د. محمد شندب

خلال ثلاث سنوات خلت، وفي رحاب محافظة الشمال، اقتربت منك أكثر، قدّرتك أكثر، لأنك كنت تقود سفينة الجماعة في طرابلس في ظروف قاسية على صعيد الداخل، وظروف أقسى على المستوى العام . كنت تواجه التحديات بعقلانية و رويّة مع رباطة جأش، و ثبات و إقدام. 
كنت دائماً تعمل على توحيد الكلمة و جمع الشتات لا تهمك المصالح الضيقة ولا تزعجك الانتقادات المغرضة. كنت تقابل الإساءة بالاحسان. كنت تردّ على الخطأ بتصويب المسار. كنت تقابل العنجهية من بعض المتنطعين بالر أفة والتسامح. كنت تقابل الوجوه المتجهمة بتلك الابتسامة التي لا تكاد تفارق ثغرك الوضاء. و عندما كان يشتد الجدل كنت ترطب الأجواء المشحونة بفكاهاتك النديّة التي تدخل الفرح والسرورعلى قلوب الحاضرين. كنت تسهر الليالي الطوال من أجل حل المشكلات التي يطرحها البعض كي يعرقلوا مسيرة الدعوة. كنت لا تتأفف عندما أزعجك في ساعات الليالي المتأخرة أو عند الفجر. همّك الأكبر أن ترى الصفوف مجتمعة،  والأرواح متلاقية، والدعوة تتقدم الى الأمام على هداية و بصيرة.
كنت زاهداً بما يطمح إليه الآخرون.لا تهمك المناصب ولا المراتب. كان سعيك الدائم أن تنهض الجماعة وينصهر الإخوة في تيار العمل والنشاط حتى تكون كلمة الحق هي العليا وكلمة أهل الأهواء  هي السفلى.
عرفتك مدارج كلية الهندسة في الجامعة اللبنانية رمزاً للعطاء و التضحية، فنلت إعجاب المحبين و المنافسين. طلابك في الجامعة يتغنون بمآثرك العظيمة وأخلاقك الكريمة. كل من يعرفك يرى فيك سمات الصالحين  همّة المجاهدين وطموح السائرين إلى الله.
أيها الفارس المترجل. أيها الشهيد المشتاق للقاء ربه. أرجوك أن  تسمح لي أن أكتب هذه الكلمات بدموعي الغزيرة التي أبت الا أن تنهمر مع هذا الصباح المفعم بمرارة الألم و الحزن بعد ساعات من وفاتك.
أخي صفوان، أنت كنت رمزاً للقيادة الحكيمة، وعلماً من أعلام الأخلاق الكريمة.
رحمك الله في الأولين، ورحمك الله الى يوم الدين. وألهم أهلك  و إخوانك الصبر و السلوان، وأمدّ رفيقة دربك الأخت  «أم عبد الرحمن» بالقوة والصبر، فهي من صناع الأبطال  الرجال.. 
والحمد لله رب العالمين.

الدكتور صفوان مسدّي رحمه الله

- ولد الدكتور صفوان مسدّي بطرابلس في 16 شباط 1955م.
- تلقى فيها دراسته الإعدادية والثانوية.
- سافر إلى كندا في السبعينات لمتابعة دراسته الجامعية.
- حصل على شهادة الدكتوراه في مجال الطاقة الشمسية من كلية الهندسة بجامعة مونتريال.
- عمل مع مجموعة من الإخوة في كندا على تأسيس حركة إسلامية طلابية خلال دراسته الجامعية.
- تولى عام 1984 قيادة العمل الإسلامي في كندا.
- ساهم في بناء عدد من المساجد والمدارس في كندا.
- عاد إلى لبنان مطلع التسعينات، وبدأ التدريس في كلية الهندسة بالجامعة اللبنانية عام 1996.
- تسلم مسؤولية مكتب طرابلس بالجماعة الإسلامية عام 2003.
- انتخب مسؤولاً عن مجلس محافظة الشمال بالجماعة لدورتين.
- كان عضواً في جمعية التربية الإسلامية التي تشرف على مدارس الإيمان.
- انتقل إلى رحمة ربه تعالى بعد معاناة مع المرض يوم الأربعاء 15 آذار 2017م. تغمده الله بواسع رحمته.