العدد 1423 / 29-7-2020
عادل نجدي

تتجه الأنظار، يوم الإثنين، إلى العاصمة المغربية الرباط، حيث يُنتظر أن تشهد مباحثات رسمية تجمع طرفي النزاع الليبي مع مسؤولين مغاربة، في مقدمتهم رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، ورئيس مجلس النواب الحبيب المالكي، ووزير الخارجية ناصر بوريطة.

ويسعى هذا الحراك الدبلوماسي لإيجاد مخرج سياسي سلمي للأزمة الليبية التي تعيش عامها التاسع، لاسيما في ظل التطورات الخطيرة التي آلت إليها الأوضاع جراء الصراع القائم بين حكومة الوفاق ومليشيا الجنرال المتقاعد خليفة حفتر.

ويأتي هذا الحراك الدبلوماسي تزامناً مع حديث عن مساع مغربية لجمع طرفي النزاع ومحاولة تقريب وجهات النظر بينهما من خلال مبادرة يجري التحضير لها، منذ شباط الماضي، لحل النزاع في ليبيا من خلال نسخة منقحة من اتفاق الصخيرات.

وتعمل الدبلوماسية المغربية على إنضاج هذه المبادرة على نار هادئة منذ عودتها للعب دور الوساطة بين الأطراف الليبية المتصارعة، إثر استبعادها من مؤتمر برلين، إذ باشر وزير الخارجية، ناصر بوريطة، في شباط ومارس/ آذار الماضيين، مباحثات رسمية وأخرى عبر الهاتف، مع طرفي النزاع الرئيسيين في ليبيا؛ حكومة الوفاق ومعسكر حفتر.

تجاهل السيسي اتفاق الصخيرات: مسعى لتصوّر ليبي يخدم حلفاءه

وكان مصدر حكومي مغربي قال لـ"العربي الجديد"، في وقت سابق، إن زيارة عقيلة ستكون مناسبة كذلك لاستئناف جهود المغرب لتقريب وجهة النظر بين الفرقاء الليبيين ودفعهم إلى الجلوس إلى طاولة المفاوضات مرة أخرى، خاصة في ظل التطورات الخطيرة التي آلت إليها الأمور بعد إعلان القاهرة، وما تلى ذلك من تصعيد وتهديد بتدخل عسكري مصري، لافتاً إلى أن "الرباط تقف موقفاً محايداً في الصراع بين مختلف الأطراف الليبية، ما يجعلها قادرة على لعب دور الوسيط المحايد".

ووفق المصدر الحكومي، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، فإن المغرب لا يزال متمسكاً باتفاق الصخيرات مع إمكانية إدخال الأطراف الليبية تعديلات عليه لينسجم مع الأوضاع المستجدة".

وأشار المصدر إلى أن الدبلوماسية المغربية تراهن كذلك على المقترح الذي كانت قد تقدمت به خلال الاجتماع الطارئ لمجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري حول الأزمة الليبية الذي عقد في 23 حزيران الماضي، والقاضي بإيجاد حل عربي للأزمة وإنشاء فريق مصغر من دول عربية معنية بالملف الليبي لإيجاد حل عربي.

وكان بوريطة، قد كشف، خلال الاجتماع الطارئ لمجلس الجامعة العربية المنعقد في 23 حزيران الماضي، عن عناوين مبادرة مغربية جديدة لإيجاد حل عربي للأزمة الليبية يقوم على إنشاء فريق مصغر من دول عربية معنية بالملف الليبي، يتولى وضع تصور استراتيجي، للتحرك العربي الجماعي للإسهام في التسوية بليبيا.

كما تقوم المبادرة المغربية، التي كشف عنها بوريطة، في كلمته أمام الاجتماع الطارئ، على ضرورة الانفتاح على الأطراف الليبية كافة والاستماع إليها وتقريب وجهات نظرها.

وبحسب رئيس الدبلوماسية المغربية، فإن هذين المقترحين، نابعان من ثوابت وتساؤلات، تتعلق بمدى توفير الجامعة العربية لتصور استراتيجي مشترك، يفتح مساراً يمكن المضي فيه للإسهام الفعلي في التسوية، وكذا مدى قدرتها على فرض نفسها كتكتل إقليمي، يؤثر في اتخاذ القرار في ما يخص القضية الليبية ويسهم في تنفيذه.

ويعتبر المغرب الاتفاق السياسي الموقع عليه في الصخيرات المغربية في 2015 بإشراف المبعوث الأممي إلى ليبيا حينها مارتن كوبلر، لإنهاء الحرب الليبية، إنجازاً تاريخياً مهماً، يُحسب للدبلوماسية المغربية ولقدرتها على المحافظة على قنوات تواصل فاعلة مع كل أطراف الصراع الليبي، كما ترى الرباط أنها "لا تزال مرجعاً مرناً بما يكفي لإدراك الوقائع الجديدة"، وأن "تكاثر المبادرات حول الأزمة يؤدي إلى تنافر بينها".

وأبدى المغرب رفضه لأي اتفاق جديد بشأن الأزمة الليبية، مؤكداً أن الاتفاق السياسي الموقع بمدينة الصخيرات المغربية هو المرجعية الأساسية لأي حل سياسي في ليبيا بالتزامن مع إطلاق مصر لمبادرتها الجديدة للوساطة في الملف الليبي.

وفي 8 حزيران الماضي، قال وزير الخارجية المغربي، خلال جلسة افتراضية لمجلس الأمن على مستوى وزراء الخارجية عُقدت لمناقشة تطورات الوضع في ليبيا، إنّ "اتفاق الصخيرات ليس مثالياً، لكن لا يوجد بديل ملائم على الطاولة، ويجب تعديل مقتضياته وتحيينها من قبل الأشقاء الليبيين"، معتبراً أنّ "بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (أونسميل) تظل أداة مهمة ينبغي تعزيزها وإعادة هيكلتها".