العدد 1451 /3-3-2021

يعرَّف التفاؤل في سياقه العام أنه استعداد داخلي لحب الحياة والهدوء والسكينة المشبعين بالأمل في قادم مبشر بلا أحزان أو هموم. ويقال إن التفاؤل هو الأمل الدائم بالإيجابيات وبتحقيق أمر ما، ويبعث الطاقة الإيجابية بالنفس. وربما كلنا يحفظ ويردد دائماً حديث الرسول الكريم: تفاءلوا بالخير تجدوه. الذي هو دعوة واضحة وصريحة من الرسول عليه الصلاة والسلام بالسعي الى حياة أفضل وواقع أجمل وعدم الاستسلام تحت أي ظروف أو ضغوط أو مصاعب.

لذلك كان الرسول الكريم في كل أقواله وأفعاله وتقريراته يتظلّل بالتفاؤل والامل، بل ونبذَ التشاؤم ووصفه بأنه شرك بالله تعالى. فالتفاؤل والتطلع الدائم نحو رحابة المستقبل بدل الانغماس في ضيق اللحظة الراهنة والغرق في تفاصيلها هو ما يزوّد الإنسان بالصبر، وما يحتاجه ذلك من أناة وبُعد نظر. وهذا ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم. فعندما كان يدعو الله أن يخرج من أصلاب المشركين من يعبد الله فهو بذلك يتطلع الى جيل جديد جيل شباب من أبناء زعماء قريش، وهو استشراف للمستقبل المشرق رغم ضيق اللحظة التي كان يعيشها عليه الصلاة والسلام.

هذا الخُلق يحتاجه الإنسان أيَّما احتياج، ذلك أن انطلاق الإنسان وتوجهه نحو الأمور يحتاج إلى نفسية مطمئنة مستقرة، فإذا كانت هذه النفسية لدى الإنسان مضطربة قلقة فإنه لا ينجز ولا يؤدي ما يجب عليه فيعيش النكد والضيق بكل صوره. مما يجعل خطواته وسلوكياته وقراراته تؤدي به الى الهاوية والى ما لا يحب ويرضى. فهذا الشعور الداخلي الدائم بالتفاؤل ينعكس بالضرورة على سلوك الانسان في حياته. وكما يصف البعض بأن الفكرة تتحوّل الى مشاعر وأحاسيس ومن ثمّ تتحوّل الى سلوك. وبالتالي إمّا يحكمني ويحكم تصرفاتي التفاؤل أو التشاؤم. نعم إنه التفاؤل أو التشاؤم الذي يغيّر منهج الإنسان، ويجعله يعيش حياة مستقرة مطمئنة، أو العكس.

وهكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم في كل مفصل استراتيجي ينحاز لهذا المنهج نصاً وروحاً ومن دون تردد، ففي كل سيرته عليه الصلاة والسلام تجده ديدنه التفاؤل العميق والتطلع الدائم نحو رحابة المستقبل. وعلى ذلك كانت كل حياته عليه الصلاة والسلام في قراراته وأقواله وأفعاله وردات أفعاله.

الشيخ محمد احمد حمود