محمد احمد حمود

قالها إبراهيم عليه السلام لمّا ألقي في النار فنجّاه الله منها. وقالها محمد عليه الصلاة والسلام يوم أحدُ فنصره الله وأيده. وقالها خالد بن الوليد لمّا التقى مع اعدائه أعداء الدين، فقال له أحد المسلمين الى أين الملتجى، إلى سلمى وآجا – يعني الى الجبلين؟ قال: بل الى الله الملتجى، فانتصر بإذن الله.
قالها طارق بن زياد لما سبح في البحر وانتهى الى الأندلس، فنصره الله نصراً عظيماً. وقالها عقبة ابن نافع لما وقف على المحيط الأطلنطي ورأى البحر والأعداء، فنصره الله.
حسبنا الله ونعم الوكيل، يقولها اليوم الأبطال في كل مكان، وفي الشام على وجه التحديد، لمّا أتت قوى الشر بقضّها وقضيضها ودباباتها وصواريخها وطائراتها وميليشياتها، تحارب الله الذي فوق سبع سماوات، فخرجوا من المساجد مكبّرين مهللين يقولون: حسبنا الله ونعم الوكيل، فانقلبوا بنعمة من الله وفضل، وهم على موعد مع النصر باذن الله. شهيدهم في الجنة، وحيّهم يعيش العزة والكرامة.
وما أتوا بقعة إلا سمعت بهاالله أكبر دوّت في نواحيها 
ما نازل الفرس إلا خاب نازلهمولا رمى الروم إلا طاش راميها
وقف قتيبة بن مسلم لفتح كابل وما يواليها، فقال أين العابد محمد بن واسع، قالوا هو يرفع إصبعه داعياً لله، يردّد حسبنا الله ونعم الوكيل، فبكى قتيبة القائد وقال: والله، لإصبع محمد بن واسع خير عندي من ألف سيف شهير ومن ألف شاب طرير.
حسبنا الله ونعم الوكيل، هي مفزعنا إذا ضاقت الكروب، وهي ملاذنا إِذا عظمت الخطوب.
هي الكلمة التي تقف على طرف اللسان حين يأخذ الخوف والحزن مكانه في القلب.
وهي العبارة التي تلوح أمامنا حين تنقطع وتتخلى عنا الأسباب الأرضية.
هي هتافنا حين نرى تسلط أهل الطغيان على رقاب المستضعفين.
حسبنا الله ونعم الوكيل، هي سلوانا إن قلّت أموالنا، وجفّت موادنا، وشحّت مصادرنا.. فلا شيء إلا الله، لا حول إلا حوله، لا قوة إلا قوته، لا إرادة إلا إرادته.
سُفّه نوح في عقله، وزُجر وعُنِّف، حتى أيس من قومه وضاق عليه كربه، فالتجأ إلى ربه بالدعاء >فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ * فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ <، فجاءه الجواب: >وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ * وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ<.
صرخ قوم موسى: >إِنّا لَمُدْرَكُونَ<، فقال لهم موسى: >كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ<، فجاءه الجواب: >وَلَقَدْ مَنَنّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ * وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ<.
يونس بن متى ألقي في لجج البحار، وانقطع عنه الضوء والنهار، فالتجأ إلى ربه >فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ<، فجاءه الجواب: >فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِين<. 
 مرض أيوب، وطال عليه الداء، ففزع إلى رب الأرض والسماء >أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ<، فجاءه الجواب: >فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ<. 
تعرضت ليوسف فتنة الشهوات، فما عصمه من هذا البلاء إلا التعلق بالله >وَإِلّا تَصْرِفْ عَنَّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ<.
وهذا ما ربى عليه النبي  صلى الله عليه وسلم صحابته الكرام فقال لهم يوماً: >كَيْفَ أَنْعَمُ وَصَاحِبُ القَرْنِ قَدْ الْتَقَمَ القَرْنَ، وَاسْتَمَعَ الإِذْنَ حَتّى يُؤْمَرَ بِالنَّفْخِ، فَيَنْفُخَ<، فتأثر الصحابة مما سمعوا، حتى رؤي ذلك في وجوههم، فقالوا: كيف نقول يا رسول الله؟ قال: قولوا: >حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ<.