أصدرت جماعة الاخوان المسلمين في مصر، في الذكرى الخامسة لمجزرة رابعة العدوية، بياناً جاء فيه:
(...) منذ انطلاق ثورة يناير حتى هذه اللحظة، مروراً بكل المحطات السابقة، فإن الشعب المصري لم يكف عن السعي لنيل حريته وكرامته، ولم يتوقف عن تقديم التضحيات، فما زالت أهداف «رابعة والنهضة» قائمة، وما زال أبناؤها صامدين ثابتين، وما زالوا يدفعون تكاليف الحرية دون أن ترهبهم المجازر ولا غياهب السجون ولا إملاءات التفريط والتنازل ولا تسييس القضاء ولا ازدواجية المعايير، ولا بدّ لهذا الكفاح أن يثمر يوماً ما يصبو إليه الشعب؛ من حرية وعزة ورخاء يستحقه، فلا يضيع حق وراءه مطالب، ولا تسقط راية تلتف حولها الأيادي والقلوب، وحق الشعب وقوة إرادته أقوى من بطش الانقلاب.
 وانطلاقاً من عقيدة الإخوان المسلمين بأن مقاومة الظلم دين، والعمل لمصلحة الوطن واجب، وحرصاً على إخراج الوطن من النفق المظلم الذي أدخله فيه الانقلابيون؛ فإن الإخوان المسلمين يؤكدون ما يلي:
 
ثورة يناير الرائدة هي ثورة الشعب المصري كله، والكفاح من أجل تحقيق أهدافها والحفاظ على مكتسباتها واجب على كل وطني محب للحرية غيور على وطنه وثورته. 
إن مشروع الجماعة الوطنية مشروع وطني وحضاري وسياسي متكامل؛ يهدف إلى تحقيق لحمة وتماسك المجتمع بكل أطيافه وتنوعاته، وتحقيق الإجماع الوطني والتوافق السياسي وتفعيل عقد مجتمعي جديد، الإخوان المسلمون فيه فصيل من فصائل العمل الوطني والجماعة الوطنية.
السلميّة هي خيار الشعب المصري في ثورته، وهي خيار الإخوان المسلمين في التغيير، وذلك ثابت أصيل له جذور عميقة في منهج الإخوان وتاريخهم، ويتطابق مع مبادئهم الثابتة التي يستوحونها من فهمهم للإسلام ومنهجه وتشريعاته، التي تؤكد حرمة الدماء والأموال والأعراض، ولا تجيز العدوان عليها بأي حال من الأحوال، أو بأي ذريعة من الذرائع.
الشعب المصري هو المصدر الوحيد للشرعية، يمنحها لمن يشاء، وقد أعطاها للرئيس الدكتور محمد مرسي عبر انتخابات حرة نزيهة، شهد بها العالم، ولذلك فإن الانقلاب عليه هو انقلاب على الشعب المصري كله، وإهدار لإرادته وحقه في اختيار من يحكمه، والتمسك بعودة الرئيس محمد مرسي ليس تمسكاً بحق شخصي، أو مكسب حزبي، وإنما هو تمسك بحق الشعب واختياره الحر، وأفضل طريق للخروج من هذا النفق المظلم هو عودة الرئيس محمد مرسي إلى سدة الحكم على رأس حكومة ائتلافية يتم التوافق عليها من القوى الوطنية لمدة محددة، يتم خلالها تهيئة البلاد لإجراء انتخابات حرة نزيهة تشرف عليها هيئة قضائية مستقلة، تتوافق عليها القوى الوطنية دون إقصاء لأحد.
قوى ثورة يناير ورافضو  الانقلاب الوطنيون ثروة قوميّة، وصمام أمان اجتماعي، وإن تصحيح مناخ الاستقطاب الذي صنعه الانقلابيون يقتضي الوقف الفوري للتعذيب الممنهج، والقتل خارج نطاق القانون، والإخفاء القسري، ومداهمات البيوت، وكافة الممارسات التي تزيد من الاحتقان الشعبي، ... ورفع كل ما ترتب عليها من مصادرة للأموال أو فصل من الوظائف أو منع من السفر أو غير ذلك، والأمر نفسه بالنسبة للمطاردين والملاحقين أمنياً داخل الوطن وخارجه، وذلك كخطوة أولى لتهيئة مناخ الحريات.
دماء الشهداء والجرحى من أزكى الدماء وأطهرها، فقد ضحى أصحابها بأرواحهم ودمائهم فداء للوطن، وحرصاً على عزته وكرامته وحريته، وحقوق الشهداء في القصاص العادل حق أصيل فطري وشرعي وقانوني، لا يسقط بالتقادم... ورعاية الجرحى وأبناء الشهداء وتكريمهم واجب على المجتمع والدولة.
تحقيق العدالة الناجزة، سواء في قضايا الدماء والأموال والأعراض والجرائم السياسية؛ ما يقتضي إعمال مبادئ العدالة الانتقالية في الأحداث التي مرت بالبلاد منذ ثورة يناير حتى الآن بواسطة هيئة قضائية مستقلة متوافق عليها بين القوى الوطنية.
أعضاء الإخوان المسلمين جزء أصيل من النسيج المجتمعي، وقوة فاعلة من قواه الوطنية الحيّة، وهم يسعون لخيره وخير أبنائه جميعاً، ولا يرون أنفسهم بديلاً عن الشعب، أو ممثلاً وحيداً له، ولا يحتكرون الوطنية ولا العمل الوطني، ويعتقدون أن الوطن يسع الجميع... وهم لا يفرقون بين مصري وآخر تحت سماء الوطن أو في خارج أراضيه، ويرون أن المواطنة هي القاعدة الصلبة لبناء الدولة المدنية الحديثة التي تسعى لها ثورة يناير.
يؤكد الإخوان المسلمون حرصهم المتين على الدولة ومؤسساتها التي هي ملك للشعب المصري وحده، ومن بينها المؤسسة العسكرية الوطنية، وهي إحدى مؤسسات الدولة المهمة التي يتكوّن قوامها من أبناء المجتمع المصري ومن كل أطيافه، وأنهم حريصون على استمرارها في أداء مهامها التي ينص عليها الدستور والقانون.
إننا نؤمن بأن مراجعة النفس واجب كل جماعة وفصيل، وهي حق للوطن على الجميع، وتعدّ نقطة الانطلاق لأي تصحيح، كما تمثل قاطرة الإصلاح المنشود، شريطة أن تجرى في مناخ صحيح وملائم بعيداً عن الشحناء والإثارة، ولذلك ندعو كل القوى الفاعلة في المجتمع المصري إلى مراجعة مسيرة المرحلة الماضية بكل تجرد وشفافية، وبكل حياد وموضوعية..
 وحرصاً منا على أن نحيا جميعاً تحت سماء وطن يسع الجميع، تحت مظلة القانون والدستور، نناشد الجميع وندعو إلى حوار وطني مجتمعي شامل في مناخ صحي يسمح بتحقيق البنود السابقة، حتى يمكن استعادة اللحمة الوطنية والانطلاق نحو وطن واحد لشعب واحد.
 والله أكبر ولله الحمد