العدد 1464 /2-6-2021

كشفت مصادر سياسية وأمنية مصرية، أن السلطات أعطت وعوداً جديدة لعدد من الوسطاء من السياسيين والنقابيين، بالإفراج عن دفعة جديدة من المعتقلين قريباً، قبل عيد الأضحى (الذي يحل في 20 تموز)، بمن في ذلك بعض المتهمين في القضية المعقدة المعروفة إعلامياً بـ"خلية الأمل"، وذلك في إطار "مقاربة أكثر مرونة لملف حقوق الإنسان، بالتزامن مع تنامي الاتصالات بين النظام المصري الحاكم والإدارة الأميركية الجديدة، وحديث الرئيس الأميركي جو بايدن ووزير خارجيته أنتوني بلينكن عن ضرورة استجابة القاهرة لمناشدات تحسين أوضاع الحريات في البلاد، بالتوازي مع التغيرات السياسية الإقليمية التي تنخرط فيها مصر بقوة هذه الفترة".

وتلقّى النظام المصري في الشهرين الأخيرين نصائح من بعض النواب والسياسيين من جماعات الضغط الأميركية التي تكثّف مصر التعاون معها، وكذلك من المتعاملين مع شركة "براونستين هيات فاربر شريك"، بضرورة الاستعداد لاتخاذ إجراءات تعكس رغبة النظام في تحسين أوضاع حقوق الإنسان خلال الفترة المقبلة، بما في ذلك بحث إمكانية الإفراج عن معتقلين ومحكومين من حاملي الجنسية الأميركية. لكن التقديرات الاستخباراتية والأمنية مشفوعة بـ"رؤية الرئيس عبد الفتاح السيسي نفسه" تتجه إلى عدم المسارعة في ذلك، باستثناء إمكانية إخلاء سبيل "عدد محدود جداً" من المعتقلين المشاهير، بحسب أحد المصادر، الذي قال إنه "من المستبعد حالياً أن يخرج عدد كبير من المعتقلين بشكل جماعي". وأكد رغبة النظام في "الحفاظ على عدد من الأوراق للتخلي عنها مستقبلاً عند الحاجة"، مفسراً بذلك استمرار منع سفر عدد من الشخصيات التي سبق وتحدثت واشنطن بشأنها، وعدم إخلاء سبيل نشطاء سياسيين على الرغم من تخطيهم عامين في الحبس الاحتياطي مثل إسراء عبد الفتاح.

وأضافت المصادر أن "ضباط الأمن الوطني في السجون عقدوا لقاءات خلال الأيام الخمسة الماضية مع عدد من المعتقلين للاتفاق معهم على طريقة التعاطي المستقبلية مع الأحداث وإملاء بعض الشروط عليهم، مثل الابتعاد عن القضايا السياسية المثيرة للجدل وعدم الحديث في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي"، مشيرة إلى أن بعض هؤلاء المعتقلين كانوا قد وُعدوا من قبل بالإفراج عنهم، لكن لم يحدث ذلك بسبب اختلاف تقدير قيادات الأمن الوطني لهم، أو كعقاب لبعض الشخصيات القريبة من هؤلاء

وذكرت المصادر أن هذه اللقاءات الخاصة عُقدت بالتوازي مع استمرار عقد اللجان الخاصة في السجون المكلفة بفحص ملفات السجناء السياسيين والمحبوسين احتياطياً على ذمة قضايا سياسية، والمشكّلة أساساً من ضباط الأمن الوطني، وبالتنسيق مع المخابرات العامة، والمخابرات الحربية، ورئاسة الجمهورية، لقاءات شخصية، متكررة في بعض الأحيان، مع أكثر من 35 محبوساً احتياطياً وسجيناً في سجون مجمع طره والوادي الجديد وأسيوط وبرج العرب وجمصة، تم ترشيح أسمائهم من قبل اللجنة الخاصة بالعفو والمشكّلة بقرار من رئيس الجمهورية، ومن المجلس القومي لحقوق الإنسان وشخصيات سياسية أخرى. ودارت مناقشات حول تصورات السجناء والمحبوسين، وعدد كبير منهم معروفون للرأي العام، للمستقبل السياسي وموقفهم من اتجاهات الدولة في مختلف المواضيع في الفترة الأخيرة.

وذكرت المصادر أن عدداً كبيراً من هؤلاء السجناء والمحبوسين تلقوا وعوداً صريحة بالعفو قريباً، مع التشديد على ضرورة التزام الصمت بعد الخروج وعدم التفاعل مع وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام، لكن مر وقت طويل من دون تحقق ذلك، بينما تم تسجيل ملاحظات سلبية على عدد منهم بسبب تطوّر المناقشات في بعض الحالات لمشادات كلامية. كما تم إجراء بحوث اجتماعية لأكثر من 3000 سجين لدراسة إمكانية العفو عن الحالات الأكثر احتياجاً وتأزماً على المستوى الاقتصادي، لكن لم يتم البت في الأمر بشكل نهائي حتى الآن، نظراً لتوصيات من الأمن الوطني والمخابرات العامة تزعم وجود خطورة في إحياء الامتدادات الاجتماعية لتيار الإسلام السياسي.

وكشفت المصادر أن الفترة المقبلة ربما تشهد الإفراج عن معتقل أو أكثر على ذمة قضية "خلية الأمل" تحديداً، والتي لم تكن توافق المخابرات العامة والأمن الوطني على خروج معظم المعتقلين على ذمتها، وبسبب اتهامهم في قضايا أخرى أيضاً، علماً بأن جميع المتهمين بها مدرجون على قائمة الإرهابيين، أي ممنوع سفرهم وتصرفهم في أموالهم. وتضم هذه القضية رامي شعث، الناشط ضد الصهيونية المتزوج من مواطنة فرنسية ونجل السياسي الفلسطيني نبيل شعث، وعلى الرغم من الإلحاح الفرنسي المتكرر خلال عام تقريباً، حرص السيسي ووزير الخارجية سامح شكري على عدم إعطاء أي تعهدات بقرب إطلاق سراحه.

وكان السيسي قد أصدر في 20 نيسان الماضي قائمة عفو تضم 1686 شخصاً تبيّن أن معظمهم من المواطنين الذين اعتُقلوا وحوكموا بصورة سريعة عام 2020 أمام القضاء العسكري وأدينوا بارتكاب جنح عسكرية، لتورطهم في مخالفات البناء، كما تضمّنت الكاتب الصحافي مجدي أحمد حسين، بعد أيام من إفراج وزارة الداخلية عنه رسمياً، على الرغم من قضائه فترة عقوبته بالفعل. وبحسب مصدر أمني مطلع، تضمّنت القائمة أقل من ثلاثين مواطناً اعتُقلوا في قضايا سياسية حديثة نسبياً، بتهمة الانتماء لجماعة محظورة، مما يعني تنحية ملفات المعتقلين السياسيين بشكل عام جانباً عند الإعداد لهذه القائمة، وتأجيل الاستجابة للوساطات والمطالبات السياسية والنقابية المبذولة حالياً لإعادة إصدار قرارات العفو التي تشمل السجناء السياسيين، خصوصاً المدانين في قضايا بين عامي 2013 و2016.