حازم عياد

وزير الخارجية الالماني زيغمار غابرييل بات محط اهتمام المنطقة العربية على مدى أيام، بشكل فاق في اهميته وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون ورئيسه ترامب؛ فميركل (المستشارة الالمانية) باتت الممثل للقارة الأوروبية في المنطقة في ظل الانشغال البريطاني، والارتباك الأمريكي الناجم عن الانقسام الداخلي في طريقة التعامل مع الملفات المتعارضة في المنطقة.
خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي، وازمتها الداخلية التي أفضت الى انتخاب حكومة ائتلافية ضعيفة في طور التشكل بقيادة تيرزا ماي، وفّر الفرصة لألمانيا لملء الفراغ، ولعب دور قيادي في القارة الأوروبية، بل في المنطقة العربية، كاسرة حاجز التفرد الثنائي الأمريكي البريطاني الذي احتكر الدور القيادي لفترة طويلة في المعسكر الغربي.
دخول ألمانيا على خط الازمة الخليجية جاء على هامش اجتماع قادة دول العشرين في هامبورغ، واجتماع بوتين- ترامب، لتقدم نفسها كطرف متفرد يملك رؤية بديلة، وخياراً ثالثاً للقوى المتصارعة في المنطقة العربية.
التحرك الألماني كشف بدوره عن اتساع الفجوة بين أوروبا ممثلة بالاتحاد الأوروبي  والولايات المتحدة الأمريكية، خصوصاً إزاء الرؤية المثلى للتعامل مع الأزمة وأطرافها بمزج القيم الديمقراطية بمقولات الأزمة، متجاوزة بذلك الولايات المتحدة الأمريكية، ومخلفة قوة ناعمة خارج حدودها التقليدية؛ إذ أصبحت ألمانيا محط اهتمام الدول الخليجية، وسبباً للتنافس في ما بينها لاستقطابها، والاستثمار في دورها المتصاعد في الإقليم العربي.
برلين وبحركة خاطفة، أحدثت اختراقاً سياسياً مهماً في المنطقة لا يمكن تجاهله وتجاهل تداعياته المستقبلية ومغزاه ودلالاته الاستراتيجية؛ اذ تمكنت من تقديم نفسها كوسيط يحاول تمرير أجندته الاقتصادية والسياسية في المنطقة، محدثة اختراقاً سياسياً وامنياً واقتصادياً في جدران النفوذ البريطاني والأمريكي، وهي فرصة جديدة باتت متاحة للاستثمار فيها من دول المنطقة التي تملك علاقات متنوعة مع ألمانيا اقتصادية وسياسية وأمنية من ضمنها إيران.
فالأزمة الخليجية باتت محط اهتمام المسؤولين الالمان، ومبرراً لتنشيط سياستهم الخارجية، ومنافسة الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا التي تواجه صعوبة في وقف تفاعلاتها، أو حتى تحقيق رؤية هيلي المندوبة الأمريكية في الأمم المتحدة للضغط على قطر والسعودية، في ظل الانقسام الداخلي الأمريكي والاستقطاب الحاد داخل المؤسسات السيادية.
فوزير الخارجية الألماني يسعى للعب دور قيادي يتجاوز تحالفات بلاده التقليدية مع الولايات المتحدة الأمريكية، بشكل يعزز الاعتماد على الذات، ويحقق الرؤية الألمانية لأوروبا المستقبلية، بعيداً عن التبعية لأمريكا، والرؤية البريطانية التقليدية.
الدور الألماني في الأزمة الخليجية احتوى الكثير من الحقائق والتفاصيل التي بات التنبه إليها مسألة غاية في الأهمية لدول المنطقة التي تفاعلت مع الجهود الألمانية؛ بحثاً عن وسيلة للخروج من الأزمة، أو التخفيف من وطأتها في ظل حالة الارتباك الأمريكي، والانشغال البريطاني الداخلي.}