فايز الدويري

السلاح النووي سلاح فتّاك، يستخدم عمليات التفاعل النووي معتمداً في قوته التدميرية على عمليات الانشطار أو الاندماج النووي، ونتيجة لهذه العملية تكون قوة انفجار قنبلة نووية صغيرة أكبر بكثير من قوة انفجار أضخم القنابل التقليدية.
راهن الانتشار النووي
تم تطوير القنبلة النووية ضمن مشروع مانهاتن خلال الحرب العالمية الثانية، حيث فُجّرت أول قنبلة نووية للاختبار في 16 تموز 1945 بصحراء ألاموغوردو (Alamogordo) الأميركية، وكان ذلك الانفجار ثورة في عالم المواد المتفجرة التي كانت تعتمد على الاحتراق السريع لمواد كيميائية، تؤدي إلى نشوء طاقة معتمدة فقط على الإلكترونات في المدار الخارجي للذرّة، بينما تستمد القنبلة النووية طاقتها من انشطار نواة الذرة.
وفي 29 آب 1949 نفذ الاتحاد السوفياتي أول تفجير تجريبي لقنبلة نووية في كزاخستان، وتلته بريطانيا عام 1952، ثم فرنسا 1960.
وقد بدأت مرحلة جديدة من نشر الأسلحة النووية -كوسيلة للدفاع الاستراتيجي- عندما نجح الاتحاد السوفياتي في تصنيع صواريخ ذات رؤوس نووية عابرة للقارات في أيار 1957. واستغل جون كندي ذلك في حملته الانتخابية واعداً بتطوير تقنية الصواريخ الأميركية، وتضييق الفجوة التي كانت تهدد الأمن القومي الأميركي، وكان له ذلك.
توجد خمس دول أعلنت أنها نووية وقامت بتوقيع معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، وهي أميركا (6.970 رأساً نووياً)، والاتحاد السوفياتي سابقاً/روسيا حالياً (7.300 رأس)، وفرنسا (300 رأس)، والصين (260 رأساً)، وبريطانيا (215 رأساً).
وتضاف لهم الهند (110-120 رأساً)، وباكستان (120-130 رأساً). وهي دول غير موقِّعة، وتمتلك إسرائيل نحو (200 رأس نووي)، وكوريا الشمالية (10 رؤوس نوية)، فيما تُتهم إيران بالسعي لتطوير برنامجها النووي الذي جرى احتواؤه مؤقتاً عبر اتفاقية «5+1».
توجد ثلاثة أنواع رئيسية من الأسلحة النووية، وهي:
1- الأسلحة النووية الانشطارية: وتكمن قوتها في عملية الانشطار النووي لعناصر ثقيلة مثل «اليورانيوم 235» و«البلوتونيوم 239»، حيث تحفَّز هذه العناصر بواسطة تسليط حزمة من النيوترونات على نواتها التي تؤدي لانشطارها إلى عدّة أجزاء، وكل جزء مكون بعد الانشطار الأولي يملك نيوترونات لتحفيز انشطار آخر، وهكذا تتولد سلسلة من الانشطارات.
2- الأسلحة الاندماجية: ويكمن مصدر قوتها في عملية الاندماج النووي الناتج عن اتحاد نوى (جمع نواة) خفيفة الكتلة مثل عنصر الديتيريوم وعنصر الليثيوم، لتكوين عناصر أثقل من ناحية الكتلة منتجةً كميات كبيرة من الطاقة، ويطلق على هذه القنابل الهيدروجينية. 
3- الأسلحة النووية التجميعية: وتجري صناعتها بخطوتين بدمج كتلتين، كل منهما دون الكتلة الحرجة للوصول إلى الكتلة فوق الحرجة، ومنها القنابل ذات الانشطار فوق المصوّب وقنابل الانشطار ذات الضغط العالي.
ويضاف إلى ذلك ما أُطلق عليه «القنبلة النظيفة» أي قنبلة النيوترون، وتسمى أيضاً رأس الحربة الإشعاعية، وهي لا تدمر المنشآت ولكنها تبيد الكائنات الحيّة بكمية النيوترونات المنطلقة منها.
وقد استُخدمت مجموعة من النظم لإيصال القنابل النووية إلى أهدافها، منها الإسقاط الحر والصواريخ الموجهة والصواريخ الجوالة، والمدفعية والألغام الأرضية وقذائف الهاون.
نظريات التعامل النووي
أدى السباق النووي المحموم بين أميركا والاتحاد السوفياتي إلى ظهور العديد من النظريات الاستراتيجية لتحديد ذلك الخطر وتحييده، ومن أهمها:
1- نظرية الردع النووي: وتعني توافر القدرة التي تُرغم الخصم على التراجع عن تصرف معيّن، أو إحباط الأهداف التي يتوخاها عبر إلحاق خسارة جسيمة به، ويرى البعض أن الهجوم الأميركي النووي على مدينتيْ هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين هو الذي منع ستالين من نقل قواته من منشوريا للمشاركة في الهجوم الأخير على اليابان.
2- استراتيجية الاحتواء: وتعتبر أولى حلقات الاستراتيجية الأميركية في عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية، وقد وضع أسسها الديلوماسي الأميركي جورج كينان ونفذها الرئيس الأميركي هاري ترومان، وكانت تمثل الرد على الاستراتيجية التوسعية للاتحاد السوفياتي بتطويقه بجدار سميك من الأحلاف والقواعد العسكرية.
3- نظرية الرد (الانتقام) الشامل: وتُعرف بأنها العمل المتَّخذ لمواجهة أي شكل من أشكال العدوان بقدرة تدميرية هائلة، وهي الاستراتيجية التي تبنتها أميركا بداية خمسينات القرن العشرين، إذ بلور أسسها جون فوستر دالاس.
4- استراتيجية الرد المرن (الاستجابة المرنة): وتعرف بأنها المقدرة على القيام برد فعل حاسم على أي تهديد أو هجوم، بما يتناسب وظروف الصراع. وقد بلور الإطار النظري لها رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية الجنرال ماكسويل تيلر وتبنتها بلاده في ستينات القرن الماضي.
5- نظرية التدمير المؤكد: وضع هذه النظرية وزير الدفاع الأميركي روبرت ماكنمارا، ومفادها أن تعزز أميركا مقدرتها على الرد بالضربة الثانية إلى أقصى ما تسمح به الظروف، وذلك عبر الاحتفاظ بقوات تكون من الضخامة بحيث تستطيع أن تدمر كل الطاقات العسكرية والمدنية والهياكل الاجتماعية للخصم، إذا ما نشبت حرب نووية تامة بينهما.
ورغم سباق التسلّح والتنافس المحموم بين القوتين العظميين؛ فقد برزت أصوات منذ الخمسينات مناهضة لعمليات الاختبار والتسلح النووي، خاصة بعد أن أُجري ما بين حزيران 1945 وكانون الأول 1953 أكثر من 50 انفجاراً نووياً تجريبياً.
بدأت أولى المحاولات للحد من انتشار الأسلحة النووية عام 1963، حيث وقّعت 135 دولة على اتفاقية سُمّيت معاهدة الحد الجزئي من الاختبارات النووية، وأشرفت الأمم المتحدة على هذه المعاهدة، علماً بأن الصين وفرنسا لم توقعا عليها رغم أنهما من الدول ذات الكفاءة النووية.
في عام 1968؛ وُقِّع على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، ولكن الهند والباكستان لم توقعا عليها، فيما انسحبت منها كوريا الشمالية عام 2003، وفي 1978 قدمت أميركا تعهداً بعدم اللجوء إلى استخدام السلاح النووي ضد الدول التي لا تمتلكه، ثم التزمته الدول النووية الأخرى، كما وقعت أميركا على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية عام 1994.
وفي 10 أيلول 1996 أُقرت معاهدة جديدة سُمّيت «معاهدة الحد الكلي من إجراء الاختبارات النووية»، وفيها مُنع إجراء أي تفجير للقنابل النووية، حتى لأغراض سلمية، ووقعت عليها 71 دولة فيما تأخرت 41 دولة عن التوقيع أو المصادقة على توقيعها.}