العدد 1354 / 20-3-2019

أعاد الاشتباك المحدود بين الجيش العراقي من جهة ومسلحين أكراد يتبعون لحزب العمال الكردستاني، في قرية حصاويك قرب سنجار، شمال غربي الموصل، عاصمة محافظة نينوى، إشعال خلاف سياسي حول وجود الحزب المسلح، كما أعاد توجيه الأنظار حيال تحفظ إيران على أي خطوة عراقية لطرد عناصر حزب العمال الكردستاني من الأراضي العراقية، في الوقت الحالي.

وأسفر الاشتباك، بحسب مصادر طبية وعسكرية عراقية، عن مقتل جنديين عراقيين وجرح ستة آخرين، أحدهم تم دهسه بواسطة سيارة تابعة لمسلحي حزب العمال الكردستاني، خلال محاولتهم تجاوز حاجز عسكري للجيش يتبع للواء 72 في الفرقة الخامسة عشرة التي كان لها دور في تحرير مناطق سهل نينوى من سيطرة تنظيم "داعش" في العام 2016. ووفقاً لبيان أصدرته السلطات العراقية، فإن "قوة من حزب العمال الكردستاني اعتدت على حاجز عسكري تابع للفوج الأول في اللواء 72، بعدما طالب أحد الجنود القوة بالحصول على الموافقات الأمنية بغية السماح لها باجتياز السيطرة". وأضاف البيان أن "القوة قامت بدهس الجندي والاعتداء على أفراد الحاجز العسكري، ما أدى إلى نشوب اشتباك بين الطرفين أسفر عن مقتل جنديين وإصابة آخرين".

وأعقب البيان الأول الصادر عن خلية الإعلام الحربي، بيان آخر اتهم فيه مسلحي حزب العمال الكردستاني بمحاولة إدخال أشخاص من سورية إلى العراق. كما اتهم البيان وحدات حماية سنجار، وهي مليشيات أيزيدية كردية، بمحاولة مساعدة عناصر حزب العمال الكردستاني والوقوف معهم ضد الجيش العراقي، وهو ما يؤشر إلى أزمة جديدة داخل "الحشد الشعبي" الذي وافق أخيراً على ضم هذا الفصيل إليه. ورغم إعلان مسلحي حزب العمال الكردستاني، في 25 آذار العام الماضي، مغادرتهم سنجار، وذلك بعد مهلة قدمها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لانسحاب مسلحي الحزب من المدينة أو تنفيذ عملية عسكرية ضده، إلا أنه ما زال يمتلك ثكنات في سنجار ومخمور، عدا عن معاقله الرئيسية في جبال قنديل الحدودية مع تركيا وإيران، فيما أعلن وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، يوم الإثنين، انطلاق عملية عسكرية تركية إيرانية مشتركة على الحدود الشرقية بين البلدين ضد حزب العمال الكردستاني، وهو ما سارع مصدر عسكري إيراني إلى نفيه.

ووفقاً لمصادر محلية في سنجار، فإن حزب العمال الكردستاني يمتلك حالياً أكثر من 30 مقراً له في المدينة وقرى ومناطق أخرى حولها، أبرزها بارة وسنوني وخانة صور وقرطبة وعين فتحي وكرسي وكذلك جبل سنجار، مشيرة إلى أنه يتورط بعمليات تهريب النفط السوري من مناطق حدودية مع العراق بالتعاون مع مافيات وشبكات تجارة النفط في إقليم كردستان العراق، التي تتعامل بدورها مع جهات تركية وإيرانية. وأشرف حزب العمال الكردستاني على تدريب الآلاف من أبناء مدينة سنجار من الأكراد الأيزيديين على القتال، وشكل ما يعرف بوحدات حماية سنجار وكذلك مليشيا "أيزيد خان" التي تدين بالولاء لحزب العمال الكردستاني. وقال قائممقام سنجار فهد حامد، لـ"العربي الجديد"، إن "الوضع الأمني مستقر حالياً ولا وجود لأي اشتباكات بين الجيش العراقي وقوات حماية سنجار أو العمال الكردستاني"، إلا أن ضابطاً عراقياً في قيادة عمليات نينوى أكد، لـ"العربي الجديد"، أن الحكومة العراقية منعت، هجوماً للجيش العراقي على مواقع حزب العمال الكردستاني رداً على قتل الجنديين.

وقال مسؤولون عراقيون في بغداد، إن "الهجوم أعاد إلى الواجهة ملف وجود مسلحي العمال الكردستاني في الشمال العراقي، وعلى مساحة تتجاوز أكثر من 7 آلاف كيلومتر مربع، وامتلاكه نفوذاً واسعاً في مناطق أخرى خارجها". وقال وزير عراقي، في اتصال مع إن "ملف حزب العمال الكردستاني سياسي وليس أمنياً في العراق". وأضاف "هناك أطراف لا تريد من بغداد القضاء على وجود مسلحي الحزب. بإمكان الجيش العراقي سحقه خلال أيام وإجباره على العودة من حيث أتى بالقصف الجوي والتحرك البري، لكن الإيرانيين لا يرغبون بذلك حالياً، وملفهم تحديداً لدى الحرس الثوري وليس لدى العراقيين". وتابع أن "الأتراك يضغطون منذ سنوات على بغداد لمعالجة هذا الموضوع، ووصل الأمر إلى المساومة على زيادة حصة العراق من مياه دجلة وسحب المعسكر التركي الموجود في بعشيقة إن قامت بغداد بطردهم، لكن الموضوع يرتبط برغبة جهات داخل إيران في إبقائهم داخل العراق". وكشف عن "وجود مناطق كاملة بين دهوك في إقليم كردستان والحدود التركية خارج سلطة الدولة الاتحادية وسلطة إقليم كردستان، ولا توجد فيها أي قوات عراقية، وتحكمها مليشيا العمال الكردستاني منذ سنوات".

واعتبر عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية نايف الشمري، في حديث مع أن "الاشتباك متوقع، وجرى بعدما اعترض الجيش العراقي قافلة لمسلحين حاولوا تهريب أشخاص من سورية إلى داخل العراق. وأضاف أن "لجنة الأمن في البرلمان أوصت قبل أيام ضمن لجنة تقصي الحقائق بأن تكون سنجار تحت سلطة الجيش العراقي فقط"، مؤكداً أن "عناصر موالية لحزب العمال ضربت قواتنا خلال الاشتباك أيضاً". واتهم القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني ماجد شنكالي بغداد بعدم الجدية في حل مشكلة حزب العمال الكردستاني في سنجار لأسباب غير معروفة. وأضاف، لـ"العربي الجديد"، أنه "لطالما حذرنا من وجود حزب العمال في سنجار وضرورة أن تعمل القوات العراقية على إخراجهم، وحدث ما حدث ليلة الأحد. على الحكومة أن تخرجهم الآن، فهم عدا عن كونهم مليشيا مسلحة غير عراقية توجد على أرض عراقية، يهددون أمن المدينة". وأضاف "للأسف هناك عناصر يعملون ضمن الحشد الشعبي ويتسلمون رواتب من الحكومة وقفوا مع حزب العمال الكردستاني ضد الجيش العراقي وأطلقوا النار عليه"، معتبراً أن "الحديث سابقاً عن انسحاب العمال من سنجار كذب ومسرحية، وهم حالياً موجودون في سنجار وسنون وقرى حدودية مع سورية وفي جبل سنجار ويتدخلون في كل شيء، حتى بالجانب الإداري واختيار موظفي ومسؤولي الدوائر".

وتقع مدينة سنجار شمال غرب الموصل، ضمن محافظة نينوى، وتبعد نحو 50 كيلومتراً عن الحدود مع مدينة الحسكة السورية و70 كيلومتراً عن الحدود التركية، وتضم ثلاث نواح وأكثر من 60 قرية، وهي خليط من العرب المسلمين من عشائر شمر وعبيد، والعرب المسيحيين، ومن التركمان والأكراد الأيزيديين، وكذلك قرى آشورية. وتعرضت المدينة لواحدة من أفظع جرائم "داعش"، إذ قام التنظيم بسبي آلاف النساء والأطفال وقتل المئات من الرجال عندما تمكن من احتلال المدينة في العام 2014، وتمكنت البشمركة الكردية والتحالف الدولي من تحريرها بعملية استمرت عدة أسابيع شاركت فيها وحدات من حزب العمال الكردستاني.