العدد 1521 /27-7-2022


أسدل الستار على عملية الاستفتاء التي شهدتها تونس، يوم الاثنين، للتصويت على مشروع الدستور الذي قدّمه الرئيس التونسي قيس سعيّد، ويحاول من خلاله تدعيم سلطاته وصلاحياته، وانتهت بنتيجة ضعيفة، في ظل حركة مقاطعة واسعة من الطيف السياسي.

وفي نتائج أولية غير نهائية، أعلن رئيس هيئة الانتخابات التونسية، فاروق بوعسكر، أن عدد المشاركين في التصويت على الدستور الجديد بلغ 2458985 ناخباً، من مجموع الناخبين الذين يبلغ عددهم نحو 9 ملايين و278 ألفاً و541 ناخباً، وبنسبة تصويت وصلت إلى 27.54 بالمائة، مؤكدا أن هذا دون اعتبار المراكز التي لا تزال تستقبل الناخبين، حيث أن هذه النتائج أولية وأن النسبة قابلة للتغيير وللارتفاع باعتبار أن بعض مكاتب الاقتراع ما زالت مفتوحة في الخارج وتستقبل الناخبين.

وتعني هذه التسبة أن 72.5 بالمائة من الناخبين قاطعوا الانتخابات والتصويت على مشروع الدستور الجديد.

وبين بوعسكر أن عملية الاقتراع تمت بصفة عادية و دون تسجيل أي حوادث أو تجاوزات تذكر طول ساعات الاقتراع.

و أكد أن الهيئة ستشرع في تجميع النتائج لتستقبل المحاضر من 33 هيئة فرعية منها 27 في تونس و6 في الخارج..

وأكد أن الهيئة من المنتظر أن تتولى الثلاثاء عن النتائج الأولية للاستفتاء، مرجحا أن يكون ذلك عشية يوم غد الثلاثاء وهي نتائج أولية باعتبار مرحلة الطعون التي قد تكون موجودة.

وتبقى النتيجة المعلنة ضعيفة، مقارنة بكل الانتخابات في السنوات الأخيرة، إذ بلغت نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية لسنة 2014، 65.5% للدورة الأولى، مقابل 62.6% للثانية.

وكانت نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية في 2019، التي شهدت عزوفاً كبيراً بحسب الخبراء، 48.98% في الجولة الأولى، و%55.02 في الجولة الثانية.

وبلغت نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية لسنة 2019، 41.3% وفقاً للتقديرات الرسمية التي صرحت بها الهيئة العليا للانتخابات.

رئيس الهيئة وقتها، نبيل بفون، قال إنّ العدد الإجمالي للناخبين المسجّلين في التشريعية 7 ملايين و65 ألفا و885 ناخبا.

بينما بلغ العدد في 2022 نحو 9 ملايين و278 ألفا و541 ناخبا تونسيا، (من حوالي 12 مليون نسمة).

وهذه النتيجة لمشروع الدستور الذي قدمه قيس سعيد، تأتي رغم أن مراكز الاقتراع فتحت أبوابها عند الساعة السادسة صباحاً وأغلقت في العاشرة ليلاً، في حين أنها كانت في السابق تفتح أبوابها بدءاً من الساعة الثامنة صباحا بالتوقيت المحلي وتغلق في السادسة مساء، أي أن هناك تمديداً لمدة ست ساعات كاملة في هذه الانتخابات.

وفي أول تعليق له، قال الرئيس التونسي قيس سعيد إن أول قرار بعد الاستفتاء على الدستور سيكون وضع قانون انتخابي.

وأضاف سعيد أن هذا القانون سيغير شكل الانتخابات القديمة.

ومضى قائلًا إن "ما فعله الشعب التونسي درس للعالم"، رغم ضعف المشاركة.

واعتبرت جبهة الخلاص الوطني المعارضة في تونس أن "قيس سعيد فشل فشلا ذريعا في نيل التزكية الشعبية لمشروعه الانقلابي، وفقد بذلك كل مبرر للاستمرار في الحكم"، وطالبته بناء على ذلك "بالاستقالة وفسح المجال لتنظيم انتخابات عامة رئاسية وتشريعية سابقة لأوانها".

وذكرت الجبهة، في بيان لها مساء الإثنين، "الآن وقد أُسدل السّتار عن مسرحية الاستفتاء الذي نظّمه قيس سعيد، فانّ جبهة الخلاص الوطني وبناء على النتائج الأوليّة المعلنة، تؤكد أن زهاء 75% من الناخبين التونسيين رفضوا منح تزكيتهم للمسار الانقلابي الذي دشنه قيس سعيد على مدى السنة الماضية، كما رفضوا اضفاء الشرعية على مشروع دستوره الاستبدادي".

وقالت الجبهة إن "الأرقامَ التي أعلنتها الهيئةُ المشرفة على الاستفتاء والتي نصبها لهذا الغرض، جاءت بعيدة كل البعد عما لاحظه المراقبون المحليون والأجانب من عزوف الناخبين عن مكاتب الاقتراع على مدى اليوم الانتخابي وهو مَا يُعزز الشكوك في حياد واستقلالية هاته الهيئة ومصداقية الأرقام التي أعلنت".

وأكدت الجبهة تمسكها "بدستور 27 يناير 2014 باعتباره مرجعا وحيدا للشرعية الدستورية للبلاد"، معتبرة أن "سعيد بما أقدم عليه من اغتصابٍ للسلطة وتزوير للارادة الشعبية قد وضع نفسه خارج إطار الحوار الوطني"، وناشدت "القوى الوطنية السياسية والمدنيّة بفتح مشاورات عاجلة من أجلِ عقد مؤتمر للحوار الوطني".

وتعليقاً على هذه النتائج، قال رئيس حزب العمل والإنجاز، عبد اللطيف المكي، لـ"العربي الجديد"، إن "هذه النسبة تعتبر بالتأكيد ضعيفة، لأنها لا يمكن أن تكون قاعدة يبنى عليها لمرحلة تأسيسية"، وأوضح "تبقى نسبة متدنيّة بالنظر إلى ما يدّعيه سعيد وتروّجه شركات سبر الآراء على شعبية سعيد الواسعة". وأكد "نحن لا تعنينا هذه النسبة لأننا نقاطع كل المسار، ونعتبر أن هذا ليس استفتاء حقيقياً وإنما جاء بهدف شرعنة الانقلاب، ونحن لا نناقش هذه التفاصيل، برغم كل ما يمكن أن يقال حول العملية الانتخابية في حد ذاتها".

بدورها، قالت عضوة مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب"، شيماء عيسى، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "خروج رئيس الجمهورية اليوم وكسره للصمت الانتخابي يعد خرقاً جسيماً للانتخابات، خاصة وأنه توجه للتونسيين والتونسيات وأمرهم بالتصويت له ولمشروعه"، مبينة أنه "مع ذلك لم تتم الاستجابة له رغم وجود بعض الذين صوتوا، وهؤلاء لديهم قناعاتهم الشخصية، ولكن نسبة هامة أخرى لم تصوت رغم استعمال أجهزة الدولة في التحريض على المشاركة وحث الناس على ذلك".

وأوضحت أنه "برز غياب واضح للملاحظين، وتم التنكيل ببعض الإعلاميين، وكان واضحاً خلو مراكز الاقتراع من المقترعين، ومع ذلك تصر الهيئة على تضخيم الأرقام"، وشددت على أنه "حتى وإن سلمنا بأن هذه الأرقام حقيقية، فإنها تبين الهزيمة النكراء لسعيد الذي لا يزال يتحدث عن المشروعية الشعبية، وحتى لو وصل إلى 30 بالمائة، فإن هذا غير كاف للقول إن هناك اتفاقا على دستوره".

إلى ذلك، قال رئيس الجمعية التونسية من أجل نزاهة وديمقراطية الانتخابات "عتيد" بسام معطر، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "الجمعية لم تلاحظ وجود صفوف انتظار طيلة اليوم"، مؤكداً أنه "كان هناك بطء شديد في الصباح وتحسّن تدريجياً من العاشرة إلى الواحدة بعد الزوال".

وأضاف أن "مستوى الإقبال انخفض بصفة كبيرة وسجل عودة صغيرة بعد الخامسة مساء"، موضحاً أنه "إجمالاً النسق بطيء، والإقبال ضعيف إلى متوسط، ومن خلال جولتي على بعض مراكز الاقتراع فإن هناك ناخبين، ولكن ليسوا بالأعداد الكبيرة التي من شأنها أن تحدث قفزة في نسبة المشاركة".

وأكد المتحدث أن "الجمعية عاينت خروقات تتمثل في تواصل الحملة الانتخابية وخرق الصمت الانتخابي خلال الفترة المسائية، إذ لوحظ وجود ممثل معروف يتنقل داخل مركز الاقتراع وكان يحاول القيام بحملة، وفي ذلك مخالفة قانونية" .

بدوره، أكد فتحي بلحاج من "لجنة اليقظة من أجل الديمقراطية في تونس"، أن الإقبال في بلجيكا كان ضعيفاً جداً، "ربما بسبب الحرارة المرتفعة وفصل الصيف، ولم تتجاوز 5 إلى 6 بالمائة في مكاتب الاقتراع صباحاً مثلاً".

وتابع "بالنسبة لبلجيكا لا يتم تحيين مراكز الاقتراع مع كل انتخابات، وهيئة الانتخابات لم تبذل أي مجهود لتحيين السجلات، ففي بلجيكا يوجد 9 مكاتب اقتراع فقط، وليس هناك أي تشجييع للتونسيين في الخارج، بينما نلاحظ أن الهيئة بصدد صرف العديد من الأموال، وفي المقابل لا تقوم بشيء".

وقال أوسان أورتريا، وهو ملاحظ دولي من الكاميرون، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن ما لاحظوه يؤكد أن "هناك ضعفاً في المشاركة، وهناك في المقابل مشاركة خاصة لكبار السن الذين صوتوا صباحاً وفي الساعات الأولى"، مبيناً أنه "مع منتصف النهار تقريباً كانت هناك مشاركة للنساء مقابل عزوف واضح وكبير للشباب".