استبعاد طرحه على طاولة المصالحة، باعتباره اللغم الحقيقي في طريق المصالحة.
وفي محاولة لاستباق أي شرخ قد يحدثه فتح ملف «سلاح المقاومة»، رأت فصائل فلسطينية ومحللون، إمكانية للتوافق بين الطرفين على قاعدة الحفاظ على سلاح المقاومة وعدم مسّه، مع التشديد على هيبة سلاح السلطة وانفراد وجوده في الشارع الفلسطيني، وأن يبقى قرار السلم والحرب مشتركاً.
القيادي بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عبد العليم دعنا، أكد رفض وضع سلاح المقاومة  للنقاش، «لأن ذلك مسّ بإحدى المقدسات، والذي يرى فيه الفلسطينيون الوسيلة لدفع القضية إلى الأمام والحفاظ على الثوابت».
وشدد دعنا في حديث لوكالة «قدس برس» على أن انتزاع سلاح المقاومة بغزة سيجعلها مستباحة من الاحتلال كما هو الحال في الضفة، وسيقتحم الاحتلال مخيماتها وبلداتها وينفذ الاعتقالات بشكل يومي. وطالب حركتي «حماس» و«فتح» بإخراج ملف سلاح المقاومة من أي اتفاق يوقعانه لإنهاء الانقسام في ما بينهما، كون أن هذه الموضوع يتعلق بمستقبل وحاضر القضية الفلسطينية.
ويرى دعنا أن سلاح الأجهزة الأمنية والشرطة غير كافٍ للدفاع عن الشعب الفلسطيني، لكونه مرخصاً من قبل الاحتلال وأعداده معروفة. ويؤكد «أن أي حوار فلسطيني مستقبلي بشأن هذا الملف يجب أن يقوم على قاعدة الحفاظ على سلاح المقاومة وحصر استخدامه في مواجهة الاحتلال».
من جانبه، أكد الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي ضرورة التمييز بين قضايا الأمن الداخلي، والمقاومة التي يجب أن لا تتوقف حتى انتهاء الاحتلال الإسرائيلي.
وشدد البرغوثي في حديث  لـ«قدس برس»على وجوب بحث كافة القضايا التي تخص ملف إتمام المصالحة بشكل مشترك وجماعي في 21 تشرين الثاني/ نوفمبر الحالي. ودعا كافة الأطراف السياسية لطرح رؤيتها كاملة، آملاً بتشكيل قيادة وطنية فلسطينية موحدة، يتوحد من خلالها القرار السياسي والكفاحي الفلسطيني.
من جانبه، شدد القيادي في حركة المقاومة الإسلامية «حماس» بالضفة الغربية، حسن يوسف، على أن سلاح المقاومة هو حق للشعب الفلسطيني، وهو باقٍ ما بقي الاحتلال جاثماً على أرض فلسطين.
وأوضح يوسف، في بيان صحفي، يوم الاثنين، رداً على ما نسب من تصريحات للرئيس عباس تجاه سلاح المقاومة؛ «أن المشكلة لا تكمن في تصريحات عباس فحسب، إنما في تلكؤ حركة فتح في رفع العقوبات عن غزة واتخاذ إجراءات عملية في إنجاح المصالحة»، مشيراً إلى أنه نتيجة لذلك، فإن «منسوب الثقة بالمصالحة يقل، فيما يزيد منسوب القلق العام».
وأضاف: «حينما تتحرر فلسطين سنتفق حينها على جيش وطني وسلاح واحد نحمي به وطننا، أما الآن فلن يسمح لأي أحد تسول له نفسه، أن يضع سلاح المقاومة على طاولة المفاوضات».
وكان رئيس السلطة، محمود عباس، قد صرح لعدة وسائل إعلامية عدم قبوله بوجود «سلاح غير شرعي»، وهو ما يثير جدلاً لدى كافة الفصائل التي ترى في هذا الحديث استهدافاً مباشراً لسلاح المقاومة الفلسطينية.
ويرى المحلل السياسي الفلسطيني جهاد حرب، أن مسالة سلاح المقاومة في قطاع غزة يمكن التوصل إلى اتفاق بشأنها ضمن المصالحة ما بين حركتي «حماس» و«فتح» وعودة الأجهزة الأمنية والحكومة للعمل في القطاع عبر ضمانات فصائلية برعاية مصرية.
ويشير حرب في حديث لـ «قدس برس» أن «التوافق من خلال تمكين سلاح السلطة والحكومة كمنفذ وحيد القانون على الأرض في قطاع غزة، وأن يكون هناك ضمانات من حركة حماس والفصائل التي لديها أجنحة عسكرية بعدم استخدام السلاح في أي خلافات داخلية وحلّ الخلافات ضمن إطار التواصل الفصائلي والتنسيق ما بين الفصائل».
ويرى حرب أن فكرة تجريد سلاح المقاومة أو تسليمه للسلطة والأجهزة الأمنية غير واقعة، ولا يتحدث عنها أحد لأن وجود الاحتلال يتطلب حفاظ فصائل المقاومة على سلاحها والدفاع عن غزة، وعدم تكرار تجربة الضفة من اقتحامات يومية ولما تشكله المقاومة بغزة وسلاحها من ردع للاحتلال.
ونص الاتفاق على تنفيذ إجراءات لتمكين حكومة التوافق من ممارسة مهامها والقيام بمسؤولياتها الكاملة، في إدارة شؤون قطاع غزة، كما في الضفة الغربية، بحد أقصاه الأول من كانون أول/ ديسمبر القادم، مع العمل على إزالة كافة المشاكل الناجمة عن الانقسام.
كما تضمن الاتفاق دعوة القاهرة لكافة الفصائل الفلسطينية، الموقعة على اتفاقية «الوفاق الوطني»، لعقد اجتماع في 21 تشرين الثاني، والذي يتوقع أن يناقش خلاله ترتيبات إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، وإعادة هيكلة منظمة التحرير‎.}