العدد 1522 /3-8-2022


عدنان عبد الرزاق

رغم الانتعاش الكبير في أرقام الوافدين والصادرات المسجلة رسميا في تركيا، فإن آمال السلطات في جذب 40 مليون سائح بعائدات تفوق 30 مليار دولار قد تخيب ما لم تجد الحكومة ومن يهمهم الأمر، حلاً للعنصريين الذين يتنامون في البلاد، كما الفطر، بل وأكثر.

فنداءات الطرد لم تعد تقتصر على السوريين أو الأفغان، كما أن الإساءات والتحريض، ما عادت حكراً على رئيس بلدية بولو، تانجو أوزجان أو رئيس حزب النصر، أوميت أوزداغ، بل بدأت تغدو سمة في الشارع التركي، وتطاول كل الناطقين باللغة العربية ومن يحسب "العنصريون الجدد" أنهم لاجئون.

منذ أيام قليلة، نشرت وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، تعرّض شاب مصري للضرب المبرح داخل وسائط النقل "متروبوس" بذريعة أنه صور خلسة أمرأة تركية.

وقبلها بأيام، تعرّض صحافي إسباني وزوجته، للضرب بالشارع لظن أتراك أنهما سوريان، وهذي الأمثلة الطازجة، تأتي بعد استفحال الحملات على العرب والسوريين بتركيا، ما رفع من حوادث القتل والإساءة إلى مؤشرات مخيفة.

قصارى القول: حتى الآن، لم تنعكس حملات الكراهية المتنامية، وقائع مخيفة على أرقام السياحة، رغم عدم إخفاء ساسة وقادة أحزاب معارضة، اعتمادهم العنصرية أداة لكسب انتخابات العام المقبل وورقة توصل الحالمين للبرلمان أو كرسي الرئاسة، بعد تحميل اللاجئين، كل أوزار تراجع مستوى المعيشة وتضخم الأسعار وتراجع سعر صرف الليرة التركية.

بيد أن الحال لم يدم، بواقع تعميم استهداف كل الناطقين بالضاد، بمن فيهم سياح منطقة الخليج العربي الذين تعول عليهم تركيا، بعد التقارب والمصالحات الأخيرة، ليس بتحسين أرقام عائدات السياحة والقدوم، بل وبلوغ حلم الصادرات عتبة 300 مليار دولار هذا العام.

فمؤشرات إيرادات السياحة عن الربع الثاني من هذا العام، دللت على تنام بنسبة 190% عن الفترة نفسها من العام الماضي، وزادت نسبة عدد الزوار الأجانب، بنحو 145%، لكن نسب السياح العرب لا يجب الاستهانة بها، فإن لم يحل العرب في المرتبتين الأولى والثانية، فهم ربما من أوائل المنفقين، إن بشراء المنازل أو بالإنفاق السياحي، خاصة خلال الأعياد وما صدر من تصريحات تركية، حول حجم المبيعات للزوار العرب.

نهاية القول: يؤثر ساسة تركيا وحكومتها، تصفير المشاكل مع دول الجوار، ومحاولات رأب الصدوع مع دول الخليج ومصر، لزيادة التعاون ورفع أرقام التبادل، بهدف بلوغ حلم تركيا العام المقبل، إن بدخول نادي العشرة الكبار، أو وصول السياح عتبة السعبين مليوناً، بعد خيبات أنقرة المتكررة، من دخول الاتحاد الأوروبي أو قبول القارة العجوز بالنمر التركي.

لكن في مقابل ذلك، نرى تزايد حملات الكراهية الآتية من الأحزاب المعارضة التي امتدت إلى الشارع، تجاه كل عربي أو أسمر البشرة، على نحو يستدعي إشعال الضوء الأحمر وقطع دابر ظاهرة تتضخم يوما بعد آخر، لأن التراخي وتعدد وجوه القانون قد يعيد إلى الواجهة شعار "احذروا السياحة التركية".

وهذه المرة، لا يمكن لتركيا تحميل "المتآمرين" وزر تراجع محتمل في المستقبل لأرقام الصادرات وأعداد القادمين والعائدات المنتظرة منهم، بعدما سجلت أرقاما جيدة في الربع الثاني من العام الجاري، لأن الأمان واحترام المضيف، هما ركنا السياحة، ويأتي رخص العملة وجمال الطبيعة وما شئتم، ثانياً وثالثاً ورابعاً.