العدد 1423 / 29-7-2020
عبد الله المجالي

بتفويض البرلمان المصري للجيش بالقيام بعمليات مسلحة خارج حدود البلاد، يكون النظام المصري قد استكمل الإجراءات الدستورية والقانونية لدخول القوات المصرية إلى ليبيا لمواجهة قوات الحكومة الليبية الشرعية المعترف بها دوليا. وهو بذلك يعتمد على طلب مقدم من برلمان طبرق المعترف به دوليا، رغم أن جلساته مشكوك في قانونيتها نظرا لفقدان نصابه منذ انشقاق عدد كبير من النواب عنه وإنشاء برلمان مواز في طرابلس.

تأتي هذه التطورات بالتزامن مع بدء إثيوبيا رسميا ملء سد النهضة دون التوصل إلى أي اتفاق يحفظ حقوق مصر التاريخية في مياه النيل، ما سيكون أكبر خطر يواجهه الشعب المصري في تاريخه القديم والحديث!

دول عربية حرضت مصر منذ انهيار قوات حليفهم خليفة حفتر على التدخل بشكل مباشر في النزاع الليبي، ومنذ ذلك الحين كانت القاهرة ترسل الرسائل تلو الرسائل لاستعدادها لذلك، وكانت تطمح أن تكون تلك الرسائل رادعة للحكومة الليبية الشرعية ومن ورائها حليفها التركي، لكنها قدمت مبادرة منحازة جدا لصالح حلفائها؛ ما استفز حكومة الوفاق الشرعية وجعلها ترفضها جملة وتفصيلا.

منذ البداية لم تكن مصر جهة محايدة، وكانت تدعم قوات خليفة حفتر التي ارتكبت جرائم حرب مخزية ضد الليبيين، كما دعمته حين حاصر العاصمة طرابلس، ومنع عنها المياه وقصف أحياءها السكنية، في الوقت الذي صمتت فيه الجزائر وتركت حكومة الوفاق تواجه مصيرها؛ ما اضطر حكومة الوفاق للبحث عن حليف قوي وصادق يقف معها ضد الصلف الحفتري وداعميه، فوجدت مطلبها في أنقرة التي بدت وكأنها تنتظر تلك اللحظة للالتفاف على المخططات الساعية لحشرها في مياهها الإقليمية، فوجدتها فرصة لتوقيع اتفاق بحري مع الحكومة الليبية يفشل تلك المخططات، ولقاء ذلك قدمت دعمًا عسكريًّا كبيرًا للحكومة مكنها من دحر قوات حفتر عن العاصمة، وغرب ليبيا كله.

والآن فإن طبول الحرب تقرع في القاهرة لكن في المكان الخطأ، ورغم أن المراقبين منقسمون حول جدية النظام المصري بتنفيذ عمليات عسكرية في ليبيا، فإن مخططات القاهرة لدعم وتسليح القبائل الليبية ستكون وصفة خطيرة جدًّا ليس على ليبيا فحسب، بل على جوارها العربي وعلى أوروبا أيضا.