فهمي هويدي

 صحّح لي الصحفي السوداني محمد آدم بعض المعلومات التي أوردتها عن ملابسات تأجيل سفر وزير الخارجية المصري إلى الخرطوم، الذي كان يفترض أن يتم يوم السبت الماضي (٨/٤)، وكنت قد أرجعت سبب تأجيل سفر الوزير المصري إلى توتر الأجواء السياسية وليس سوء الأحوال الجوية كما ذكرت التصريحات الرسمية. واعتمدت في ما نشر لي بهذا الخصوص يوم ١٠/٤ على ما أوردته النشرة الجوية التي تحدثت عن صفاء الجو في الخرطوم. إلا أن الزميل محمد آدم أكد أن الأحوال الجوية كانت سيئة فعلاً يومذاك، وأن رحلة الطائرة المصرية تأجلت ثلاث ساعات لذلك السبب قبل إلغائها، رغم انتهاء إجراءات سفر ١٥٠ راكباً كانوا على متنها.
المعلومة الثانية التي صوّبها الكاتب تعلقت بالقرار السوداني الخاص بفرض تأشيرة دخول على المصريّين التي اعتبرتها من قرائن توتر العلاقات بين البلدين، إذ ذكر في هذا الصدد أن قرار الخرطوم لم يأت رداً على قرار القاهرة بضرورة الحصول على موافقة أمنية قبل السفر إلى السودان، فذلك القرار تم اتخاذه منذ أكثر من عام. وإنما جاء قرار الخرطوم لأن المواطن السوداني يشترط عليه الحصول على تأشيرة مسبقة قبل دخول مصر، وهو ما يتعارض مع اتفاقية الحريات الأربع الموقعة بين البلدين، والتي شرع السودان في تطبيقها على الفور منذ أكثر من سبع سنوات، حيث ألغى التأشيرة والإقامة وتصاريح العمل بما كفل حرية التنقل للمصريين. إلا أن الجانب المصري ظل متمسكاً بفرض التأشيرة واشترط الحصول على تصريح الإقامة. وبعد فشل المحاولات السودانية لإقناع الجانب المصري بأخذ خطوة إلى الأمام وإلغاء التأشيرة وشرط تصريح الإقامة، قررت الخرطوم الرجوع خطوة إلى الخلف تحت ضغط الرأي العام، إذ طالما عجزت مصر عن اتخاذ الخطوة الأمامية فقد صار ذلك مبرراً للتساوي بين الطرفين إعمالاً لمبدأ المعاملة بالمثل، مع أن قرار السودان لم يشر إلى مسألة الإقامة التي يتمتع بها المصريون في السودان، ويعاني منها السودانيون في مصر.
النقطة الثالثة التي صوّبها الصحفي السوداني أن مراجعة الموقف من اتفاقية عنتيبي (الخاصة بإعادة النظر في حصص مياه نهر النيل) كانت قراراً مصرياً وليس سودانياً، ذلك أن مصر هي من قرر ذلك، وكان دور السودان مقصوراً على استضافة الاجتماعات فقط.
ثمة تصويب آخر تلقيته من خبير الريّ المصري الدكتور محمد صفوت عبد الدايم، وكان تعليقاً على مقالة لي نشرت في ١٧/٣، عنوانها «هزل في موضع الجدّ»، وفيها انتقدت تصريحات أطلقها وزير الري في مناسبتين تعاقبتا خلال أربعة أشهر عن دخول مصر في عصر الفقر المائي، لأن ذلك التحذير الخطير أطلق في مؤتمرين علميّين، في حين كان ينبغي أن يخاطب الرأي العام بذلك حتى يتحمل المجتمع مسؤوليته في مواجهة الأزمة.
تعليق الدكتور عبدالدايم ركز على أن خبراء الري المصريين لم يقفوا متفرجين أمام تداعيات الأزمة وإنما بذلوا جهوداً لا تنكر للتعامل معها، منها أنهم وضعوا خطة قومية لتقنين استخدامات المياه وضبط العملية، وفي العقد الأول من الألفية الجديدة تم إعداد استراتيجية ٢٠٥٠ لتأخذ مختلف المتغيرات في الاعتبار. وعقدت لأجل ذلك ندوات ومؤتمرات تابعتها مختلف وسائل الإعلام. وفي كل ذلك ظل الموضوع المشترك هو كيفية التعامل مع تحدي ندرة المياه المتزايدة ودور كل فرد أو مؤسسة في مواجهتها، وقد شهد العام الماضي كثافة غير مسبوقة في التعبئة من خلال الإعلانات التليفزيونية والإذاعية لوزارتي الموارد المائية والإسكان. وكانت وزارة الري قد أنشأت في نهاية التسعينيات جهازاً للإرشاد المائي للتعامل المباشر مع الفلاحين وتوعيتهم بأساليب توفير المياه.}